توفيق يؤكد أن السعادة هي أن تكون عبدا ذليلا بين يدي الله
قاسم: ملف الأحوال الشخصية لن يشغل الشعب عن الملفات الأخرى
الوسط - مالك عبدالله
أكد الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق بالدراز أن «للشعب ملفاته المهمة المعطلة بل هناك ملفات مهملة مغيبة ومحاربة، الملف الدستوري، التجنيس، التمييز، البطالة، الفساد المالي والإداري، مسألة التقرير المثير»، ونوه إلى أن «الشعب لن يشغله عن هذه الملفات دفاعه عن شريعة الله في مجال الأحوال الشخصية ولو هبت ريح عاصف من الجانب الآخر».
وأضاف «فإذا كان يهم الحكومة وفريق يشاركها الرأي التسريع بملف الأحوال الشخصية فإن غالبية الشعب لتهمها ملفات كثيرة بالغة الأهمية وهي مطروحة على لسان الشعب دائما وفي الساحة»، معتبرا أن «الشعب سيصر على أن يطرح كل ملفاته بقوة وإصرار ومنها ملف الأحوال الشخصية ولكنه ليس الوحيد من بينها وستكون المطالبة بقوة على مستوى كل الملفات»، مردفا «وإذا كان نفد صبر أي جهة في انتظار (طرح) غربي للأحوال الشخصية فإن الشعب أنفد صبرا بالنسبة إلى حزمة الملفات التي تؤرقه».
وكان عيسى انتقد ما أسماها «حمى الأحوال الشخصية التي تتصاعد»، مشيرا إلى «أنها حمى لا تفتر بما ورائها من أهداف مرسومة ونوايا مبيتة ولكن يحدث لها أن تتصاعدا وتزداد في ظروف خاصة وبعد تحضيرات مكثفة»، مضيفا «أقول للمشفقين على المرأة من العنف الأسري وغيره وعلى حرمة الإنسان وكرامته وسعادته حقا وصدقا عليكم بالإسلام (...)».
وأردف قاسم «أقول لهم كذلك أشفقوا على المرأة وأبيها وابنها وأخيها وولدها من عنف الفقر وذله ومن عنف القوانين الأمنية المصادرة لحرية الرأي السياسي ومن عنف الاستهتار الخلقي والفوضى الجنسية المجنونة المحرمة (...)»، مضيفا «أقول لهم كلهم أشفقوا على هؤلاء جميعا من كل ذلك واعملوا على إنقاذهم جميعا من كل ذلك قبل أن تفكروا في إنقاذ المرأة من ظلم قد تلقاه بعض الأزواج هنا كما تلقاها بعض الأزواج في أميركا وأوروبا وكل البلاد التي تريدون استيراد قوانينها لنا لتحل محل شريعة الله (...)».
وأكد أن «أي تعد على المرأة زوجة كانت أو أما أو أختا أو أجنبية يعني معصية لله وخروجا سافرا على الشريعة الألهية وإن للشريعة في هذه المعصية حدا أو تعزيرا أو تعويضا يلاحق الجاني»، مشيرا إلى أنه «لو طبق شرع الله لما ضج كل المستضعفين رجالا ونساء من المظالم ولما دخل الأسرة شيء من الفوضى والظلم والمواجهة»، موضحا «أنه لا مزايدة على شريعة الله في أي مجال من مجالات الحقوق الصادقة للإنسان إلا من باب الدجل والاستغفال والافتراء».
وأشار قاسم إلى أن «الرأي في الاحوال الشخصية لا يتغير عند العلماء والشعب كل يوم وذلك لشيء واحد وهو أنهم في كل مرة ليست لهم إلا مرجعية واحدة هي مرجعية الشريعة في هذا الأمر وغيره»، مشيرا إلى أن «الشريعة ثابتة وأحكام الأسرة في الزواج والطلاق والميراث ليست محلا للتلاعب والتحايل، والأحكام الشرعية الكلية واضحة ولا انتقائية تبرعية للفتاوى يصح لأحد أن يطبقها على الجميع».
وقال قاسم «هناك تحضير متسارع لطرح مشروع الأحوال الشخصية على النيابي بعد أن أعلن الرأي العام كلمته القاطعة في هذا المشروع وأنه يرفض أي محاولة لتغريب الأسرة المسلمة»، معتبرا أن «هذه التشكيلة تعني استفزازا للحالة الشعبية واستهدافا للخروج بالوضع من مستواه الراهن الذي لا يحسد عليه إلى مستوى أكثر توترا وتشددا وغليانا واقترابا من حافة المحذور... هذا كله العوض عن كشف حقيقة التقرير (...)».
من جهته، أكد خطيب الجمعة بجامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق أن «السعادة هي أن تكون عبدا ذليلا بين يدي الله تعالى وحده»، مشيرا إلى أن «هذه السعادة وجدها أناس كثيرون فاطمأنوا لها وركنوا إليها، وكيف لا يركنون إليها وهي الركن الركين حينما يكون العبد مع ربه تبارك وتعالى؟».
وأشار توفيق إلى أن «الرسول الأعظم (ص) وجد السعادة حينما قام الليل حتى تتفطر قدماه وتتورم وتتشقق من طول القيام، وجدها حينما هاجر من مكة إلى المدينة وهو لا يعرف الطريق ويترقب أعداء الإسلام، ويجدها حقا حينما يقترب منه الخطر إلى أقصى درجاته»، مضيفا أن كثيرين «يريدون راحة البال وينشدون الاستقرار، وفي الوقت نفسه يريدون السعادة والأمان وتحقيق الأحلام».
وأوضح أن «الأماني كبيرة والأحلام عظيمة، ولكن ما السبيل إلى الوصول إلى تحقيقها؟ الكل ينشد السعادة، والكل يتمنى أن تزول الهموم والأكدار، والكل أخذ طريقه لتحقيق مراده، وهناك تخبط وحيرة في المسالك»، متسائلا «فكيف تتحقق السعادة؟ وما هي السعادة الحقيقية؟».
واعتبر توفيق أن «السعادة كنز مفقود عند كثير من الناس، وذلك أن الناس لا يستخدمون هذا الكنز إلا عند الأزمات، نعم كنز مؤقت وسعادة مؤقتة وصدق مؤقت»، مضيفا «إلى من تشكو حينما تتأزم الأمور؟ إلى عبد ضعيف مثلك؟ لا يملك لنفسه حولا ولا قوة؟ بل قد يكون عنده من المشكلات ما لا يقدر هو على حلها؟ أم تلجأ إلى مال ملكته؟ هل نفعك مالك عندما خطف ملك الموت قريبك أو أحد أقاربك عندما مرض؟»، مردفا «لقد وقفت عاجزا ومالك معك ولم ينفعك بشيء، فالشافي هو الله تعالى، كم من المرات وقفنا وقوف العاجزين أمام أقربائنا ونحن لا نملك لهم شيئا إلا أن ندعو الله لهم؟ حتى إذا قال الله سبحانه كن فيكون، شفاهم بقدرته وحكمته وعلمه».
وأكد أن «السعادة الحقيقية أن تكون مؤمنا بالله تعالى، ومهما تأزمت الأمور وصعبت اعلم أن لك ربا قادرا على كل شيء سبحانه، كم فرج الله للناس؟ وكم أعطاهم؟ وكم أعانهم سبحانه»، متسائلا «لماذا لا تصبر يا ابن آدم؟ وقد تفضل الله عليك بأمر لا تصدقه، وهو أن الله لما ابتلاك وشغلت بالمرض ولم تقم الليل مثلا أو لم تتصدق بسبب المرض فإن أجرك ماض»، مستشهدا بقول الله تعالى في الحديث القدسي: «إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني وصبر على ما بليته؛ فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل للحفظة: إني أنا قيّدتُ عبدي هذا وابتليته، فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر».