توفيق يستعرض الآثار النفسية والسلوكية للحج...
قاسم: الرجل والمرأة مختلفان ومن الظلم المساواة بينهما
الوسط - حيدر محمد
تطرق الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة يوم أمس بجامع الإمام الصادق "ع" بالدراز إلى مؤتمر "العنف والتمييز ضد المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي" الذي عقد في البحرين من 8 إلى 9 يناير/ كانون الثاني 2005م وتساءل قاسم عن معنى العنف عندهم.
وأضاف "المعني بالعنف كل لون من ألوان الإيذاء الفعلي والقولي. فهو بمعنى الظلم، والعنف مستعمل عندهم بمعنى الظلم. والتمييز يعنى به التفريق بين الرجل والمرأة في أية وظيفة، في أي دور، في أية مسئولية، في أي حق، في أية ممارسة، فالمطلوب أن تلغى كل الفروق في كل هذه المجالات. فيكون الرجل امرأة في كل وظائفها، والمرأة رجلا في كل وظائفه، أن يكون الرجل والمرأة مشتركين في كل وظيفة من الوظائف وفي كل مسئولية من المسئوليات".
وتساءل الشيخ عيسى عن مفهومي العدل والظلم قائلا: "هل العدل هي المساواة مع الاختلاف؟ أو أن المساواة مع الاختلاف ظلم؟ المساواة مع الاختلاف عدل أو المساواة مع الاختلاف ظلم؟ المساواة مع الاختلاف ظلم، وليست المساواة مع الاختلاف من العدل، العدل هو وضع الشيء في موضعه، وأخذ كل شيء على قدره، وأن يتناسب الحكم والموضوع، وحيث يختلف الموضوعان لا يكون تناسب في الحكم مع الموضوع إذا اتحد الحكم فيهما، فالمطلوب مع اختلاف الموضوعين أن يختلف الحكم".
واستدرك قاسم حديثه عن ذات الجدلية قائلا: "لكن هل المرأة غير الرجل؟ وهل الرجل غير المرأة؟ ونسأل سؤال آخر: هل الرجل امرأة تماما، وهل المرأة رجل تماما؟ المرأة ليست رجلا تماما، والرجل ليس امرأة تماما، الرجل والمرأة متحدان نوعا. الرجل والمرأة بينهما وحدة نوعية هما من نوع واحد، هو نوع الإنسان"، وخلص قاسم إلى القول: "وبلحاظ هذا الاتحاد النوعي لابد أن تتحد كل الأحكام بين الرجل والمرأة مما يكون موضوعه هو الإنسان. الرجل إنسان، المرأة إنسان فإذا كانت هناك أحكام موضوعة على إنسانية الإنسان فلابد أن تتحد كل هذه الأحكام بين الرجل والمرأة، وابحثوا في الإسلام ستجدون أن كل حكم يتصل بإنسانية الإنسان ستجدونه واحدا في الرجل والمرأة، الإسلام لا يحمل حكما واحدا فيه اختلاف بين الرجل والمرأة مما يكون موضوعه هو الإنسان".
وتابع قائلا: "فموضوع الإنسانية واحد، وهو بغزارة واحدة في الرجل والمرأة، وكل أحكام هذا الموضوع متحدة بين الرجل والمرأة، لكن مع الوحدة النوعية بين الرجل والمرأة يوجد اختلاف صنفي، ويوجد اختلاف فردي، هناك تعددية صنفية، وتعددية فردية بين الرجل والمرأة. والتعدد الصنفي موجود بين الرجال أنفسهم من حيثية أخرى، ومن جهة أخرى، والتعدد الصنفي موجود بجهة أخرى، وبحيثية أخرى بين النساء نفسهن".
كما تطرق الشيخ قاسم الى الشأن الإقليمي وما وصفه بالتصريحات المتعجرفة التي تخرج من أفواه الرئيس الاميركي جورج بوش، وخصوصا تهديده لبعض الدول العربية والإسلامية، وقال قاسم في هذا الصدد "عادت أمة الإسلام بعد أن شط بها المدى إلى أن تكون تحت إمرة بوش، وأن تكون نصرة دول كثيرة من بين دولها لبوش على الإسلام والمسلمين. خزي ليس بعده خزي، وعار ليس فوقه عار أن تخرج كلمات تنتصر لبوش على دولة وأخرى من الدول الإسلامية، وهذا ما تطالعنا به الصحف يوما بعد يوم".
وأردف بقوله "بوش يلعب في أرض الله بالنار لعب الأطفال الطائشين. يوزع تصريحاته غير المسئولة على هذه الدولة وتلك الدولة من دول هذه الأمة العريقة التي لم تعرف قدر نفسها بعد أن تنكرت لقدر دينها وقرآنها. كلمات متعجرفة، وتهديد ووعيد لكل من لم يدخل في البيعة، تهديدات تصدر باسم امتلاك السلاح النووي، والتركيز على إيران الإسلامية في هذا الأمر في هذه الأيام، وهي تصريحات لو تمت، لو جدت وأخذت موقعها العملي فإنها ستحرق المنطقة، وتحرق إسرائيل، وتحرق أميركا نفسها.
وأشار قاسم الى أنه قد يكون الذي أطمع بوش في مثل هذه التصريحات هو "موقف الفرقة والاستسلام من الكثيرين ولكن في الأمة بقية، والبقية من هذه الأمة ولو كانت قليلة إلا أنها بإيمانها وصمودها والمدد من الله سبحانه وتعالى لن تلين ولن تستكين. وهذه التصريحات تشجعها كلمات تطالعنا بها بعض الصحف في الساحة الإقليمية وللأسف الشديد".
من جانب آخر تطرق الشيخ عيسى قاسم في خطبته قضية هوى النفس، وحذر من خطورة الوقوع في حبائلها والانقياد لها كما في قوله تعالى "بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم " "الروم: 29".
أما خطيب مركز جامع سار الإسلامي الشيخ جمعة توفيق فتناول في خطبته أمس الجوانب السلوكية والنفسية لحجاج بيت الله الحرام بعد عودتهم الى أوطانهم قادمين من الديار المقدسة بعد أم مكنهم الله ومن عليهم بزيارة بيته وأداء فريضة الحج. وخاطب توفيق حجاج بيت الله الحرام قائلا: "لقد تشرفتم بحج بيت الله تعالى، ومن الله عليكم بنعمة الحج التي حرم منها الكثير من الناس، والحج ميلاد جديد وعهد جديد يحتاج الى الوقوف وقفة تأمل واعتبار".
وأضاف قائلا: "ولقد وقف الحجاج عند البيت وطافوا وسعوا ووقفوا بعرفة وبأنواع العراء بمزدلفة، وذرفت منهم الدموع، وأعلنوا عداوتهم للشيطان برمي الجمار "..." كل هذه المناسك تحتاج إلى وقفة مع النفس، وهذا ما ينقص الحجاج في عبادتهم، وهي الجوانب الإيمانية والآثار السلوكية على النفس، وليس مجرد معرفة للأعمال البدنية والتعبدية، فكثيرون يعرفون المناسك وأحكامها، ولكن يجهلون آثارها النفسية والسلوكية على الحاج بعد انتهاء رحلة الحج" مؤكدا أن الحج فرصة لضبط السلوك وتهذيب النفس "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" "البقرة: 197" فمن تأمل في ذلك جيدا وجد تهذيبا للسان فلا يقول إلا خيرا، وهذا أثر سلوكي وتهذيب للنفس بالهدوء والسكينة".
وواصل توفيق حديثه عن آثار الحج في تقويم النفس وترشيدها "الحج له غنيمة وغنيمته أن ينال العبد من ربه التقوى والحاج التقي هو من تغير سلوكه بعد الحج، لأن الحج له اثر، وأثره ليس حلق الشعر الذي سينبت بعد أيام، ولكن أثره في حياة الحاج التزام بالمواعيد وانضباط وظيفي، لأن الحج له مواعيد يجب أن يلتزم بها المسلم، فلا يرمي قبل الزوال أو بعده ولا يخرج من عرفة إلا بعد غروب الشمس، وهكذا العبادة حفز وتهذيب لمنهجية الحياة عند المسلم، فيعتبر بالوقت ويهتم به لأنه ميدان الحياة".
وأوضح أن الحاج التقي هو من رجع من حجه طامعا في المحافظة على ما ناله من أجر وأدرك أنه الآن مع عهد جديد مع الله "لا يريد أن يفسده، فهو ناصح لأهله، وآمر بالمعروف ناه عن المنكر، لا تبرج في بيته ولا فسق ولا فجور، آمر بالصلاة ومحافظ عليها مع المسلمين جماعة، تهذبت نفسه وهدأت فهو راجع من بيت الله ومن عرفة، متذكر لمباهات الله به وبالحجاج، فلا يريد أن تتغير صورته أمام ربه جل وعلا "..." لقد وطن نفسه على الطاعة وألزمها لباس الخوف والرجاء، فهو يستحي من الله تعالى أن يراه على معصية بعد أن حج بيته وطاف به وبعد تأمين الله له "ومن دخله كان آمنا" "آل عمران: 97".
وتساءل توفيق: " هل أدرك الحاج ماذا تغير في حياته بعد هذه الأيام المباركة؟ هل التزم بصلاة المسجد جماعة أم لايزال يصلي في بيته كما تصلي النساء؟ وهل شعر أهله بآثار حجه على سلوكه أم مازال فلان الذي نعرفه سيئ الأخلاق، مقصر في الصلوات ومخل بالطاعات؟". وقال توفيق إن ما يحز في النفس أن يجد المسلم بعض من حج بيت الله تعالى لم يتعظ بحجه "وإنما حديث البعض التذمر من بعض حوادث الحج مثل تأخر الحافلات وتقصير الحملات والتعب والنصب الذي لقيه في حجه، ويا سبحان الله أين ذهبت نعمة الوصول والعودة من بيت الله سالما غانما؟ وأين ذهب توفيق الله لهم".
ومما يحزن أيضا - يضيف توفيق - أن يرجع المسلم بعد حجه الى ممارسة ما كان عليه من معاص كأكل الربا والغش في التجارة والوقوع في القطيعة والعقوق، وهذا أغرب ما يكون، فبعض الحجاج يستحل الناس للحج، فإذا رجع منه عاد إلى عداوتهم وعقوقهم، وهذا لا يكون من مسلم حج بيت الله تعالى، وبعضهم دعا الله تعالى أن ينجيه من نار جهنم ومغفرة ذنوبه دعوات كثيرة، ولما رجع نسي كل ذلك، فأين التضرع؟ وأين الروحانيات والدعوات الخاشعة؟ هل ذهبت مع الريح؟!