شيخ أسترالي يتواصل مع مسلمي بلاده بـ "زلاجة أمواج"
نارابين بيتش (أستراليا) - د ب أ
مرتديا عمامة بيضاء وجلبابا رماديا، يصل هيثم فراشة إلى الرمال البيضاء على شاطئ نارابين في سيدني بسيارة سوداء قبل طلوع الشمس مباشرة.
ويقوم رجل الدين الإسلامي ذو اللحية الرمادية بتبديل ملابسه، حيث يخلع جلبابه ويرتدي لباس بحر. وبينما يمسك فراشة، الذي وُلد وترعرع في سيدني، بزلاجة الأمواج الخاصة به، يشرح كيف أصبح ركوب الأمواج تجربة روحية، وساعده في رؤية الأشياء بصورة مختلفة.
يقول فراشة، الذي يصفه أنصاره المسلمون بالشيخ: "إنه انطلاق وحرية... فالأمواج تزيل كل ضغوطي". ويعمل فراشة (43 عاماً) محامياً وإماماً، ويطبق الشريعة الإسلامية في إطار السوابق القضائية الأسترالية لمن يرغبون في حل نزاعاتهم وقضاياهم وفقاً للتعاليم الإسلامية. وأثارت هوايته وشغفه بركوب الأمواج اهتمام الطلاب ومرتادي المساجد، وساعدته في الوصول إلى الشباب المحرومين من حقوقهم.
وأضاف: "أُخبرهم أن هذا هو ما أفعله، أركب الأمواج. وإذا ما أتيتم إلى الشاطئ، سنلحق بالأمواج سوياً. سنضحك ونأكل. سنفعل ذلك بطريقة يجيزها الإسلام والقانون الأسترالي".
يقول فراشة إنه يمارس ركوب الأمواج عدة مرات في الأسبوع. ومكانه المفضل هو منطقة "شارك آلاي" بالشاطئ، والمعروفة للبعض بأنها أفضل مكان لركوب الأمواج في العالم، حيث يبلغ ارتفاع الموج في المتوسط 1.5مترا. وهذه المنطقة قريبة من الشاطئ الشمالي لسيدني، حيث وُلد وعاش طفولته.
يضيف: "طفولتي كانت أسترالية نموذجية... كنت ألعب الرجبي. وأمارس ركوب الأمواج. ثقافة الشاطئ كانت جزءا أساسياً من نشأتي".
والتحق فراشة بمدرسة ثانوية كاثوليكية، وكان "روحانيا، ولكن ليس متديناً جداً" إلى أن توجه إلى الولايات المتحدة في العام 1992 للالتحاق بالجامعة، حيث درس الديانات العالمية. وبعد أن أصبح مسلماً ملتزماً في العام 1996، كان عليه أن يتعامل مع مسائل تتعلق بالسوابق الإسلامية وأصول الفقه خلال عمله محامياً لإحدى الأسر. بعدها ذهب إلى اليمن في العام 2000 ودرس الشريعة الإسلامية لمدة عامين.
وعند عودته، طُلب منه أن يكون إماماً في مسجد أرتارمون في شمال سيدني. وبعد هذا بعامين انضم إلى مسجد لاكيمبا، وهو الأكبر في سيدني، ثم بعد ذلك مسجد بانكستاون.
يقول فراشة إنه يسعى إلى جسر الانقسامات المتزايدة بين المسلمين وغير المسلمين في أستراليا، حيث تتحمل السياسة ووجهات النظر المتطرفة في كلا الجانبين، المسئولية عن التوترات.
وأوضحت رئيسة اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان، جيليان تريجزر الأسبوع الماضي، في كلمة بجامعة سيدني، أن المسلمين يشكلون نحو 2 في المئة من إجمالي سكان أستراليا البالغ عددهم 24 مليون نسمة، وكثيرون منهم يواجهون التفكير النمطي والعنصرية.
وأضافت أن "المجتمع المسلم يتعرض بصورة غير متناسبة لخطاب الكراهية، وللتمييز، في التوظيف والحصول على البضائع والخدمات".
وأظهرت دراسة لجامعة غرب سيدني، تعود للعام 2015، أن التحيز العنصري ضد المسلمين أعلى بثلاث مرات منه ضد أي أستراليين آخرين. وأظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة موناش أن أكثر من نصف المسلمين المولودين في أستراليا يقولون إنهم تعرضوا للتمييز.
واعتبرت البرلمانية اليمينية المتطرفة بولين هانسون مؤخرا أن الإسلام "مرض يحتاج إلى لقاح". يقول فراشة: "أستراليا دائما دولة عنصرية، للأسف... أساس أستراليا قائم على العنصرية"، مستدركاً: "لا يتصرف الجميع بهذه الطريقة، بالطبع".
ويضيف أن الأستراليين قفزوا إلى عربة القومية والإسلاموفوبيا التي اجتاحت دولاً غربية أخرى. ويوضح: "الأمر يتعلق بصورة أكبر بسياسة الحكومة والمسئولين في السلطة... إنني فخور بانتمائي إلى أستراليا، ولكن للأسف بدأنا في الفشل بصورة شنيعة جداً" عندما يتعلق الأمر بالتحيز ضد المسلمين.
وحتى إذا لم يستطع تغيير آراء الآخرين، فإن فراشة يستخدم هويته كشيخ راكب للأمواج في الوصول إلى الجالية المسلمة الأسترالية، والإجابة عن أسئلتهم المتعلقة بالإسلام.
ويوضح: "الناس... يسألون عن كل شيء - كيفية التعامل مع والديهم، كيفية كسب المال الحلال، كيفية عيش حياة مسلمة جيدة في هذا العصر".
وختم بالقول: "هدفي هو أن أجعل المسلمين يعرفون أن بإمكانهم أن يكونوا مسلمين وأستراليين... فهم ليسوا منحصرين في طريقة أو شكل أو صورة".