الشيخ عيسى قاسم ونقل الرفاق من الإخفاق إلى الوفاق
لا أمتلك يقينيات في السياسة فأنا أكره القطعيات الحازمة في الشأن السياسي، والناس يجب أن يفهموا ويدربوا ويعلموا أهمية المناطق الرمادية في العمل السياسي. هذه مقدمة للدخول في قراءة موقف الشيخ عيسى قاسم من مسألة تسجيل جمعية الوفاق الإسلامية. فموقف الشيخ كان صائبا ودقيقا وهو لصالح الجمعية ولصالح المجتمع ولصالح الوطن أيضا. ويجب أن يدعم في موقفه هذا الداعي إلى التسجيل، وخيرا فعل الشباب والمجتمع بدعم الشيخ في هذا الموقف الحكيم. كان بإمكان الشيخ عيسى أن يرفض ذلك ليفرح جمهورا هنا ويستبشر جمهور هناك، ولكن القصة ليست في ذلك وإنما يبقى سؤال مهم... سؤال علمي وموضوعي بدأ يتردد وراء كل منعطف: ماذا لو لم تقم جمعية الوفاق بالتسجيل؟ ما البديل؟ من يضمن تماسك إيقاع الجمهور؟ من يضمن عدم انزلاق الجمهور وفق هياج شعبي إلى مواقع لا تحمد عقباها؟ المسألة أكبر من العواطف وأبعد من الأحلام السياسية. ما الذي يضمن للوفاق لو أنها لم تقم بالتسجيل عدم الضياع؟ من يضمن مستقبلها؟ وما البرامج البديلة؟ وما الأسلوب القادم؟ ومن الذي سيضمن للوفاق لو أنها لم تقم بالتسجيل أنها لن تفطر هذه المرة على بصلة محروقة بعد أن فطرت على بصلة شبه محروقة بعد دخولها في خيار المقاطعة قبل ثلاث سنوات؟ الأحلام والكلام الرومانسي والأوهام تصنع أثرا في المخيلة لكن على الأرض يكتشف الحالم أنه لم يحصل على شيء. وسيكتشف الشباب الرافض للتسجيل بعد 4 سنوات بل بعد بضعة أشهر الخطأ الاستراتيجي في هذا الموقف وسيدرك مدى صوابية بقاء الوفاق واستمرارها. الشاب الذي يلقي الحجارة الآن على هذا الموقف غدا عندما يرى تداعيات عدم التسجيل سيدرك خطأ الموقف. موقف الشيخ عيسى قاسم بدعوته إلى التسجيل موقف وطني حكيم تدفعه إلى هذا الموقف المصلحة الإسلامية والوطنية ويهمه أن يعيش المواطنون البحرينيون بلا قلق، باستقرار سياسي وأمني واجتماعي. موقف الشيخ يجب أن يثمن، فعلى رغم بعض ردود الفعل القليلة الغاضبة أصر الشيخ على موقفه، هذه إضاءة إيجابية يجب شكرها من قبل الجميع، فهي تحصن الساحة من أي انزلاق خطير. إن هذا الموقف يأخذ الوفاق نحو العلنية نحو التواصل السياسي، نحو الاعتدال وليس التورم والتأجج. نتمنى من كل الجمهور البحريني أن يدفع نحو تصحيح المسيرة والأخطاء لنحفظ البحرين ونركز الاستقرار السياسي لصالح الوطن والمجتمع كي نستطيع دعم ملفات المواطنين وننجح في كل فترة زمنية ملفا آخر، فثلاثون عاما من التراكمات لا تتبدل في لحظة بل تحتاج إلى عمل دؤوب وتعاون من الجميع ومتابعة وتواصل ونتمنى من كل الإسلاميين والوطنيين المشاركة في الانتخابات المقبلة، فالحصول على 10 في المئة من التغيير أفضل من البقاء على الصفر، وها هي "حماس" تدخل الانتخابات البلدية والعراقيون يفكرون في المشاركة القادمة وعلمتنا الحياة أن الطفل "الحمسان" على العشاء ينام جائعا ثم يضطر إلى أن يأكل العشاء "المبيت" في اليوم الثاني وبأقل حصة