في انطلاق فعاليات «مؤتمر عاشوراء الثاني»
قاسم: عاشوراء مستهدف بالتزوير والحاجة ماسة إلى التصحيح
السنابس - عبدالله الملا
أكد رئيس المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ عيسى قاسم أن موسم عاشوراء مستهدف بالتزوير والتزييف، داعيا إلى ضرورة صوغ مقترحات وتوصيات عملية للتصحيح والتصدي للهجمات التي تطول المنبر الحسيني. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها على هامش انطلاق الجلسة الافتتاحية لمؤتمر عاشوراء الثاني الذي ينظمه المجلس الإسلامي العلمائي في مأتم السنابس الجديد حتى الخامس عشر من الشهر الجاري تحت شعار «المنبر الحسيني... المسئوليات والتحديات».
تحدث قاسم عن دور المجلس، قائلا: «المجلس هو مؤسسة من مؤسسات هذا البلد التي ينوط بها دور إصلاحي مسئول، إلا أنه يرى نفسه محتاجا جدا إلى جهد كل صغير وكبير وتعاونه. إنه مؤسسة مهمة ولكنه ليس مؤسسة بديلة عن أية مؤسسة صالحة من مؤسسات هذا المجتمع، وليس جهده بديلا عن جهد أي مصلح من المصلحين على هذه الأرض. إنه مؤسسة تريد أن تتكامل مع المؤسسات الأخرى، مؤسسة عليها أن تعمل على وحدة الكلمة بين إخوة الدين والإسلام وجميع المؤسسات».
وتساءل قاسم: لماذا الاهتمام بعاشوراء وهذا المؤتمر السنوي؟ وقال: «كربلاء يوم من أيام الله العظمى، بمنطلقها، برؤيتها، برمزها، بنهجها، بهدفها، بفعاليتها وبأثرها، بامتدادها، بارتباط مصير الإسلام بها، بما كان لها من تربية أجيال وأجيال وتصليب موقف الإسلام والأمة. في يوم من أيام الله العظمى، بما أنتجته وتنتجه من وعي وصحوة وإرادة إسلامية وتثبيت على طريق الحق ومقاومة الباطل، وبما سيترشح عنها من يوم الظهور الأكبر».
وأضاف «هذه الثورة بكل ما لها من عطاءات وأصالة، تفرض الاهتمام بها على الأمة، كل الأمة (...) أمر آخر هو اهتمام النبي (ص) بيوم كربلاء تأسيسا وامتدادا. ثورة كربلاء تمتلك أهمية خاصة من بين الثورات الإسلامية الأخرى؛ لكونها على يد إمام معصوم. ولون الثورة التي مارسها الإمام الحسين (ع) لون خاص، فالإمام علي (ع) حارب من موقعه خليفة، والإمام الحسن (ع) حارب من هذا المنطلق أيضا، والثورة الوحيدة التي كانت في وجه الحكم المتلصص على الإسلام والمفتري عليه، ومن موقع الخلافة الشرعية ومن موقع المعارضة الشرعية».
ونوه قاسم إلى أنه «كان يمكن أن تمرر عملية التزييف على الأمة في تلك الفترة، ولو كان الحسين غير الحسين وزنا وقرابة، ولو كان الحسين غير الحسين فوق التشكيك والتردد في شخصيته، لأمكن أن تعد ثورة كربلاء من ثورات البغاء على الحكم الشرعي، وكان بإمكان وعاظ السلاطين أن يصوّروها بهذا التصوير».
وتطرق إلى محاولات طمس الذكرى من وعي الأمة، موضحا أن «ذلك تم من خلال استهداف مواقع الذكرى بالتحريف والتزييف، وأن الإمام الحسين (ع) كان المتسرع وأنه قُتِل بسيف جده لخروج عن حده كما يروجون، وأن ثورته إنما ثورة هاشمية تنطلق من منطلق القبلية. وهذا لون تاريخي من التزوير، وعملية التزوير مازالت تأخذ صورا أخرى حتى اليوم. إن القدرة الكبيرة التي تمتلكها الثورة بحيث يمكنها أن تغير واقع الأمة وتتقدم بها على خط الله سبحانه وتعالى».
الخباز: مؤسسة المنبر الحسيني ضرورة ملحة
وأشار السيدمنير الخباز من المملكة العربية السعودية في ورقته التي قدمها على هامش المؤتمر إلى أن رسالة المنبر لا تقتصر على شرح بعض المفاهيم أو تلاوة الفاجعة فقط، وإنما رسالته في سيرورته إحياء لأمر آل البيت (ع) سواء كانت كتابا أو لسانا أو مشروعا خيريا أو ثقافيا حتى سلوكا شخصيا جذابا.
وقال الخباز في محور كفاءة الخطيب: «إن حجم الدور الخطير الذي نوط بالمنبر الحسيني يقتضي حجما كبيرا من الكفاءة والمؤهلات في خطيب المنبر، مضافا لدينه استقامته، ومنها أن يكون ذا خبرة حوزوية وافرة بالفقه والأصول والفلسفة وعلم الكلام والحديث وعلم الرجال كي يكون قادرا على طرح فكر السماء بمتانة وعمق ودقة متميزة من بين الفلسفات الإنسانية المختلفة، وكي يكون أمينا بوعي وموضوعية في اختيار الأحاديث والروايات المعتبرة أو الموافقة للملاكات العامة المستقاة من الكتاب والسنة».
وأضاف «كما أن على الخطيب أن يكون مثالا رائعا للمفكر المثقف من خلال درايته بعلم التفسير وخبرته بالتاريخ، وخصوصا تاريخ المسيرة الإسلامية».
وطرح الخباز في ورقته ضرورة أسماها ملحة لإعداد مؤسسة المنبر الحسيني، مشيرا إلى أن لهذا المشروع المؤسسي عدة أدوار أهمها إعداد الخطباء من حيث إخضاعهم لبرنامج عن الخطابة من ناحية تقنية وفنية، إضافة إلى إدخال الخطباء في دورات ثقافية تتعلق بالعلوم الإنسانية كعلم النفس والاجتماع، وتوزيع الأدوار على الخطباء بحسب اختلاف الاختصاصات فلكل خطيب مجال تخصص ينسجم مع قدراته وإبداعاته كعلم التفسير أو علم الكلام، إلى جانب إنشاء مركز للبحوث يعنى بالبحوث الاجتماعية المتعلقة بدراسة القضايا الأسرية والتربوية على مستوى الخليج أو العالم العربي.
زد على ذلك توحيد الأطروحات الفكرية وخصوصا في مجال عرض قيم أهل البيت (ع) من دون إفراط أو تفريط، وفي مجال العلاقات بين المذاهب الإسلامية بما ينسجم مع الأجواء الإسلامية العامة، ورصد الإثارات الفكريّة وخصوصا في مجال الحداثة والعلمنة لدراستها دراسة مقارنة مع الفلسفة الإسلامية، والقيام ببحوث ميدانية يستكشف بها حاجات كل مجتمع وتطلعاته في مجال الفكر والتربية وخصوصا المجتمعات الغربية والنائية ليكون ذلك دليلا لأي خطيب يزور هذه المجتمعات من أجل التوعية والإصلاح.
سند: الإصلاح سلاح ذو حدين
من جهته، تطرق الشيخ علي منصور سند إلى إصلاح المنبر الحسيني، قائلا: «إن من أخطر التحديات التي تواجه المنبر الحسيني دعوات الإصلاح المختلفة التي هي سلاح ذو حدين فترك الإصلاح فساد وجمود، وممارسة الإصلاح بسطحية إفساد ومسخ، ولذلك نحن نواجه أمرا بالغ الخطورة؛ فترك الإصلاح غير مبرر بأي حال من الأحوال لأسباب عدة لسنا هنا لبحثها، وهي تدخل في المسئوليات الكبرى التي يتصوّن بها المنبر وينتجه كذلك. أما هنا فنعالج الجهة الأخرى لبعض دعوات الإصلاح التي تشكل خطرا على المنبر عندما تمسح جوهره وتمسخ وجوده، وتخفي معالمه».
وانتقل سند إلى الحديث عن ذرائع الإصلاح موضحا «تقوم فكرة الإصلاح على هذه الركيزة (الوحدة الوطنية أو الروح الوطنية) وتتلخص في أن تنظف المنابر والشعائر من كل ما يزعج الآخرين أو يعكر ذهنهم، وهكذا ستحذف كثير من المسائل لمراعاة النسيج الاجتماعي الواحد والمحافظة على هذه الروح».