«المعارضة» تتضامن مع «وعد»... والجمعية: مارسنا نضالنا وفق القانون وسنظل دعاة سلم وإصلاح
أم الحصم - حسن المدحوب
أكدت قوى المعارضة (المنبر التقدمي، التجمع القومي، الوحدوي)، تضامنها مع جمعية «وعد»، إزاء دعوى وزارة العدل لحلها، فيما شددت الجمعية على أنها «مارست دورها ونضالها كمعارضة سياسية تعمل وفق القوانين المعمول بها في البلاد»، مشددة على «أننا سنظل دوماً وأبداً دعاة سلم وإصلاح».
جاء ذلك في ندوة عقدت في مقر جمعية وعد في أم الحصم، مساء الأربعاء (26 أبريل/ نيسان 2017)، تحت عنوان «لماذا تحاكم وعد؟».
وفي كلمة المكتب السياسي لجمعية وعد، قال نائب الأمين العام للجمعية محمود حافظ: «فلسفة وعد قائمة على الإصلاح والسلم، وإن نهج العلنية لم تكن دبلوماسية نمارسها أو تكتيكاً أو تقيّة، بل خياراً استراتيجياً نمارسه علناً، وفي أي حال من الأحوال لن ننتهي مع من يريد إنهاء وجود وعد، كموقف واتجاه في الحياة والفكر والسياسة، فسنبقى منحازين إلى المواطن في مطالبه وحقوقه لبناء دولته المدنية الديمقراطية الحديثة الملتزمة بمبادئ العدالة والحرية والمساواة».
وفي مستهل الندوة، قال حافظ: «إن القضية المرفوعة ضد جمعية وعد في المحكمة الكبرى الإدارية والمؤجل نظرها لتقديم المرافعة الختامية، صباح يوم الأحد المقبل (30 أبريل 2017)، هذه القضية حلها أولاً وأخيراً بيد الدولة، فهي الوحيدة خير من يستطيع أن يحلها ويفتح آفاقاً لمستقبل الديمقراطية وحرية العمل السياسي للمعارضة».
وذكر أن «الوضع الذي نعيشه لا يمكن وصفه بأنه أزمة، بل يتعداها إلى توصيف أعمق، يتمثل في إشكالية متعددة الأوجه مترابطة في حزمة من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحقوقية والدستورية وغيرها، لا تتوافر إمكانية ومسئولية حلها من جهة واحدة منفردة في قرارها، بل هي مسئولية الجميع في مجتمعنا، ولهذا لابد أن يكون الحل لهذه الإشكالية في إطار عام تشارك فيه جميع المكونات الاجتماعية والأطراف الفاعلة بكل تلاوينها السياسية، فالحكم هو اللاعب الأساسي الذي يمتلك مبادرة حل الإشكالية القائمة».
وبيّن أن «وعد ومنذ تأسيسها أوجدت قطيعة فكرية وسياسية وتنظيمية مع منهج العمل السري وأساليبه الثورية المعتمدة على مشروعية العنف الثوري في تحقيق مطالب الشعب، نقول نعم، إننا أوجدنا قطيعة معرفية مع هذه الفلسفة السياسية، دون أن نلغي امتدادنا التاريخي الذي جاء ومازال مستمراً في وعد اليوم من إرهاصات ونضالات الحركة الوطنية الديمقراطية في جميع مراحل التاريخ الحديث والمعاصر في البحرين».
وشدد «أن ما نظهره لا يخالف ما نبطنه، ولا نراوغ أو نهادن حول ما نعلنه من مواقف بل إننا نقوم به وفق أفعالنا وممارساتنا، إن معارضتنا واختلافنا مع الجهات الرسمية في معالجة القضايا في بلادنا، تستند على الحق الدستوري والسياسي في العمل كمعارضة، نتمتع بتلك الحقوق وفقاً لميثاق العمل الوطني ومبادئ وأحكام دستور البلاد، ومن هذا المنطق فإننا على الدوام ندافع عن حقنا في الوجود وعن حرية العمل السياسي، ولا ندعو مطلقاً إلى أي مطالبات خارج قواعد الديمقراطية والسلم المدنية».
وأكمل حافظ «الديمقراطية ليست عقيدة بالنسبة لنا، وإنما هي منهج ونظام حكم، له مقومات مشتركة من مبادئ ومؤسسات وآليات وضوابط في المجتمعات مثل سائر النظم المشتركة والتي تنظم حياة البشر في بلدان العالم، ونحن نلتزم بقاعدة المواطنة في العضوية قولاً وفعلاً، ونقوم بممارسة الديمقراطية الداخلية في جميع أطرنا التنظيمية وقراراتنا نابعة منها، فهي ضمانة حقيقية للممارسة الديمقراطية في الدولة والمجتمع، لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقال، ومن يحكم في المجتمع والدولة، لا يجب أن يميز بين فئات الشعب عند تولى المناصب العامة، وتنظيم وعد يسعى إلى أن يعزز ثقافة الديمقراطية في صفوفه بمثل ما يدعو إلى تطورها في مجتمعنا لتكون ديمقراطية حقيقية».
وأضاف «تعمل وعد مع قوى التيار الديمقراطي في بلادنا وفق ما بشر به ميثاق العمل الوطني الداعي للمملكة الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة، وذلك من خلال مطالبتنا الدائمة بتفعيل مبدئها الأساسي وهو أن الشعب مصدر السلطات جميعها، ونطالب بترجمته ترجمة حقيقية قولاً وفعلاً في مؤسسات الدولة وأجهزتها».
وقال «في وعد نقف ضد عقوبة الإعدام وتنفيذها بحق كل إنسان مهما كان جرمه، لأننا مع الحق في الحياة وهو من الحقوق في السلامة الجسدية وحفظ الكيان الجسدي، وينسجم مع مرجعيتنا المعتمدة في النظام الأساسي التي تنص على الالتزام بالشرعية الدولية ممثلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين ووثائقه وصكوكه اللاحقة، وللمطالبات الدولية بإلغاء هذه العقوبة التي أثبتت فشلها كعقوبة رادعة فضلاً عن مخالفتها للطبيعة الإنسانية حتى بات يزدريها المجتمع الدولي، وإننا من المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام لتعارضها مع حق الحياة واستمراريتها لكل إنسان مهما كان جرمه، لإيماننا بأن الحبس والسجن هما أقسى العقوبات التي يمكن أن ينالها الإنسان مع تحقيق الضمانات الدستورية والقانونية لكل متهم».
وأردف «لهذا نحن في وعد نحزن ونأسى على كل قطرة دم أهدرت على هذه الأرض الطاهرة ولجميع الأبناء، ونطالب بحرمة هذا الدم ووقف كل المعالجات التي تسهم في زيادة تعقيد المشهد وتعميق الهوة بين مكونات المجتمع وقواه الاجتماعية في الفضاء السياسي العام».
وتابع حافظ «إن ديننا وثقافتنا وقيمنا تدعونا إلى أن نترحم على كل الدماء التي سالت على أرض هذا الوطن، حتى وإن كنا نختلف معهم في المعتقد والرأي والفعل، فهذا الوطن بأرضه وشعبه وشرعيته لا نبيعه أو نساوم عليه أو نضعه في ميزان المصلحة، بل إن الوطن هو بوصلتنا الوجودية، وهو الحياة والموت، وإن كل من يعيش على هذه الأرض له الحق في الحياة والاستمرار فيها».
وقرر «نعم، نحن نختلف مع الجهات الرسمية في استراتيجياتها ورؤيتها ونقدم بدائل مخالفة ومغايرة لها، وننتقد أداء الوزارات والهيئات المختلفة، دون أن نحمل الكراهية والضغينة لأحد، ولا نحرض عليها بل نمارس دورنا كمعارضة سياسية تعمل وفق القوانين المعمول بها في البلاد، وسنظل دوماً وأبداً دعاة سلم وإصلاح».
وأكمل «نعم إن فلسفة وعد قائمة على الإصلاح والسلم، وإن نهج العلنية لم تكن دبلوماسية نمارسها أو تكتيكاً أو تقيّة، بل خياراً استراتيجياً نمارسه علناً، وفي أي حال من الأحوال لن ننتهي مع من يريد إنهاء وجود وعد، كموقف واتجاه في الحياة والفكر والسياسة، فسنبقى منحازين إلى المواطن في مطالبه وحقوقه لبناء دولته المدنية الديمقراطية الحديثة الملتزمة بمبادئ العدالة والحرية والمساواة».
وأضاف «لقد أعلنّا سابقاً ومازلنا نعلن وبكل صراحة وشفافية كل القضايا التي نختلف فيها مع الدولة، ووضعنا في برنامجنا الانتخابي الشامل في أكتوبر/ تشرين الأول 2010 تحت شعار «الوطن أمانة، وبسنا فساد» وطرحنا رؤانا لإصلاح الوطن وإخراجه من التحديات والإشكالات التي مازال يعاني منها في (27) قضية محورية، كل محور من محاور برنامجنا الانتخابي يطرح رؤيتنا لمواجهة المشكلات والتحديات الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية وكيفية إدارتها وحلها».
وأردف أن «وعد ذات التوجهات العروبية القومية تساند قضية فلسطين، وتطالب بتحرير أرضها وإقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، ورفض التطبيع بكل أشكاله مع العدو الصهيوني، وفي الوقت التي تؤكد وعد رفضها للتدخلات الخارجية في الشئون الداخلية للبحرين والبلاد العربية، فإنها كتنظيم ديمقراطي عقلاني مدني، يعتبر رقماً حياً في العمل السياسي وجزءاً أساسياً في قوى التيار الوطني الديمقراطي في البحرين، وامتداداً متصلاً بالحركة الديمقراطية المدنية الخليجية والعربية والدولية».
وختم حافظ «إننا نؤكد على ضرورة الخروج من عنق زجاجة الأزمة المتعددة الأوجه في البحرين، إلى آفاق الحل السياسي الجامع الذي ينقل بلادنا من حالة الاحتقان السياسي والأمني إلى حالة الانفراج القادر على خلق معطيات جديدة تضع بلادنا على سكة التنمية المستدامة الحقيقية وتموضعها على خريطة دول العالم التي تسير على طريق الديمقراطية وتشييد الدولة المدنية الحديثة».
وفي كلمته، قال الأمين العام لجمعية الوحدوي حسن المرزوق «أحيي في هذه الوقفة التضامنية الجمعية الحاضنة لجميع الرؤى والأطروحات والتباينات مع الجمعية العابرة للطوائف والانقسامات مع الجمعية الوطنية الديمقراطية التي أسسها المناضل الوطني الراحل الرفيق عبدالرحمن النعيمي الذي ما نذهب إلى أي قطر عربي إلا وحضر اسمه وذكرياته ونضالاته من أجل وطن لا يرجف فيه الأمل ورفاقه من المناضلين على دروب الشوك من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية».
وأضاف المرزوق «بالإصالة عن نفسي وبالنيابة عن قيادات وأعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي أقف أمامكم اليوم لأعلن تضامن الوحدوي التام مع وعد فيما يحاك لها من ضرر يشارك فيه أعداء الحرية من أقلام وصحف صفراء تكيل بمكيالين هدفها محو وجه البحرين الديمقراطي الموعود والذي جملته وعد وأخواتها من الجمعيات فعملوا بجد واجتهاد هدفهم رفعة البحرين ونهضتها فهذا التضامن الذي نشارك بِه معكم ما هو إلا رد الجميل لهذا الكيان الكبير بعطائه ومواقفه مع جميع فئات الشعب ومع جميع المطالب الشعبية فوعد ليست للوعديين فقط بل هي للجميع ومن الجميع فقد كانت دائماً وأبداً للجميع وحمت وذادت عن الجميع وكانت ومازالت مع الجميع».
وأردف «لا يجب أن تحاكم وعد بل يجب أن تكرم لنضالها ومحاولاتها الحثيثة للعبور بالبحرين لبر الأمان، فهي من دعت وأخواتها من الجمعيات السياسية المعارضة إلى حوار بناء يمكن من خلاله مراجعة كل المراحل وصياغة تفاهمات نستطيع البناء عليها لتعود البحرين كما كانت بداية العصر الإصلاحي عندما صُفرت السجون وأعادت المنفيين وفتحت أبواب العمل السياسي رغم بعض التحفظات».
وتابع «إنني وفي هذا المقام أذكر من أن البحرين بحاجة لقرار تعبر به أزمتها الخانقة والمستفحلة والتي أثرت بشكل واضح وجلي على اقتصادنا وعلى نسيجنا الاجتماعي وبالتأكيد على حقوقنا السياسية والإنسانية ولسنا بحاجة لتقويض العمل السياسي والتضييق على الجمعيات السياسية العاملة فكما يرى الجميع حالة الجمود السياسي بعد حل جمعية الوفاق ذات الغالبية الجماهيرية وها نحن اليوم أمام نفس المشهد مع جمعية وعد والذي لربما يتكرر لتزداد حالة الركود السياسي وبذلك تخسر البحرين كبار جمعياتها العاملة بصدق وإخلاص للوطن والمواطن».
وأفاد «إننا في الوحدوي أعربنا في بيان بتاريخ (7 مارس/ آذار الماضي) عن قلقنا البالغ إثر قيام وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف برفع دعوى قضائية لحل جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد»، لما لهذا الإجراء من ضرر بالغ الأثر على العمل السياسي في البلاد وتضييق مباشر على الجمعيات السياسية المعارضة».
وواصل المرزوق «كما ذكرنا أن وعد تعمل وفق قانون الجمعيات السياسية كما هي باقي الجمعيات السياسية المعارضة وملتزمة بنهجها السلمي المطالب بحقوق أبناء الشعب ولها تاريخ وإرث نضالي متأصل عبر عقود من الزمن يعمل لما هو في مصلحة المواطن والوطن».
وأفاد «طالبنا وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بالعدول عن هذا الإجراء والسماح للجمعيات السياسية المعارضة ممارسة دورها الحقيقي بمراقبة أداء الحكومة دون استهداف، وعليه أننا ومن خلال هذا المنبر الحر مناشدتنا للسلطة بالتوقف عن التضييق على الجمعيات السياسية وآخرها وعد كما ونكرر دعواتنا القلبية إلى الإصغاء إلى البيانات المتكررة من الجمعيات السياسية المعارضة بضرورة الاحتكام للحوار لحلحلة ما تعانيه البحرين اليوم على المستوى السياسي والحقوقي والاجتماعي».
وختم المرزوق «وكما يلاحظ المتابع للوضع في أن هناك أزمة تحتاج للحل بمشاركة الجهات الرسمية والوفاق والوحدوي والتقدمي والقومي وبالتأكيد وعد».
أما المحامي سامي سيادي، فقال: «مرتكزات الدعوة التي قامت عليها دعوى وزارة العدل هي مقدمة تطرقت عن أن وعد خرجت عن النهج السياسي السلمي، وأنها أطلقت وصف «الشهيد» على «الإرهابي» وذلك بحسب تفسير وزارة العدل، وبحسب دعوى وزارة العدل لم تتوقف وعد عن تأييد جمعية سياسية «منحلة» والمقصود هنا تضامن وعد مع جمعية الوفاق، كما رفضت وزارة العدل مقررات المؤتمر العام الثامن لوعد والذي عقد في العام 2016».
وأضاف سيادي أن «رفض دستور 2002 هو أحد التهم الموجهة إلى وعد، وبحسب دعوى وزارة العدل، فقد تم اتهامها بأنها قامت بترديد توصيف الأزمة السياسية لما يجري في البلاد، ومرة أخرى أجّلت الدعوى ليقوم طرفا الدعوى بتقديم مذكرتهما».
وأكمل أن «المادة 23 من الدستور نصت على أن حرية الرأي مكفولة وتؤكد على عدم المساس بالدِّين الإسلامي والوحدة الوطنية، هناك كفالة لحرية الرأي والتعبير وذلك بحسب النص الدستوري، وكما تعرفون أن جمعية وعد عدلت أوضاعها وفق قانون الجمعيات السياسية الصادر في 2005، كما أننا نسأل أين الخطأ في التضامن مع جمعية سياسية تم حلها، وكانت أحد أركان العملية السياسية في البحرين؟».
كما ألقى كل من الأمين العام لجمعية التجمع القومي عبدالصمد النشابة، ونائب الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي فلاح هاشم، مداخلات في الندوة، أكدا فيها على التضامن مع الجمعية.