نص كلمة فايز السراج في القمة العربية الاسلامية الاميركية
الوسط - المحرر السياسي
ألقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا فايز السراج، كلمةً في القمة العربية الإسلامية الأميركية، أمس الاحد (21 مايو/ أيار 2017) وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
خادم الحرمين الشريفين ،الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - ملك المملكة العربية السعودية
فخامة الرئيس دونالد ترامب - رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انه لمن دواعي الاعتزاز أن نلتقي اليوم في هذه القمة التاريخية وعلى هذه الأرض الطاهرة المباركة ، وبهذه المناسبة أود أن أعرب عن خالص الشكر والتقدير للمملكة، ملكاً وشعباً وحكومةً على استضافة هذه القمة العربية الإسلامية الأمريكية وما وفرته لها من أسباب النجاح .
نلتقي اليوم تجمعنا قيم السلام والمحبة من أجل أن نضع رؤية مشتركة في مواجهة عدو مشترك بات يهدد الجميع . كما اوجه تحية خاصة لفخامة الرئيس دونالد ترامب على حضوره اليوم، وسعيه لأن تكون أُولى مهماته الخارجية لقاء قادة الدول العربية والاسلامية لمناقشة هذا الهدف النبيل.
إن الإرهاب والتطرف مهما كانت أشكاله ودوافعه، ضد ما نؤمن به من قيم وما جاءت به الأديان السماوية السمحة من مبادئ .. ولا حل لمشكلة الإرهاب في رأينا ومن وحي تجربتنا، الا الحزم والحسم واقتلاعه من جذوره.. هذا ما جئنا لنبحثه ، وهذا ما نجحنا في ليبيا إلى حد كبير في تحقيقه، ونود استكمال ما أنجزناه.
ان تجربتنا مع محاربة تنظيم الدولة "داعش" قصة نجاح شارك فيها الليبيون جميعاً، واكتملت بتعاون استراتيجي ضد الإرهاب بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول صديقة أخرى . كان الثمن غاليا ، آلاف الشهداء والجرحى من الشباب في معركة تحرير سرت... ومعارك بنغازي ، وكان للطيران الأمريكي دورا حاسما في تمهيد الطريق لهذا النصر المؤزر .
السيد الرئيس السيد ترامب، وإذ نشكر الولايات المتحدة على ما قدمته من دعم لنا، نؤكد على أن التعاون بيننا مازال مستمراً، وبتحالفنا سنقضي نهائيا على وجود هذا التنظيم، وملاحقة فلوله التي تستغل عدم الاستقرار في البلاد .
ان هذا التعاون الاستراتيجي هو مثال لما نطمح أن يتحقق على مستوى الدول المشاركة في هذه القمة، فهي قصة نجاح وانتصار في وقت قياسي ، وتجربة يمكن الاستفادة منها .
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
السيدات والسادة
رغم تولينا لمهامنا منذ قرابة العام وقلة الامكانيات ، ووجود العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية ، لكننا سارعنا بالانضمام إلى التحالف الدولي والتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، لإيماننا المطلق بأن لا مجال للمساومة ولا مجال للتعايش مع هؤلاء، فأرضنا لا تسعنا معاً... كان هذا خيارنا ومازال وسيبقى.
لو لم نتحرك سريعا ولولا التزام وتجاوب الولايات المتحدة وعدد من الدول الصديقة، لظلت سرت مصدراً للتهديد ليس لليبيا فقط، بل ولأوروبا ودول الجوار، ولهذا لازلنا نحذر من امكانية تجمع فلول الارهابيين من جديد. وفي هذا الاطار نجدد طلبنا لرفع الحظر عن السلاح لدعم المؤسسة العسكرية والأمنية ، لمواجهة هذا السرطان الأثيم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
لا يخفى عليكم أن الوضع المتأزم الذي سمح بتمدد الإرهاب وانتشاره، كان أحد أسبابه رفع المجتمع الدولي يده وتخليه عنا بعد تدويل القضية الليبية عام 2011، ليبقى البلد في مهب الفوضى والانقسام وانتشار السلاح.
لذا حان الوقت للتصحيح وفق إستراتيجية شاملة تساعد الليبيين على تحقيق الاستقرار السياسي ، هذا هو العلاج وهو الوسيلة الحاسمة لمكافحة الإرهاب والتطرف بمختلف إشكاله ومسمياته .
بصراحة نقولها، إن جُل المجموعات الارهابية وقياداتها تأتينا من خارج ليبيا ، مما يضع مسؤولية مضاعفة على دول الجوار، لقد أستغل هؤلاء الارهابيون الانفلات الأمني ، واستغلوا الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في التمويل واستجلاب المرتزقة، لذا على المجتمع الدولي دعمنا ودعم هذه الدول للتعامل مع هذا العدو المشترك.
وترى حكومة الوفاق الوطني ان المدخل للاستقرار يكون عبر الجلوس على طاولة الحوار، لأن الأيام أثبتت أنه ما من حل عسكري للأزمة الليبية ، وكانت لقاءاتنا الأخيرة مع العديد من الأطراف السياسية، تهدف الى إيجاد قواسم مشتركة بين الفرقاء ، و على أرضية الاتفاق السياسي، لأن معاناة الليبيين وصلت إلى حدها الأقصى ، ولا يمكن أن يتحملوا المزيد من إضاعة الوقت.
وفي هذا السياق، نطلب من المجتمع الدولي كف أيدي الذين يتدخلون سلباً في شأننا الداخلي، عبر دعم هذا الطرف أو ذاك ، مما يسبب في اطالة عمر الأزمة .. لقد أصبحنا ساحة لتصفية الحسابات ، ثم يُطلب منا أن يكون الحل ليبي – ليبي ...هناك من يغذي الاقتتال الداخلي بشكل مباشر وغير مباشر، وتعددت المواجهات في معظم انحاء البلاد ، وراح ضحيتها المئات، كان آخرها ما حدث في الجنوب الليبي منذ أيام. إن السلاح للأسف يصل الى جميع الأطراف المتصارعة باستثناء الحكومة الشرعية.
أقول لهؤلاء جميعا أمام هذا المؤتمر التاريخي : عليكم أن تكفوا عن تدخلكم السلبي.. أرفعوا أيديكم عن ليبيا .. كفانا مآسي ومعاناة .... ورحم الله جميع شهداء الليبيين.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
لقد ربط الإرهابيون اسم تنظيمهم بالإسلام ، والإسلام منهم براَء .. انه دين الفِطرة .. دين السلام والمحبة والتسامح وتكريم الإنسان .. الدين الذي يعتنقه أكثر من مليار ونصف المليار إنسان في مختلف أنحاء العالم. والذي يعتبر من قتل نفسا بغير حق.. فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.... لذا علينا أن لا نكتفي بمحاربة عناصر التنظيمات الإرهابية فقط ، بل أن تشمل المواجهة الفكر المتطرف والايدولوجيا التي تبرر العنف والتشدد، وتنقية مناهجنا التعليمية وخطابنا الديني والإعلامي من الكراهية والعنصرية والتكفير، وقد تابعنا جميعا كيف استطاع هؤلاء المتطرفين تجنيد الشباب من كافة الجنسيات حول العاالم. بهذه المناسبة نبارك جهود خادم الحرمين الشريفين واعلانه تدشين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، والذي نطلب أن تكون ليبيا عضواً أساسياً فيه.
وفي الختام... نؤكد أن هذه القمة ستعزز بدون شك أسس التعاون بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية في مكافحة الإرهاب والتطرف والغلو والأعمال الهمجية اللإنسانية ..
وأختتم كلمتي كما بدأتها بتحية الإسلام .. تحية السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته