الحاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت لإنشاء مجلس اقتصادي اجتماعي ثلاثي الأطراف
الحلواجي في حفل عيد العمال: تفكيك شركات ضخمة على الأبواب... آلاف العمال بلا أجور... وقرارات "التأمينات" غير صحيحة
العدلية – الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
ألقى أمين عام الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، حسن عبدالله الحلواجي، كلمة في حفل عيد العمال اليوم (1 مايو/ أيار 2017) بحضور وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان، وتنقل "الوسط" الكلمة التي أقلها الحلواجي كمال التالي:
لنا في هذا اليوم وقفات معكم نستعرض فيها مسيرتنا عبر عام بما فيها من الجهد والهواجس والآمال.
أولى هذه المحطات هو ما حظينا به من كرم الاهتمام وحسن الإصغاء في زيارتنا للقيادة متمثلة بحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، والتي كانت زيارتين ذات أهمية بالغة في مسيرتنا العمالية طرحنا فهما هواجسنا واهتماماتنا، حيث وجدنا الأذن التي تستمع والصدر الذي يرحب، متطلعين إلى أن تأخذ توجيهات القيادة محلها من التزام المعنيين بالتطبيق، والذي لمسنا بعضا منه في بعض الملفات ونتطلع إلى المزيد منه في ملفات أخرى، ولا نجد مبررا واضحا ولا سببا مقنعا لهذا البطء في حل ما تبقى من هذا الملف المؤرق.
وفي المحطة الثانية لي وقفة مع الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه في 10 مارس/ آذار 2014 لإنهاء قضية المفصولين على حلفية أحداث 2011، ونحمد الله أن الكثير أنجز على صعيد عودة المفصولين ويبقى أن نواصل الجهد مع شركائنا بوزارة العمل بقيادة الوزير جميل حميدان، وعمل فريق الوزارة، ومع شركائنا بغرفة التجارة من أجل إنهاء ما تبقى من حالات المفصولين. وقد تواصلنا في هذا السياق مع نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وأملنا كبير في أن نشهد مع نهاية هذا العام اختتام ملف مفصولي 2011، وفي مقدمتهم المفصولين من النقابيين. ويبقى تنفيذ بقية بنود الاتفاق الثلاثي والذي نحتاج من أجله أن نعيد نفعيل اللجنة الثلاثية التي توقفت اجتماعاتها لفترة طويلة منذ الدورة الماضية.
أما ثالثا، فأعود مجددا إلى موضوع البرنامج الريادي للعمل اللائق Decent Work Pilot Program والذي لا نجد في الاتحاد العام مبررا لعدم تنفيذه، بل بالعكس إن تنفيذه اليوم أولى من أي وقت مض في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهنا.
وفي المحطة الرابعة أقف بكم على قضية التمثيل العمالي في هيئة التأمين الاجتماعية والتي يخلو مجلس إدارتها من أي تمثيل عمالي حتى الآن، في مخالفة واضحة للقانون رقم 3 لسنة 2008 وللمرسوم رقم 18 لسنة 2013. وتأتي أهمية التمثيل على الأخص الآن في ظل ما يثار عن احتمالات تعرض المكاسب التأمينية للمساس، وقد قمنا من جانبنا برفع أسماء ممثلينا للجهات المسؤولة ولم نتلق ردا حتى الآن. وعليه نعتبر عدم صحة أية قرارات تصدر عن مجلس إدارة الهيئة في غياب التمثيل العمالي.
خامسا، إن ما يثير قلقنا هو ما يتداول بشكل غير رسمي أو شبه رسمي عما نحن مقبلون عليه في الشركات الكبرى، والتي كانت على الدوام فخر الصناعات البحرينية وتميزت باستقطاب نخبة العمالة البحرينية المدربة، حيث نسمع عن مساعٍ من أجل تقسيم هذه الشركات أو إنهاء عقود العمل معها أو بيع بعض خدماتها وأجزائها فيما يمكن أن نسميه خصخصة القطاع العام الصناعي. وإن هذه الشركات المملوكة للدولة جزئيا أو كليا خلقت مستوى من العمل اللائق والأجور والامتيازات التي استمتعت بها العمالة الوطنية زمنا طويلا ما جعلها مركز جذب للباحثين عن عمل، ويقلقنا جدا أي سعي من أجل تحويلها إلى أصحاب عمل لن يكون بمقدورهم مواصلة نفس النهج الحالي بسبب سعي المستثمر الجديد لزيادة هامش الربح على حساب حقوق وامتيازات العمالة خاصة، في ظل إقامة ملتقيات وفعاليات مثل ملتقى "البحريني أولا"، وحتى يكون أولا، وجب علينا أن نجد المكان اللائق الذي سيعمل فيه والذي تمثل الشركات المملوكة للدولة أحد نماذجه بكل تأكيد. ونشدد على رفض أي عملية تجري في هذه المواقع دون تشاور ومشاركة حقيقية في صناعة القرار مع النقابات العمالية بوصفها شريكا أساسيا في الانتاج.
سادسا، تأتي قضايا حالات تأخير الأجور أو الحرمان منها للآلاف من العمال البحرينيين والمهاجرين، والتي تبنى اتحادنا الدفاع عن حقوق العمال فيها دون تمييز، حيث تقطعت السبل بالكثير من العمال المهاجرين بسبب فقدان ىمصدر رزقهم من جهة وعدم قدرتهم عن العودة إلى بلدانهم من جهة أخرى. وقد حدثت قضايا من هذا النوع في البحر بالنسبة لبحارة السفن والتي هي حالات غير مغطاة بالمحاكم العمالية كونها لا تقع ضمن مظلة قانون العمل، وقد تمكنا بفضل جهود الأمين المساعد المسؤول من العمل على حلها إما عبر المحاكم غير العمالية أو وصولا إلى تسوية بين البحارة وملاك السفن، بعد أن علق البحارة لشهور دون رواتب ودون توفير ضرورات المعيشة على ظهر السفن. وهي مناسبة لأنوه بمساعدة جمعية البحارة ورئيسها الكابتن علي حاجي وما قدمه من مساندة لولاها لما تمكنا من تحقيق أي تقدم في هذه القضايا. وحالات أخرى حدثت على البر في المناطق الصناعية وفي غيرها من الشركات حيث يجري العمل مع وزارة العمل على حلها بدفع أجور العاملين. ونرى إن حماية أجور العاملين تستدعي تدابير مسبقة مثل تأمين على الأجور مثلا ضد حالات التعثر من أجل ألا يدفع العامل ثمن عدم حصول شركته على حقوقها أو تعرضها لوقف أو احتجاز حيث يعتبر الأجر هو الدين الممتاز الذي يعلو على كافة المستحقات المالية على جهة العمل.
سابعا، باتت الحاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت لإنشاء مجلس اقتصادي اجتماعي ثلاثي الأطراف، وبمشاركة المختصين مستفيدين من تجارب بعض الدول العربية وغيرها لمقاربة مشكلة البطالة، وغيرها من المشكلات برؤية موحدة حيث نجد تضاربا في أرقام البطالة وعدد العاطلين بين عدة مسئولين في حكومة واحدة فلوزارة العمل رقم ولوزير المالية رقم آخر ولهيئة تنظيم سوق العمل رقم ثالث. وإذا ما نظرنا لمشكلة تسريح موظفات قائمة 1912 وتقاذف كرة المسؤولية بين وزارة العمل وتمكين ووزارة الأشغال والبلديات وشركة الأثير وجهات العمل في القطاعين الخاص والعام لعرفنا الحاجة إلى وجود مجلس اقتصادي اجتماعي.
وفي سياق متصل، بما ورد أعلاه، نرى أهمية الحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج كوسيلة لضمان حرية العمل النقابي، والتشكيل النقابي في كل القطاعات دون قيود، وفي كل مواقع العمل دون حدود ونستنكر بأقسى العبارات كل فصل أو تعسف أو قرار جائر ضد العامل بسبب كونه نقابيا أو بسبب سعيه لتشكيل نقابة ونعلن مساندتنا الكاملة لضحايا هذا التعسف وللمتضررين بسبب نشاطهم النقابي.
كما نرى أن مشروعات تغير هيكل القوى العاملة وتمس العمالة بشكل مباشر، مثل مشروع نظام البحرنة الموازي ومشروع نظام تصريح العمل المرن هي مشروعات ما كان يجب أن تقر دون حوار اجتماعي حقيقي بين أطراف الانتاج يكون الطرف العمالي طرفا رئيسيا ومؤثرا فيه.
ثامنا، ولايزال في أنفس النقابيين قيادات وقواعد عمالية شيء من الحنين إلى مسيرة الأول من مايو/ أيار، والتي كانت آخر نسخة منها عام 2014 وحيث قدم الاتحاد العام المثل الأعلى تنظيما والتزاما، ومع تقديرنا لأسباب السلطات في عدم ترخيص المسيرة إلا أنني أشارك عمال البحرين جميعا الحلم بأن تعود المسيرة في العام المقبل.
وأخيرا لا بد لاتحادنا من وقفة في هذه اللحظات مع القضية الفلسطينية التي هي بوصلة العرب والمسلمين جميعا لأعرب عن مساندة اتحادنا لعمال وشعب فلسطين، وهم يخوضون نضالهم العادل وخاصة لمعركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية دفاعا عن حقوقهم التي نصت عليها المواثيق الدولية.