"رسالة مواطن"... في المناسبات وبوفيه السفر... هل أنت ممن يسرف في حشو الطبق بالطعام دون الحاجة؟ وبرأيك لماذا يلجأ البعض لهذا الأسلوب؟
لماذا الحيوانات والطيور تعيش الانضباط اليومي سلوكياً وأخلاقياً في الأكل والشرب بتطبيقها للنظام ونحن كبشر لا نعيشه؟... شاهدنا وشاهدتم أحبتي مشاهدات وأفلاماً كثيرة من المواد الإعلامية سواء في التواصل الاجتماعي أو على التلفاز لسلوكياتنا دون انضباط ولسلوكيات الحيوانات وهي منضبطة سلوكياً، وهي واقفة جائعة أمام مروضِها أو من يشرف على تغذيتها تتنظر دورها في الحصول على طبقها من الطعام، لكنني انبهرت كثيراً وأنا أرى الكلاب في طابور، كل يأخذ طبقة ويذهب به بعيداً ثم يعيده بعد انتهائه من تناول وجبته أو في مقطع آخر يتركه ويصطف مع الكلاب في نفس الطابور ليذهب إلى مكانه، وما أبهرني أكثر مجموعة من الاوز تطير في السماء بنظام متناسق وعلى حرف v حيث لا تتقدم أحدهن من الأوز على الأخرى، لماذا؟ حتى لا يفقدن الطاقة وتكسبن المسافة بنسبة 70 في المئة أثناء سيرها لمسافات طويلة! فمن أين لهذه الحيوانات والطيور هذه السلوكيات والانضباطيات، وهي من دون عقل لا تدرك أو لا تفكر؟، في حين أن الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان عقلاً ولباً راجحاً، إلا أنه وللأسف لا يستخدمه في سلوكياته وتصرفاته، أو أن على عقولهم أقفالها كما في حياة بعضنا البعض اليوم في تعاطيهم للكثير من الممارسات الخاطئة والسلوكيات المخجلة.
لنأخذ مثلاً طريقة تناول بعض الأفراد في المدعوين لوجبة الطعام في بوفية حفلات الزواج أو في وجبات الطعام في حملات السفر للسياحة، أنظر إليهم وأنا استغرب وهم يتكدسون على بعضهم البعض، وهم في غفلة وسرعة من أمرهم وقوفاً في طوابير البوفيه، ناهيك عن ملأهم أطباقهم بالرز واللحم والدجاج والكباب عن بكرة أبيها، حتى أن الطبق الواحد يكفي لثلاثة أشخاص، وما يؤسف عليه الطمع الذي أخذ منهم مأخذه، فأنساهم نصائح الأطباء، حاملين أفكارا وسلوكيات خاطئة أنهم دفعوا الثمن كاملاً، فلابد من أن يستردوه كاملاً بالأكل وحينما ينتهوا تحسبهم أيقاظاً وهم ركود موتى، لسبب بسيط جداً وهو أغلبهم مرضى بداء السكري والضغط! ولئن سألتني ما هو مآل الأطباق الملأ؟ طبعاً إلى القمامة، وكأني بهم ينادون كادر الحملات أو عمال الصالة (بيا... بيا) تعال سو ترتيب وتنظيف كي يستأنفوا للمرحلة الثانية وهي الحلى.
أحد الأشخاص يروي قصته وهو جالس يتناول طعامه في احدى الدعوات، فبادر زميله صاحب الكرشة والطبق المملوء، بنقل ما زاد عليه من طبقه إلى طبقه الذي لم يعجبه تصرفه فنهره قائلاً لماذا فعلت ذلك، وإنني حين أحتاج فالبوفيه قريب! والمصيبة أكبر حينما يضربان الأبيضين (السكر والملح) ضربتهما سواء في القلب أم في الرئة، واللذان نهى عنهما الإمام علي (ع) أو التقليل منهما خرجا من غير وعي، وإلى فراش المرض والموت أقرب، بسبب ما خزنا في معدتهم بعشرات الكيلوغرامات من السكريات والدهون والكولسترول وكذخيرة لهما!
حيث إن معدتهما لن تستطيعا صبراً ولا هضماً لهذه السعرات الحرارية الكبيرة... أحبتي في "رسالة مواطن" لابد من تحكيم وتغليب العقل على النفس الأمارة للأكل واللهو الكثير والجلوس والتبطح دون ممارسة أي رياضة، خصوصاً ونحن مقبلون على شهر الله، شهر الرحمة والغفران ومحاسبة النفس والبطن والفرج وتقييمها كما يقال "ارمِ الطعام الزائد قبل أن يرميك".
مهدي خليل