في خطبة خصصها للوضع السياسي المتفاقم في البلاد...
قاسم: مجزرة «دوار اللؤلؤة» تعبر عن مدى الاستخفاف بدم الشعب
اختصر أمس إمام جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم الخطبة الدينية الأولى، وتوسع في الخطبة الثانية التي خصصها عن ماحدث في «دوار اللؤلؤة» فجر الخميس (17 فبراير / شباط 2011) وحدد موقفه أمام أكثر من عشرة آلاف شخص أحتشدوا للاستماع الى ماسيقوله. ولوحظ تواجد أعداد غير قليلة من مراسلي الصحف والوكالات العالمية.
وفي هذا الجانب قال قاسم: إن «المجزرة وما بعدها من قتل وفتك، وسقوط ضحايا بصورة مبكرة في عملية الاحتجاج، وبالعدد الذي تم، وبلحاظ حجم البلد الضيق، وعدد السكان الصغير، تبرهن على أن الوضع الرسمي في البحرين أقسى نظام»... وأوضح أن «المجزرة وما بعدها، كشفت بكل جلاء للقريب والبعيد قيمة هذا الشعب عند حكومته، ومدى استخفافها بدمه وكرامته، وقسوتها الوحشية في التعامل معه».
وأضاف «حكومةٌ تصم مسامعها عن دعوات الحوار، وتدير ظهرها لنداءاته وطلباته، وتهزأ بها عملياً، ومجلسٌ نيابيٌ صمم تصميماً دقيقاً لحماية الوضعية السياسية المتخلفة، وتأمينها من النقد، والحفاظ عليها من أن يطرأ عليها تطوير... وقوانين مررها المجلس عبر الموالاة، توصد كل باب للاحتجاج السلمي لا تلتقي معه رغبة الحكم في تكميم الأفواه، ثم إذا ضاق الناس وقالوا كلمةً وأعلنوا رأياً بشأن مأساتهم انصب عليهم عذاب السلطة وجحيمها، وارتفعت أصوات الموالاة بتخطئتهم وتعذير البطش الحكومي، وأن هناك قنوات تشريعيةً تقوم بدور التطوير والمراقبة والمحاسبة».
وقال قاسم إن «كثيراً ما ترتفع أصوات الموالاة بنصائحها التخديرية الكاذبة بالصبر على التغيير التدريجي نحو الأفضل، في الوقت الذي تسير فيه الأوضاع السياسية ووضع حرية التعبير والمشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية إلى الوراء بصورة متواصلة، وتخدرنا أصوات الموالاة بأن التغيير ماشٍ على الخط الصحيح وبصورة تدريجية. فاصبروا، في الوقت الذي تنهب فيه الثروة، وتقضم الأرض الصغيرة لهذا البلد الضيق».
وتساءل قاسم «لماذا هذا القتل الظالم العدواني الذي لا يحمل ذرةً من الاحترام للدين والإنسانية والوطن والذوق الإنساني والغيرة؟، هذا البطش الجنوني المتوحش لإسكات الشعب إلى الأبد؟ لترتجف النفوس فيغيب الصوت المطالب بالحق؟ ويقدم إنسان هذا الوطن الحياة وإن ذلة على الحرية والكرامة؟ وأن يستساغ الظلم وتنسجم النفوس مع حياة الخسة والهوان؟».
وأكد قاسم «لو كان أسلوب العنف مسكتاً لهذا الشعب، لكف العنف الذي مارسته الحكومة في حقه لسنوات طويلة لإسكاته، فأسلوب العنف أسلوب يائس إذا كان المطلوب لهذا الأسلوب أن يُسكت الشعب».
وبيّن قاسم أن «الحركة المطلبية في البحرين استمرت في ظل القهر والإرهاب الرسمي لسنوات عديدة، ما كان فيها هذا التحرك الشعبي العام في المنطقة العربية، فكيف وقد علت الكلمة من شعوب كثيرة في الأمة بضرورة التغيير والتصحيح، وكان ما كان مما تشهد الساحة العربية العامة من حركات وتحولات».
وأشار إلى أن «هذا التهور في القتل، والوغول في الدماء، والتعطش للفتك من شأنه أن يخلق قطيعة تامة بين الحكومة والشعب، وهو لن يبقي أي إمكانية لأي صوت يهدف لتهدئة الأوضاع ومداواة الجروح».
وأضاف «جريمة أخرى لا تقل شناعة عن البطش بالنفس البريئة، وهي هذا الشحن الإعلامي المركز المستمر، لخلق حالة عداء طائفي يقسم هذا الشعب إلى الأبد إلى شطرين لا يلتقيان، ويرى كل منهما في الثاني أنه عدوه الأول، والذي يتنافى معه في الوجود. وأنه ليطلب من الشعب بأكمله ولمصلحته كله، أن يكون أذكى من الاستجابة لهذا الشحن الخبيث، وهدفه القاتل».
واعتبر قاسم بأن «أمننا بات مهدداً من الحكومة المسئولة عنه، وصرنا مخيرين بين الاستسلام الكامل لما تشتهي أن تفعله بنا والاعتراف لها بالرق التام، وبين أن تحدث فينا التصفيات التي تُرى والمجزرة بعد الأخرى».
كما طالب قاسم أبناء البحرين بأن «يرعى كلٌ منا حرمة الآخر، ولا يتسرع في إساءة الظن به، وألا يأكل من لحمه ميتاً، ولا يُصدق فيه الإشاعة، وأن نُقدر رجالاتنا الذين قد يكون عملهم بصمت أكثر من عملهم في حالة النطق، ولا ننال منهم، فإن في إضعافهم إضعاف لنا، وفي النيل من كرامتهم إهدار لكرامتنا، وفي الجرأة عليهم إضعاف لدورهم الفاعل المخلص لمصلحتنا».