البحرين : "وعد" تؤيد إصدار قانون الأسرة الموحد وفق المذهبين وتعتبره ثمرة لنضالات الحركة النسائية الأهلية
أم الحصم - جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"
قالت جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" إنها تؤيد "صدور القانون الموحد للأسرة، الذي طال انتظاره منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث استمرت مدافعتها بشأن صدوره في كافة بياناتها وإصداراتها السابقة، انطلاقاً من مبادئها الثابتة في دعم حقوق المرأة البحرينية ونضالاتها من أجل المساواة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية، وضمان تمكينها واعانتها على المشاركة المجتمعية الكامل".
وذكرت "وعد" أن تأييدها ودعمها صدور القانون الموحد للأسرة يأتي من منظورها الحقوقي والانساني لمطالب المرأة البحرينية المستحقة، حيث ظل مطلب القانون الموحد على رأس أجندة الحركة النسائية الأهلية في البحرين منذ السبعينيات، وقد أثمرت جهودها الكبيرة مع باقي الشركاء المحليين عن إصدار قانون أحكام الأسرة رقم 19 لسنة 2009 في 27 مايو 2009 في قسمه الأول المتعلق بالمذهب السني، الذي أثبت فاعليته بعد مرور أكثر من سبعة أعوام في تحسين ظروف التقاضي والانتصاف للمرأة والأطفال وفق النصوص القانونية الصريحة والمدونة، ويأتي السعي الحالي مجدداً لإصدار القانون الموحد، خطوة على الطريق الصحيح واستجابة لاحتياجات واقعية للنساء المتضررات وأطفالهن وأسرهن كما تم في العديد من الدول العربية والإسلامية وليس ترفاً أو مطلباً هامشياً.
وأشارت إلى أن مطالباتها والحركة النسائية في البحرين وغيرها بإصدار قانون موحد لأحكام الأسرة، يعني إصدار قانون واحد يحوي الأحكام المتطابقة بين المذهبين، بالإضافة إلى الأحكام المختلفة الخاصة بالمذهب الواحد، دون جبرية مذهبية. فالأحكام المتماثلة بين المذهبين تكتب مرة واحدة في القانون، أما الأحكام الخاصة بالمذهب الواحد فانها تكتب وفق المعمول به في ذاك المذهب، وبالتالي لا مبررللمخاوف والهواجس حول الإنحرافات أو التداخلات التي ساقها بعض المعارضين للقانون.
كما إن عملية تقنين الأحكام الخاصة بالأحوال الشخصية تأتي نفاذاً لما هو منصوص عليه من أحكام في الدستور ووفق ما ورد في ميثاق العمل الوطني. حيث تنص المادة الثانية في الدستورعلى أن "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع..." وهذه المادة ثابتة وتضمن صدور القانون الموحد للأسرة، وأية قوانين أخرى، متوافقة مع الشريعة الإسلامية دون حياد عنها، وبالتالي تنتفي أية هواجس من أية انحرافات شرعية، كما أن تشكيل اللجنة الشرعية من قبل جلالة الملك لمراجعة مسودة قانون الأسرة المقترح، هي كذلك خطوة أخرى ضامنة ومراعية للاختلافات المذهبية، وتبقى الرقابة الشعبية ورفضهم الضمانة الحقيقية الأمضى عندما يرون تحريفاً أو تشويها لما تربوا عليه.
وترى "وعد" أن غياب قانون موحد لأحكام الأسرة، هو أحد أبرز أوجه الانتهاكات لحقوق المرأة البحرينية والتمييز ضدها، حيث تنص المادة رقم (18) من الدستور على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أوالأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة" ووفق هذه المادة يمنع على المشرع اتخاذ مواقف تمييزية ضد المرأة فيما يتعلق بقانون موحد ممكن للأسرة وغيره من القوانين.
وذكرت جمعية "وعد" أن تأييدها للقانون الموحد للأسرة وسرعة إصداره يأتي منسجماً ورؤيتها في احترام مكانة المرأة في المجتمع فهي انسانة ومواطنة وتشكل نصف طاقته الإنتاجية، وترفض "وعد" أن تعامل بدونية عن أخيها الرجل، خاصة وأن مبادىء الدين الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية تتوافق ومنظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان وعهوده وصكوكه الخاصة بالمرأة مثل اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية الطفل، وهي جميعها كفلت حقوقها المتساوية في كافة أمور الحياة المعاصرة وحريتها وكرامتها، ولم تعد أسباب التمييز ومبرراتها التاريخية قائمة.
وأضافت: ومع ادراكنا لدرجة الحساسيه المجتمعية، فان إصدار القانون الموحد من أجل الأسرة عموما والمرأة والأطفال بشكل خاص، ينبغي أن يكون سريعاً ولا يتأخر لأي مبرر يساق ومن قبل أية جهة، فالهدف من القانون الموحد ليس التعسف والتحكم وخلق المزيد من الفرقة والشقاق المجتمعي، بل تعزيز المواطنة المتساوية والقضاء على التمييز والوحدة الوطنية، ولانرى أية سابقة للسلطة السياسية أومصلحة لها في اقحام نفسها في قضايا أحكام الأسرة لعدم وجود أية مسوغات سياسية .
وقالت: فالغاية من وراء التقنين هي تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية فيما يخص العدالة في نطاق الأسرة وعلى الأخص ضمان حقوق النساء والأطفال، الذين اتضح انهم الشريحة الأكبر من ضحايا سوء التوافق الأسري في البحرين. وقد خلق غياب القانون المكتوب وتباين وحتى تناقض الأحكام وفق ثقافة القاضي واجتهاداته ومايركن له من مصدر شرعي وموروث اجتماعي، خلق حالة من غياب الثقة بالمحاكم الشرعية لدى شرائح كبيرة من النساء وإنزوائهن وعدم مطالبتهن بحقهن لإيمانهن بعدم وجود الإنصاف.
وننوه إلى أنه قد تم سابقاً تقنين المسائل المتعلقة بحرمة الدم والأسرة في قانون العقوبات البحريني الصادر في العام 1976، حيث اشتمل على باب خاص يتناول الجرائم الماسة بالدين والأسرة وحدد عقوباتها على الرغم من كونها مشمولة في الشريعة، ومن أمثلتها جريمة التعدي على الدين أو تحقير شعائره أو التحريف العمدي لنص مقدس أو تحقير أحكامه وغيرها، كذلك قنن قانون العقوبات ما يخص جرائم الزنا والشرف والاغتصاب والاعتداء على العرض، وكلها مسائل شرعية لم يعترض عليها أحد. كما أن أحكام الولاية على المال وهي فرع من فروع الأحوال الشخصية تم تنظيمها بموجب المرسوم بقانون رقم 7 لسنة 1986 عندما دعت الحاجة لوجود هذا القانون.
وقالت: إن المطالبة بقانون موحد للأحوال الشخصية بدأت في فترة الثمانينات حيث تشكلت لجنة الأحوال الشخصية في 1982 بمبادرة من ثلاث جمعيات نسائية، وكانت المطالبة بناءً على دراسة لأوضاع النساء في المحاكم الشرعية، ومع تأسيس الاتحاد النسائي في 2006، تواصلت مسيرة المطالبة باصدار القانون الموحد، وكذلك كانت جهود المجلس الأعلى للمرأة لتثمر في إصدار صندوق النفقة وتعديل الاجراءات أمام المحاكم الشرعية وإنجازات أخرى. كذلك كان لمكاتب المرأة في الجمعيات السياسية دور داعم لمطالب الحركة النسائية من أجل إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية، وأصدر مكتب قضايا المرأة في جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" في مارس 2008، كتيباً شاملاً بموقف مفصل حول تقنين أحكام الأسرة، تضمن بالاضافة إلى الموقف الصريح مع إصدار قانون موحد عصري وفق المذهبين، ملاحق بقراءة قانونية في مسودات المشروع المنشورة آنذاك.
وقالت الجمعية إنه وعلى الرغم من تأكيدها ودعمها الشديدين لاصدار قانون موحد للأسرة يراعي المذهبين ، فانها ترىالتداعيات السلبية البينة من اصداره دون توافق مجتمعي ودون مساهمة الشركاء الأساسيين عبر عقود من الزمن. حيث أن اغفال دور الاتحاد النسائي ومؤسسات المجتمع المدني والاختصاصيين تجعل آلية طرح القانون آلية فوقية، ولابد من أجل الوصول إلى قانون مرحب به ويشعر الجميع بملكيته، أن يتم العمل مع مؤسسات المرأة الأهلية والاختصاصيين القانونيين والاجتماعيين ، كما أنه لابد من إيجاد الارضية المناسبة الجامعة، فضمن السياقات الحالية التي تعيشها بلادنا والتي تعاني من أسوأ حالات الانقسام السياسي والاجتماعي، ومن غياب خارطة طريق وطنية لمعالجة حقيقية متكاملة للاحتقان السياسي المتأزم بعد الحراك الشعبي في 2011، قد لا يحظى القانون الموحد المقترح بموافقة قطاع كبير من النساء هن أحوج بصدوره في بيئة توافقية . ولهذا نرى أن إصدار القانون يتطلب توفر النية الصادقة والحقيقية من كافة الأطراف وعلى رأسها الدولة.
واختتمت أنها تكرر تأييدها إصدار القانون الموحد للأسرة ورغبتها في سرعة إصداره، وفق الإجتهادات المستنيرة وآراء الاختصاصيين والمعنيين، وتطالب بتهيئة الأرضية السياسية والاجتماعية لصدور القانون بالتوافق المجتمعي، على أن تأخذ عملية تطوير القضاء الشرعي بجوانبها المتعددة مداها المطلوب، من أجل المواكبة العصرية وإنصاف المرأة واستقرار الأسرة البحرينية.