مسيرات "صامتة" للمعارضة الفنزويلية بعد سقوط 20 قتيلا في ثلاثة اسابيع
كراكاس - أ ف ب
نظّم معارضو الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو السبت (22 أبريل/ نيسان 2017) مسيرات "صامتة" في مختلف أنحاء البلاد، تعبيراً عن الغضب الشعبي المتنامي بعد أعمال عنف خلّفت عشرين قتيلاً في ثلاثة أسابيع.
وفيما كانت مجموعات من العسكريين وعناصر الشرطة تراقب مداخل كراكاس التي شهدت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال تحركات سابقة، جرت المسيرات السبت في كلّ من كراكاس وماراكايبو وباركيسيميتو وسان كريستوبال بدون حوادث تُذكر.
وتمّ تسجيل اشتباكات وجيزة في شرق كراكاس، عندما صدّت الشرطة المحتجّين بالغاز المسيل للدموع.
وللمرّة الأولى منذ بداية موجة الاحتجاجات في الأوّل من نيسان/ابريل، تمكّن معارضو مادورو من عبور العاصمة التي تضم معاقل عدة للتيار التشافي (تيمنا باسم الرئيس الراحل هوغو شافيز، 1999-2013) ووصلوا إلى مقّر للأسقفية الفنزويلية في غرب المدينة، من دون أن تمنعهم الشرطة.
وهتفت مجموعة من المتظاهرين "فنزويلا تريد السلام!" وقد لبس العديد من بينهم قمصانا بيضاء كُتبت عليها كلمة "سلام" بأحرف سوداء. وقد حمل البعض ازهارا بيضاء بينما كمّم آخرون أفواههم بمناديل.
وكان يتم أحيانا خرق الصمت بالنشيد الفنزويلي أو بالتصفيق تكريماً لمن "سقطوا" خلال واحد وعشرين يوما من الاحتجاجات.
- "وقت المقاومة" - وكان مناصرو المعارضة مدعوون إلى الوصول الى مقارّ الأسقفية الفنزويلية في جميع أنحاء البلاد. وكانت الحكومة الاشتراكية اتهمت الكنيسة بالتحول الى "لاعب سياسي" يدعم المعارضة.
وفي كراكاس، ترأس كاهن وقسّ إنجيلي قداسا عبر مكبّر الصوت للمتظاهرين.
وقال أحد زعماء المعارضة انريكي كابريليس الذي تم حرمانه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، "سنواصل النزول الى الشوارع. ليس هذا هو الوقت للتراجع، إنه وقت المقاومة".
وأضاف أمام الحشد "إذا اتّحد الفنزوليون جميعاً، لن يكون هناك زعيم فاسد قادر على الوقوف في وجه قوّة كلّ واحد منا".
وتعهدت المعارضة التي تشكل غالبية في البرلمان منذ نهاية 2015 عدم التراجع عن التظاهرات حتى تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في اجراء انتخابات مبكرة.
وليل الجمعة السبت، اندلعت اضطرابات في العديد من احياء كراكاس واستخدمت قوات الامن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وافاد عدد كبير من الشهود ان مسلحين على دراجات نارية جابوا شوارع العاصمة واثاروا قلق السكان.
ويومي الاربعاء والخميس، تحولت مسيرات لعشرات الاف المعارضين الى صدامات واعمال نهب، وعمد بعض المتظاهرين الى رشق قوات الامن بالحجارة والزجاجات الحارقة فردت باطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. وقتل 12 شخصا في كراكاس ليل الخميس الجمعة.
- "وحوش متعطشة للدماء" - تتبادل الحكومة والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن دوامة العنف التي خلفت قتلى ومئات الجرحى منذ الاول من نيسان/ابريل. واشارت منظمة "فورو بينال" غير الحكومية الى اعتقال اكثر من 600 شخص.
ووصف خورخي رودريغيز، رئيس بلدية احدى مناطق كراكاس قادة المعارضة بأنهم "وحوش متعطشة للدماء"، مؤكدا أنهم "ارادوا حرق اطفال وهم احياء".
وبعد تظاهرات السبت، من المقرر ان تغلق كل الطرق الاثنين.
ويخوض المعارضون للتيار التشافي مواجهة مع الحكومة ويضاعفون التعبئة من خلال الرهان على انهاك معسكر الخصم.
لكن أستاذ العلوم السياسية لويس سالامانكا استبعد ان تؤدي التظاهرات الى اجبار مادورو على التنحي هذا العام، موضحا ان الهدف من هذا السباق هو الانتخابات الرئاسية المقررة في كانون الاول/ديسمبر 2018.
من جهته، صرح خوليو بورخيس رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة الجمعة إن "الناس لا يشعرون مطلقا بالتعب. لم يعودوا خائفين وسينالون الحرية".
وفي هذه الدولة المنتجة للنفط والمتدهورة اقتصاديا بسبب انخفاض أسعار الخام، هناك نقص كبير في غالبية المواد الغذائية والأدوية. وبالتالي، توقع عالم الاجتماع فرانسيسكو كويلو استمرار حركة الغضب الشعبي رغم القمع.
وندد الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية لويس الماغرو، الجمعة بـ"جبن" حكومة مادورو.
وقال لفرانس برس في باراغواي "عندما يأمر القادة السياسيون بإطلاق النار على شعبهم، فان ذلك مؤشر قوي جدا الى جبن وضعف النظام الفنزويلي".
كما دعا 11 بلدا من أميركا اللاتينية والولايات المتحدة إلى احترام الحق في التظاهر السلمي وإجراء انتخابات لانهاء الازمة. وكان الاتحاد الأوروبي دان الخميس أعمال العنف.
وقالت روزيبل توريس وهي محامية شاركت في التظاهر، لفرانس برس "الحكومة يجب (...) أن تستمع للشعب، الشعب لم يعد يريد الشيوعية أو الثورة أو أي شيء تسبّب لنا بكثير من المعاناة".
وكان مادورو الذي ندد بـ"انقلاب ارهابي" بتحريض من الولايات المتحدة، وهو اتهام تنفيه واشنطن، امر في الأيام الأخيرة بتعزيز انتشار الشرطة والجيش الذي اكد دعمه "غير المشروط" للرئيس.
وفي حين تستمر ولايته حتى نهاية 2018، يؤيد 70% من المواطنين رحيله فورا، وفقا لاستطلاع اجراه معهد "فينيبارومترو".
واسفرت الموجة السابقة من الاحتجاجات التي هزت البلاد عام 2014 عن مقتل 43 شخصا، وفقا للأرقام الرسمية.