قصة قصيرة... الفرح الباكي
مريم عيسى الشيخ - قاصة بحرينية
"الفرح المتسارع مخيف!
أولست تخاف من سيارات السباق السريعة أن تصطدم بحاجز الحلبة في أية لحظة فيُسحق صاحبها المنتشي؟
كذلك الحال مع السعادة المتهورة...
لا أمان لها، والخوف من عاقبتها".
لو كان دوستويفسكي أبي كنت اعتبرت من حكمته هذه، ولكن القائل هو - أبي - فقط... دون أن يكون فيلسوفاً أو حكيماً!
"ما أقبح النسيان حين يجيء في شكل غراب أعمى قادم من زمن المجاعات الطويلة، يلتقط عشوائيا الحبّات العفنة واللذيذة معاً... فلا أهم حينها إلا إسكات نعيق الجوع" أجبته.
لكنه على الأغلب لم يفهمها... فما علاقة حكمة الغربان بسيارات السرعة للتو بالنسبة له!
ولن يفهمها قطعاً... كيف أُقنع مريض الزهايمر هذا بأن الغراب ما كان يأكل إلا في رأسه، وما أبقى فيه سوى بعض الأشياء الجميلة مصادفة والتَهَمَ النتنة.
تنبهتُ أنه وقت دوائه... وتمنيت خيالاً أن يكون وقت تسميمه كي يموت كما مت وقت ولادتي تحت اسم المجهول لوقت طويل.
لفحتني ابتسامته الشاكرة على وقتي وأمرني بالانصراف بحركة نعله وبداخلي تمتمات تلعنه
"لن يغفر لك المرض حقارتك... لن يغفر لك أي شيء وضاعتك".
بصقت وهربت بعيداً كما لو أنه فعلا قادر على ملاحقتي بكرسيّه العتيق، تخيلته كلباً بوليسياً شرساً يلاحق القطط المحتضرة. ركضتُ أعض الأرض ساخطاً بشلال دمع الحنق والذل والعار حتى وصلت لشقة عشيقتي الفرنسية أشحذ بعض الفرح اللاذع.
وقبل ان أطرق الباب...
تذكرت حكمة أبي وبصقت مجدداً.
أولست تخاف من سيارات السباق السريعة أن تصطدم بحاجز الحلبة في أية لحظة فيُسحق صاحبها المنتشي؟
كذلك الحال مع السعادة المتهورة...
لا أمان لها، والخوف من عاقبتها".
لو كان دوستويفسكي أبي كنت اعتبرت من حكمته هذه، ولكن القائل هو - أبي - فقط... دون أن يكون فيلسوفاً أو حكيماً!
"ما أقبح النسيان حين يجيء في شكل غراب أعمى قادم من زمن المجاعات الطويلة، يلتقط عشوائيا الحبّات العفنة واللذيذة معاً... فلا أهم حينها إلا إسكات نعيق الجوع" أجبته.
لكنه على الأغلب لم يفهمها... فما علاقة حكمة الغربان بسيارات السرعة للتو بالنسبة له!
ولن يفهمها قطعاً... كيف أُقنع مريض الزهايمر هذا بأن الغراب ما كان يأكل إلا في رأسه، وما أبقى فيه سوى بعض الأشياء الجميلة مصادفة والتَهَمَ النتنة.
تنبهتُ أنه وقت دوائه... وتمنيت خيالاً أن يكون وقت تسميمه كي يموت كما مت وقت ولادتي تحت اسم المجهول لوقت طويل.
لفحتني ابتسامته الشاكرة على وقتي وأمرني بالانصراف بحركة نعله وبداخلي تمتمات تلعنه
"لن يغفر لك المرض حقارتك... لن يغفر لك أي شيء وضاعتك".
بصقت وهربت بعيداً كما لو أنه فعلا قادر على ملاحقتي بكرسيّه العتيق، تخيلته كلباً بوليسياً شرساً يلاحق القطط المحتضرة. ركضتُ أعض الأرض ساخطاً بشلال دمع الحنق والذل والعار حتى وصلت لشقة عشيقتي الفرنسية أشحذ بعض الفرح اللاذع.
وقبل ان أطرق الباب...
تذكرت حكمة أبي وبصقت مجدداً.