ثنائية السياسة والاقتصاد في خطب الجمعة أمس...
قاسم: الأمن والإعلام لا يتعارضان... توفيق: الإسلام رسم ركائز الإصلاح الاقتصادي
الوسط - حيدر محمد
تنوعت مشارب اهتمامات خطب الجمعة ليوم أمس ما بين الملفات السياسية الساخنة والقضايا الاقتصادية الملحة. فقد تناول الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته بجامع الإمام الصادق"ع" بالدراز ثنائية الأمن والإعلام، وأشار إلى أنه "لا تتحقق أجواء أمنية صادقة في ظل إعلام متوتر وكلمة نابية "..."، وتبني الإعلام الرسمي أو شبه الرسمي الكلمة من هذا النوع سبب كاف لسيطرتها على الساحة كلها في حال من الفوضى والانفلات".
ورأى الشيخ عيسى أن "الإعلام لا يكون معتدلا، وآخذا بالدين والعقل والحكمة في ظل توجهات سياسية غير عادلة. والإعلام دائما كاشف عن توجهات السياسة. والأمن ضرورة من ضرورات الأوطان، وابتعاد السياسة عن موازين الحق والعدل لابد أن يفسد الإعلام ويهدم الأمن ليقلق حياة المجتمع كله بجميع فئاته وأبنائه".
وأضاف "من منطلق الدين والعقل والحكمة، وحفاظا على مصلحة الوطن نطالب الإعلام كله رسميا كان أو أهليا ومنه الصحافة ومواقع الانترنت بنظافة الكلمة وسلامة النقد، والأخذ بأدب الحوار والاحتجاج. ومن المنطلق نفسه نطالب بإطلاق سراح الموقوفين من المتهمين في قضية الموقع الإلكتروني وسد باب كل التداعيات التي تجر إليها مثل هذه القضايا".
أما خطيب مركز جامع سار الإسلامي الشيخ جمعة توفيق فتطرق في خطبته أمس إلى ملف الإصلاح الاقتصادي، وأكد أن الشريعة الإسلامية الغراء هي التي وضعت نظاما دقيقا لهذا الملف على مستوى الفرد والمجتمع.
وقال الشيخ جمعة في هذا الصدد: "لا تخلو أمة من الأمم من السعي إلى صلاح اقتصادها، فالاقتصاد عمود فقري في كل دولة ومهم لكل فرد، والإسلام جاء بنظامه الاقتصادي ليحل محل الاقتصاد الجاهلي الذي قام على الربا والنهب وسوء التخطيط فأمن الاقتصاد بأمرين: أولهما، جعل له مبادئ وضوابط ومقاصد، والأمر الثاني: حرم كل ما يضر بالاقتصاد من ربا ورشوة وغش واحتكار وتبذير، فلكي ينجح الاقتصاد لابد فيه من طاعة الله والبعد عن نواهيه".
وتابع جمعة قائلا: "لقد رسم القرآن لنا طريقا عظيما ومحكما وواضح المعالم لضبط الخلل الذي يطرأ على الاقتصاد وهذه آفة عند كثير من الدول والأفراد وهي مشكلة وقعت في عهد سيدنا يوسف "ع" فعالجها بتعليم الله تعالى له بنظام اقتصادي يسمى الموازنة والتخطيط، ومعلوم أن مشكلة المجتمعات والأفراد تكمن في سوء التخطيط والموازنة، فمن دون التخطيط تضيع الحقوق، وبسبب التبذير وضياع الجهود يصيب الناس الفقر. ولو أتبع الناس خطة زمنية ومدة ومستوى، وادخروا وقيدوا استهلاكهم لنجحوا في توفير الكثير من الأموال".
وبدوره تناول رئيس جمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي المحفوظ في حديث الجمعة مرئيات القوى السياسية الفاعلة من الوضع السياسي الحالي "استكمالا لما مضى من حديث في الأسبوع الماضي عن جدلية الموقف من المشاركة والمقاطعة، وكان لنا رأي في مسألة المقاطعة. لكننا نؤكد أننا لسنا ضد العملية الانتخابية من حيث الأساس، لأنها تساهم بالنهوض بالحال الديمقراطية ولكنا نقف ضد التجربة البرلمانية الحالية بهذه الآلية والطريقة".
وعلل المحفوظ ذلك بسبب غياب الركائز والمنطلقات السليمة التي توفر بيئة يمارس فيها ممثلو الشعب سلطتهم "كما هو معروف سواء على المستوى الديني أو العقلي، فإن البدايات والمنطلقات يجب أن تستند إلى ضرورة البدايات السليمة حتى يتأسس المشروع على أسس ثابتة وراسخة وخصوصا في الشأن السياسي باعتبار أنه يتعلق بمختلف القضايا مثل التنمية وعلاج الأزمات القائمة "..." أما النقطة الثانية فنؤكد أننا لا نصادر رأيا لأحد، ولكن نوضح الحقيقة ونشدد على موقفنا في مسألة البدايات والمنطلقات وهذا ما نسعى إلى تحقيقه".
وأكد الشيخ المحفوظ أن الجمعيات تطالب بتفعيل الحوار، ولكن شريطة أن يكون على أسس واضحة وأن يأتي من هو صاحب قرار، "ونحن كقوى سياسة أكدنا موقفنا في رفض الحوار على الطريقة السابقة، لأن ذلك يعني أن القضية ستظل تراوح مكانها".
وفي شأن محلي آخر أدان المحفوظ اعتقال بعض المشرفين على المنتديات الإلكترونية، واعتبرها "إساءة في حق المرحلة الإصلاحية "..." لاشك في أن الناس مع تطبيق القانون والنظام، ولكن لماذا الانتقائية والازداوجية في ذلك، فلماذا تتوقف أيدي القانون في حالات كبيرة جدا، وهذا الأمر يدفع الكثيرين منا للسؤال: هل القانون يطبق على الضعفاء فقط؟ هذه سمة من سمات عدم الصدقية، لأن القانون يجب أن يطال الجميع، فمن الضروري إطلاق سراح المعتقلين".
وتطرق كذلك إلى قضية العاطلين والمحرومين وتساءل: "إلى متى يتوقف نزيف الوطن الذي تتسبب فيه هذه القضية، والتي من أسبابها غياب التخطيط السليم ونتيجة لحال الطائفية المهيمنة على الأداء"، موجها حديثه للمعنيين "إلى متى ندع أبناءنا ينتظرون طوابير للحصول على حياة كريمة وسليمة؟".
من جهته تحدث خطيب جامع الشيخ إبراهيم بوصندل عن هجرة رسول الله من مكة بيت الله الحرام إلى المدينة التي أرست بناء الدولة الإسلامية أمة التوحيد. فرد بوصندل جانبا كبيرا من خطبته للحديث عن آثار ودروس الهجرة النبوية قائلا: "في الهجرة دروس في الامتثال لأمر الله ودروس في الإيمان واليقين ودروس في التخطيط وعدم التسرع ودروس في الحكمة وحسن التصرف، ودروس في التضحية والإيثار وخصوصا من فئة الشباب ذكورا وإناثا، فهذا علي ينام في فراش النبي ويتدثر بدثاره ويا لها من منقبة دلت على إيمانه وشجاعته، كما أن ذلك يدل على جواز خداع العدو بالتمويه عليه. وإيثار أسماء بنت أبي بكر وشجاعتها، وتضحية عبدالله ابن أبي بكر، وهكذا فليكن الشباب والشابات".
وبين الشيخ بوصندل تضحيات الصحابة الذي هاجروا قبل النبي "ص" وآثروا الآخرة على الدنيا "لقد هاجروا إلى المدينة وضحوا بمنازلهم وأموالهم، وصار بعضهم فقراء في المدينة لا يجدون حتى الزاد وهم أهل الصفة "..." ولو كانت الدنيا تساوي عند الله شيئا أو هي علامة حب من الله لكان هؤلاء أولى البشرية بهذه الأموال والأعراض، ولكن الله اختار لهم الآخرة فقبلوا بخيرة الله، وهاجروا قبل ذلك هجرة لا تقل أهمية عن هذه الهجرة، إذ هاجروا من الكفر إلى الإيمان ومن المعصية إلى الطاعة، فهذه أيضا هجرة مهمة ينبغي لكل مسلم أن يهاجرها، فيهجر معاصي الله سبحانه ويسعى إلى مرضاته، فهذه هي الهجرة التي لا تتطلب مالا ولا سفرا ولا تعرضا لخطر، بل تتطلب عزما وحزما، وتتطلب صدقا وإخلاصا في التوجه إلى الله سبحانه وفي نصرة دينه وإقامة شرعه".
بينما ناقش خطيب جامع طارق بن زياد بالمحرق الشيخ صلاح الجودر باستفاضة في خطبته قضية تنامي ظاهرة السرقة في المجتمع البحريني، إذ عرج في البداية على ركائز الإسلام في طلب الرزق بقوله: "إن كسب الرزق وطلب العيش شي مأمور به شرعا، فالله جعل النهار معاشا، والاستغناء عن الناس بالكسب الحلال شرف عال وعز منيف، ومن مأثور حكم لقمان: يا بني، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته".
وأوضح الشيخ أن مناسبة حديثه عن الكسب الطيب هو "ما نسمعه ونقرأه في الصحف المحلية هذه الأيام عن ظاهرة السرقة، هذه الظاهرة التي انتشرت وبشكل كبير، فما من يوم إلا ونسمع عن تلك السرقات ليلا ونهارا، لقد تزايدت حتى بلغت إلى سرقة المواد الغذائية والهواتف النقالة والسيارات وإطاراتها والمصوغات من ذهب ومجوهرات "..." بل تجاوز الأمر حتى بلغ إلى المصارف المحروسة برجال الأمن، وأكثر من ذلك هو التعدي على الأملاك الخاصة من سرقة الأبواب والنوافذ وأغطية مصارف المياه"، مشددا على ضرورة الوقوف "وقفة صادقة لعلاج هذه الظاهرة من خلال تشريع العقوبات المناسبة"