مداهمات «كرزكان» تنذر بصفحة سوداء في التعامل الأمني مع المواطنين
قاسم: على الحكومة أن تكون قدوة الشعب في عدم التعدي على الحرمات
الوسط - محرر الشئون المحلية
أشار خطيب الجمعة بجامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته أمس إلى أن «الواصل عن مداهمات كرزكان برعب هذه المداهمات واستفزازيتها وعديد القوى التي تشنها والأساليب البشعة المتبعة فيها والتطويق الذي فرض على المنطقة يعطي صورة هجوم شرس على عدو قادر متحصن عنيد مخوف، وينذر بتدشين صفحة سيئة مخيفة سوداء في التعامل الأمني مع المواطنين، وفرض عقوبات جماعية على أهل أي مطلوب والمنطقة التي يقطن فيها كاملة، ويتحدث عن سد كل الأبواب والمنافذ للتفاهم والتهدئة».
وقال: «فرق كبير بين ما كان يمكن أن يعطيه العفو عن المتهمين لو بقي قائما أو حكم البراءة لو لم تعدل عنه السياسة من آثار طيبة في النفوس وما يفتحه من فرص للتفاهم وما يبنيه من جسور ثقة ويخلق من أجواء آمنة، وبينما تنتجه هذه المداهمات الشرسة من إفرازات بغيضة ضارة مقلقه معاكسة».
وأضاف «ليس المقام مقام شجب واستنكار وإدانة لأي أسلوب أمني يعتمد العنف ويصعّد من مستواه ويولّد ردود فعل سيئة من جنسه فحسب، وإنما يراد بالإضافة إلى ذلك التذكير الجدي بمسئولية أمن هذا الوطن وأهله واحترام الحرمات ورعاية الحقوق، الأمر الذي تتحمل الحكومة أن تضرب المثل الحي في الأخذ به وأن تكون قدوة الشعب في الانضباط وعدم التعدي على حرمات الناس ومساكنهم وعدم الإضرار بالحقوق الشرعية والقانونية الثابتة».
وبيّن أن «المطلوب العدل الذي يبدأ من الدستور ويشمل كل ممارسة كبيرة أو صغيرة من عمل الحكومة، من توزيع المناصب والوظائف والفرص والثروة وكل أمر آخر. وهو عدل تسأل عنه الحومة، ومع العدل الأمن الذي نتحمل مسئوليته جميعا، وأساس الأمن العدل، فالظلم لا يكون أبدا أساسا لكل خير، فمن اختار الظلم قد اختار غير الأمن».
وفي سياق آخر تحدث قاسم عن مساوئ الانسلاخ عن الهوية والمبادئ، لافتا إلى أن «من أكبر المصائب ومن أغبى الغباء أن يحارب شخصٌ، مجتمعٌ، أمةٌ، أيُّ كيان نفسَه، أن يعمل على هزيمة ذاته، أن يغتال وجودَه، أن ينتصر لعدوه عليه، أن يُحرَّك آليا في الاتجاه الذي يمحقه، أن ينفصل عن دينه وهويته وانتمائه لا بوعي منه بل هي الاستجابة البلهاء للمكر السيئ الذي يمارسه عدوه ضده، أن يخوض المعركة بالوكالة عمن يكيد ضد وجوده بجهده وماله وأولاده وبناته وقدراته، ويسعى حثيثا للتمكين لعدوه بفتح أبواب القلوب والنفوس وكل مداخلها بأزيائه وأخلاقياته وأنماط سلوكه وعاداته وتقاليده التي هي من النوع الرديء والهابط والخسيس السيئ».
وذكر أنه «من المؤسف المزعج أن أقدر أمة على النهوض بالمستوى الإنساني للبشرية وإنقاذها من وحل حضارة الطين والبطون والفروج تعيش حالة من السذاجة والغفلة القاتلة والاستدراج المهلك والتقليد الأبله والتبعية السلوكية الخطيرة وفتح كل الأبواب والمنافذ لمستورد الجنس والعري والمجون والميوعة والاختلاط المفضوح بلا حدود ولا حشمة ولا تحفظ، وإنها لتستجيب بسهولة وانسياق مجنون لكل بديل سيئ حتى في الاحتفالات ذات الطابع الديني فضلا عن مناسبات الفرح الشخصي والعائلي، وتركض وراء الزي الغربي والقصة الغربية والتسريحة الغربية والتقليعة الغربية من غير أن يدخل في الحساب في عملية الانسلاخ من الهوية أي عرف أو دين أو حشمة أو كرامة».
وعلى صعيد العلاقة مع إسرائيل قال قاسم: «يجري كما تفيد الأخبار بين البحرين و إسرائيل تطبيع نووي ورياضي وتجاري ربما كان منه ما هو سري ومنه ما هو شبه علني وعلني لا تنقصه إلا صراحة العنوان، والسؤال هو أن خطوات التطبيع المتتالية والمتنوعة مع إسرائيل من واقع الاختيار والإرادة الحرة المحضة أم من حالة إكراه خارجي؟».
وأضاف «التطبيع مظاهره أصبحت مشاهدة، ولكن أي الخلفيتين وراءه؟ كلاهما مر وكارثة، أن نكون قد اخترنا (نحن البحرين حكومة وشعبا) صداقة الإسرائيليين ومودتهم وهم يصعّدون عدوانيتهم على أرض الإسلام في فلسطين والمسلمين الفلسطينيين ويهددون بشن بحرب ساحقة على البلاد الإسلامية الأخرى، فهذا يعني الشيء الكبير والخطير والمؤلم، ويعني نصرة الكافر على المسلم والظالم على المظلوم، ويعني العار الدائم والإثم العظيم عند الله سبحانه ومضادة الأمة والإعانة عليها وهذا ما لا نرضاه لوطننا». مردفا «وأن نكون قد فقدنا إرادتنا نهائيا وتنازلنا عن ذاتنا وقبلنا بالذوبان في الإرادة الأجنبية ودور التعبير عنها فيما نقف وفيما نقول وفيما نبني أو نهدم من علائق وصرنا محكومين لها على عدائها لديننا وأمتنا وأخوتنا العربية والإسلامية فمفاد هذا التسليم والتبعية والذوبان في هذه الإرداة الانفصال عن الإسلام والأمة والتاريخ والهوية والانسلاخ من الذات واتخاذ معبود من غير الله، وهذا ما لا يمكن أن نختاره لأنفسنا».