العدد 214 بتاريخ 07-04-2003م تسجيل الدخول


الرئيسيةالحرب
شارك:


أبعاد الإعلام في الحرب الأميركية على العراق

ريم خليفة

أثبتت الفضائيات العربية تفوقا ملحوظا في نقل الخبر والمعلومة في هذه الحرب (الإنجلو - أميركية) العدوانية على العراق، على رغم وجود الكثير من اجهزة الاعلام التابعة «لقوات التحالف الدولي» التابعة لقوتين استعماريتين هما القوة الأميركية التي تتعامل مع شعوب العالم بلغة «الكاوبوي» والأخرى البريطانية التي تحاول جاهدة اعادة الامبراطورية العجوز التي غابت عنها الشمس الى مجدها السابق...

كما هو معلوم فإن بريطانيا تلعب في هذه الحرب دور الموجه في موقع صنع القرار الأميركي كونها قوة لها باع طويل في الجانب الاستعماري.

وما يحدث على الساحة الاعلامية الأميركية والبريطانية ما هو الا انعكاس للتوجه السياسي لهاتين القوتين لدرجة ان المرء قد يلحظ سير المادة الخبرية والاعلامية طوعا لارادة واشنطن اذا ما قورنت بالمادة التي تقدمها القنوات الفضائية العربية الاخرى كالجزيرة وأبوظبي التي تميزت بنقل الحدث ميدانيا؛ أي أن مقدم النشرة يدلي بتفاصيلها في الوقت الذي تنقل مشاهد مباشرة من احياء بغداد وهي تقصف، وتنقل مؤتمرا صحافيا يعقد في واشنطن... كل ذلك يحدث في آن واحد وعلى نغمة واحدة لا تشتت المشاهد.

ليس هذا فحسب فالمشاهد قد يشعر برائحة البارود والصواريخ التي تطلقها القوات الغازية على بغداد... قد يستشعر ذلك لمتابعته الحية من قلب الحدث وهو ما لم يكن موجودا في حوادث حرب الخليج الثانية التي هيمنت عليها «السي إن إن» المحطة الاميركية الوحيدة التي انفردت في نقل الحدث عن غيرها، متفوقة على محطات غربية اخرى.

كان المشاهد العربي آنذاك يسمع ويتلقى من جهة اميركية لتلك الحرب بصورة رئيسية من دون ان يدري ما هي الخبايا التي غطهتا ستارة الادارة الاميركية. أما الان فالوضع اختلف... فما تقدمه الفضائيات العربية غير الرسمية مختلف تماما.

فللمرة الاولى نجد هذا الكم الهائل من الصحافيين ومراسلي الشبكات العربية غير الرسمية في موقع الحدث منافسين القنوات الغربية بصورة اكبر عن التي نشاهدها ونتابعها في حرب افغانستان. وهي نقطة ايجابية تسجل للاعلام العربي.

أما الاعلام الغربي وتحديدا الاميركي فقد اثبت أنه غير واقعي في نقله للوقائع مثلا عدم ابراز الصورة الحقيقية التي تدور على ساحة المعركة إذ ان المواطن الاميركي يجهل حقيقة الحوادث وهو بعيد تماما عن ذاك... فهو فقط يسمع عن عنترية الجيش الاميركي وتصويره بأنه الجيش المنتصر دائما والمتفوق، على رغم ان تاريخ حركات التحرر للشعوب في العالم اثبت ان الامبريالية الاميركية لحقت بها الهزيمة ومثال ذلك ما اقترفته من جرائم في فيتنام محاولة اخضاع هذا البلد لسيطرتها لكنها فشلت واصبح الاميركان يجرون سلاسل الهزيمة والعار. وهو مثال قوي على انتصار شعب صغير على قوة غاشمة مثل اميركا... لأن الكلمة الاخيرة ترجع ـ ببساطة ـ إلى الشعوب في تقرير مصيرها.

لذلك فاجهزة الإعلام الأميركية الممولة صهيونيا تحاول تصوير المعركة في بغداد بأنه انتصار للجانب الأميركي وهزيمة للجانب العراقي... فهم لا يعطون ارقاما حقيقية لأن ذلك يدخل ضمن الحرب النفسية التي تنتهجها واشنطن لاحباط الجانب الاخر والتقليل من الروح المعنوية عند الجيش العراقي والجماهير العربية التي نلاحظ أنها لا تفارق اجهزة التلفاز منذ بدء الحرب حتى الان.

وبالنظر الى المادة التي تنشر في الصحف ومقارنتها بشكل عام مع الاعلام المرئي والمسموع فعرضها وطرحها يتم بصورة مفصلة مزودة ببعض الصور المصاحبة التي تغني في اوقات كثيرة عن الكلمات في مثل هذه الحوادث... لانها تستطيع ان تقول الكثير.

أما المادة المرئية والمسموعة فتكون عادة قصيرة ومستعرضة اهم ما في الحدث وهو ما ينطبق على المادة المطروحة على شبكة الإنترنت أو حتى عبر ارسالها على هيئة رسائل هاتفية، والتي تحولت إلى طريقة سريعة لنقل الخبر في وقتنا الجاري... وهو ما لا يمكن اخفاء دور تكنولوجيا حرب المعلومات في هذه الحرب العدوانية على العراق.

الإعلام الاميركي ـ وحتى البريطاني ـ اصبح يخفي الحقائق في هذه الحرب الا ان الاعلام العربي وتحديدا المرئي فضح ذلك وان كان الاعلام المكتوب لايزال اسير التوجه الاميركي كالذي نراه في بعض الصحف العربية، التي تجمع مموليها مصالح خاصة مع اميركا.

كما لا ننسى دور الاعلام العراقي الذي أفشل خطط الغزاة في اظهار ما يخفيه ونقله عبر الفضائيات العربية الاخرى منذ اليوم الاول، حتى الآن على رغم القصف المتواصل على مراكز بثه واتصالاته الاعلامية في بغداد بإمكاناته المتواضعة. حتى لو كان الاعلام العراقي يكذب لما كان أثر ذلك في قرارات واشنطن بضرب وزارة الاعلام لاسكاتها... وكون ساسة البيت الابيض يدركون حاليا اثر الاعلام ودوره في هذه الحرب النفسية عبر تهيئة الشارع العراقي والرأي العام في العالم لما لجأ الى تعزيز اساليب اخرى، مثل لجوئه إلى المنشورات ـ الخضراء المحرضة وفتح اذاعات تبث داخل العراق واخرى في المنطقة الخليجية بهدف تحقيق مآرب الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية في المنطقة.

ورقة قدمت في ندوة «الاعلام والحرب» في مقر جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي



أضف تعليق