العدد 5351 بتاريخ 01-05-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةمنوعات
شارك:


التطور التقني يهدد قوافل الملح التقليدية في إثيوبيا

بحيرة عسل (إثيوبيا) - أ ف ب

في منطقة جافة نائية من إثيوبيا يتوافد مئات الرجال إلى ضفاف بحيرة عسل لاستخراج الملح منها، كما كان يفعل آباؤهم وأجدادهم، لكن التوجهات السياحية للحكومة في المنطقة توشك أن تقضي على هذه المهنة المتوارثة.

فمنذ مئات السنين، يعمل المقيمون على ضفاف البحيرة على استخراج كتل كبيرة من الملح يجعلونها على شكل قوالب مستعينين بفؤوس أو قواطع، على مرأى من الجمال التي تستعد لنقل الحمولة بعد ذلك.

لكن التوجهات الحكومية في هذه المنطقة النائية من شمال شرق البلاد تهدد نمط الحياة التقليدي هذا بالاندثار، إذ تنوي السلطات شق طرقات وجذب المستثمرين والسياح إليها. ويقول موسى إدريس العامل على ضفاف البحيرة في ظل حرارة تصل إلى خمسين درجة "إن ظلت الأمور كما هي لن يبقى لنا عمل" في هذه المنطقة التي تعد من الأكثر حراً وجفافاً في العالم وحيث قد تلامس الحرارة خمسين درجة أحياناً.

وبدأت الفنادق والمطاعم تظهر فعلا في المنطقة، على أمل جذب السياح من كل أصقاع الأرض الراغبين بمشاهدة المناظر الطبيعية الناجمة عن التقاء ثلاث صفائح تكتونية في باطن الأرض.

جذب الملح اهتمام عدد من المستثمرين الإثيوبيين، وصارت المياه تضخ من البحيرة لتصب في أحواض تجفيف فتتبخر ليبقى الملح. والملح الذي يستخرج صناعياً يبدو أنه أجود من المستخرج على الطريقة التقليدية، بحسب ما يقول العمال التقليديون أنفسهم، لكنه أغلى ثمناً.

ويقول ماهري أسغيدوي المسئول عن مصنع حديث مقام قرب البحيرة "جمع الملح بالطريقة التقليدية مختلف كثيرا عن طريقتنا، ويتطلب وقتاً أطول وجهداً أكثر". ويتوقع أن تصبح منشأته، التي بدأت عملها في الآونة الأخيرة، أهم منتج للملح في المنطقة.

لكن إنتاج الملح يبدو مهدداً بعدد من العوامل لعل أهمها شق الطرقات المعبدة.

فإثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها مئة مليون نسمة، دخلت قبل سنوات في مرحلة نمو اقتصادي مرتفع، وصل إلى 10 في المئة في العام 2015.

إزاء ذلك، تضاعف الحكومة من مشاريع البنى التحتية، مثل بناء السدود وشق الطرقات، على أمل القضاء على الفقر الذي ما زال يرزح تحته 30 في المئة من السكان. في الماضي، كانت رحلة العربات من ضفاف البحيرة إلى مدينة مقلي تستغرق أياماً عدة، سالكة طرقات من الحصى.

وحتى اليوم، ما زالت الجمال تنقل الملح في طريق طويل، لكنه يستغرق ثلاثة أيام بدلاً من خمسة، ويتوقف فيه التجار في برحالي التي أصبحت مركز تجارة الملح في المنطقة.

في كل يوم، تحمل قوافل الجمال خمسة آلاف قالب ملح إلى برحالي الواقعة على ضفة نهر قديم جفت مياهه، وتنقل الحمولة من هناك في شاحنات إلى كينيا المجاورة بحسب أحمد علي أحمد المسئول في نقابة عمال الملح.

ويقول أحمد "جلبت لنا هذه الطريق تغيرات كثيرة لأنه بات بمقدورنا ان ننقل الملح بسهولة إلى مدينة مقلي".

ويأمل أحد أن يأتي يوم يستقل فيه قطاع الملح عن الجمال، ويقول "نأمل أن يصبح لدينا بدلها شيء مثل السيارات".

يبدو العاملون التقليديون في استخراج الملح في وضع لا يحسدون عليه كثيرا، فظروف العمل صعبة ودخله ليس وافرا.

ومن هؤلاء العمال إدريس الذي يكسب 500 بير يوميا (21 يورو)، لكنه لا يقدر على العمل كل يوم في هذه الظروف القاسية. ولذا يكاد مدخوله لا يكفي لدفع نفقات إيجار الكوخ الذي يسكن فيه.

ويقول "ليس لدينا مياه جارية، ونضطر أحياناً إلى أكل طعام سيء". ويضيف "إن كانت التكنولوجيا ستجلب معها التغيير، فسيكون ذلك أفضل".

لكن البعض يتخوفون من أن يأتي التطور على هذه المهنة التقليدية فتختفي.

ويقول عامل آخر يدعى إبراهيم إن البحيرة "هي أشبه بأرضنا التي نزرعها، ليس لدينا شيء آخر، آمل أن يواصل أبنائي وأحفادي جمع الملح من هنا".




أضف تعليق