تونس: الأطباء يعارضون "الفحص الشرجي" الخاص بالمثلية
الوسط - محرر صحة
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الأربعاء (12 أبريل/نيسان 2017) إن "المجلس الوطني لعمادة الأطباء" في تونس أصدر بيانا في 3 أبريل/نيسان 2017 يطالب فيه الأطباء بالكف عن الفحص الشرجي القسري والكشف على الأعضاء التناسلية. هذا الإجراء خطوة هامة نحو إنهاء "الفحص" المهين والتمييزي وغير العلمي الخاص باستخلاص أدلة حول السلوك المثلي.
وثقت هيومن رايتس ووتش في تونس كما في عدة دول أخري استعمال فحوص شرجية قسرية خلال السنوات الست الماضية. هذا الفحص المنتهك للخصوصية والمهين – الذي يستند إلى معلومات طبية من القرن 19 لم تعد لها اي مصداقية – يشتمل عادة على إيلاج الأطباء أو غيرهم من العاملين بالمجال الطبي أصابعهم أو أدوات في بعض الحالات، في فتحة شرج المتهم. يزعم مسؤولو إنفاذ القانون الذين يأمرون بالفحص بأنه بناء على حالة عضلة الشرج أو شكل فتحة الشرج، يمكن استنتاج ما إذا كان المتهم له سلوك مثلي أم لا. يرفض خبراء الطب الشرعي هذا الزعم.
قالت باحثة أولى في برنامج حقوق الاقليات الجنسية في هيومن رايتس ووتش نيلا غوشال: "اتخذ الأطباء التونسيون خطوة شجاعة نحو معارضة استخدام هذه الفحوصات المُعذبة. لضمان انتهاء الفحص الشرجي القسري في تونس بشكل نهائي، على الشرطة أن تكف عن إصدار أوامر بإجراء فحوص شرجية، وعلى المحاكم رفض الأخذ بها كأدلة".
ينتهك الفحص الشرجي القسري "اتفاقية مناهضة التعذيب" و"العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب". كما شددت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب"، على ان هذه الفحوصات: "ليس لها أي مبرر طبي ولا يمكن الموافقة عليها موافقة حرة ومستنيرة من قبل الذين يخضعون لها والذين سيتعرضون، تبعا لذلك، للمحاكمة ". قالت هيومن رايتس ووتش إن إجراء العاملين بالمجال الطبي لهذا الفحص ينتهك أخلاق مهنة الطب.
البيان الصادر عن المجلس الطبي التونسي نص على ضرورة إخطار الأطباء من الآن فصاعدا من يجرون عليهم الفحص أن بإمكانهم رفضه. قالت هيومن رايتس ووتش إن منع الأطباء من تنفيذ الفحص الشرجي دون موافقة المفحوص هو خطوة بالاتجاه السليم، لكن بسبب طبيعة الفحص غير العلمية، فإن استخدامه في الكشف عن السلوك الجنسي المثلي بالتراضي يجب أن يكف تماما، بغض النظر عن موافقة المفحوص. من هذا المنطلق، فإن بيان المجلس لم يذهب بعيدا بالقدر الكافي، إذ يفتح الباب أمام إمكانية أن "يوافق" شخص متهم بالسلوك المثلي على إجراء الفحص الشرجي تحت ضغط الشرطة، لاعتقاده أن رفضه قد يُحسب ضده، أو للاعتقاد بأن الفحص قد يثبت براءته.
أخضع الأطباء في مدينتي سوسة والقيروان في تونس ما لا يقل عن 7 رجال متهمين باللواط بموجب الفصل 230 من "المجلة الجزائية" لفحص شرجي، في عام 2015، ما أشعل شرارة حراك بالمجتمع المدني ضد هذه الممارسة. قابلت هيومن رايتس ووتش الرجال وبعضهم شبهوا الخضوع للفحص الشرجي بالاغتصاب. هناك طالب عمره 22 عاما خضع للفحص الشرجي في القيروان قال لـ هيومن رايتس ووتش: "شعرت كأنني حيوان، لأنني لم أنل أي احترام. شعرت بانتهاكهم لي. ما زلت أشعر بهذا إلى الآن".
أدانت لجنة مناهضة التعذيب استعمال الفحص الشرجي في تونس في مايو/أيار 2016، وطلبت "هيئة الاتحاد الأوروبي للعمل الخارجي" من تونس أن تكف فورا عن إجراء هذه الفحوصات، في سياق حوار حقوق الإنسان بين الاتحاد الأوروبي وتونس في كانون الثاني/ يناير 2017.
صدر بيان المجلس الطبي إبان حالة وقعت مؤخرا بحق شابين أوقفا بتهمة اللواط في ديسمبر/كانون الأول 2016. خضعا للفحص الشرجي القسري ورغم أن نتيجته كانت "سلبية"، حكم عليهما في مارس/آذار 2017 بالسجن 8 أشهر.
أصدرت هيومن رايتس ووتش تقرير في يوليو/تموز 2016 وثقت فيه وأدانت استخدام الفحص الشرجي القسري في الكاميرون ومصر وكينيا ولبنان وتركمانستان وأوغندا وزامبيا. نفذت تنزانيا أيضا فحوصات شرجية قسرية على رجال مشتبهين بالمثلية في زنزبار في ديسمبر/كانون الأول، خلال حملة جارية ضد الاقليات الجنسية.
في لبنان انحسر كثيرا استخدام الفحص الشرجي القسري في 2012 عندما أصدرت "نقابة أطباء بيروت" – ردا على حملة لنشطاء ضد "فحوص العار" – تعميما يطالب الأطباء بالكف عن إجراء هذا الفحص. لكن وقعت حالات محدودة حتى 2015، ما يشير إلى أن حراك المجلس الطبي لا يُرجح أن يكفي لوقف هذه الممارسة تماما.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على رؤساء الدول ورؤساء الحكومات اتخاذ خطوات ضمن سلطاتهم القانونية لإنهاء الفحص الشرجي القسري في المحاكمات الخاصة بالسلوك الجنسي المثلي بالتراضي، مثل إصدار أوامر تنفيذية تحظر استخدامها، وإصدار أو تعزيز تشريعات تحظر الفحص الشرجي القسري، أو توجيه الوزارات المعنية باتخاذ خطوات لوقف هذه الفحوصات.
على السلطات القضائية أن تمنع القضاة والهيئات القضائية من قبول نتائج الفحوص الشرجية كأدلة في القضايا المشتملة على اتهامات جنائية بسلوك جنسي مثلي بالتراضي، وعلى مسؤولي إنفاذ القانون الامتناع عن إصدار أوامر بهذه الفحوص.
على وزارات الصحة والمجالس الطبية الوطنية وغيرها من الهيئات التنظيمية أن تحظر على العاملين بالمجال الطبي إجراء فحوص شرجية على المتهمين بالسلوك الجنسي المثلي بالتراضي. على مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية التحقيق في استخدام الفحص الشرجي القسري ومطالبة السلطات المعنية بإنهاء هذه الممارسة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على "منظمة الصحة العالمية" إصدار بيان واضح يدين استعمال الفحص الشرجي القسري في المحاكمات الخاصة بالمثلية.
تدعو هيومن رايتس ووتش الدول كافة إلى إلغاء القوانين المجرمة للسلوك الجنسي المثلي بالتراضي، التي تنتهك الحقوق المعترف بها دوليا في الخصوصية وفي عدم التعرض للتمييز.
قالت غوشال: "حان الوقت لأن يعلن العالم بقوة رفض استخدام الفحوص الشرجية القسرية في كل مكان. من المُشجع أن يقود أطباء تونس الطريق. على المجالس الطبية في شتى أنحاء العالم، وهيئات إنفاذ القانون والجهات الحكومية الأخرى، أن تتبع هذا النموذج".