العدد 5321 بتاريخ 01-04-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


مختارات من قصص الأمل لصناع الأمل في العالم العربي

الوسط - المحرر الثقافي

منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري، نجحت مبادرة "صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.


القصة الأولى:
طور نظاماً لتقطير المياه باستخدام الطاقة الشمسية..
خالد بشير.. أهدى الماء العذب لأهالي دير البلح الفلسطينية


استفاد خالد بشير، من دير البلح في فلسطين، دراسته وتعاونه في مجال الأبحاث مع جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة ماكغيل في كندا ليطور نظاماً مبتكراً لتقطير المياه باستخدام الطاقة الشمسية، معتمداً على أدوات ومواد بسيطة متوفرة محلياً، كالخشب، سواء أكان جديداً أم مستعملاً، والمواد العازلة (مثل التبن أو العشب الجاف) والبلاستك، وذلك للحصول على ماء عذب صالح للشرب، أياً كان المصدر الأصلي للمياه، وبصرف النظر عن درجة تلوثه، بحيث يسهل تصنيع هذا الجهاز وتركيبه في البيت، كما أن طاقة الجهاز الإنتاجية من المياه، ودرجة حرارة المياه التي يمكن الحصول عليها تجعله عملياً لدي أي أسرة.

ولأن الخير لا قيمة له إلا إذا شاع بين الناس وانتفع به أكبر عدد من المحتاجين، حرص خالد على أن يشارك أهله وجيرانه في دير البلح الفكرة، عارضاً عليهم مساعدتهم في بناء "مقطر شمسي" لبيوتهم. واتسعت دائرة الخير، فعلّم خالد الناس في المناطق المجاورة كيفية بناء المقطِّر واستخدامه للحصول على ماء صالح للشرب، في بيئة تعاني تحديات جمة، خاصة لجهة توفير مياه نظيفة وبكلفة بسيطة، وسط عدم توفر السخانات الشمسية العادية جرّاء الظروف الصعبة، كما أنها غالية الثمن وثقيلة الوزن.

ولم يكتف خالد بتعميم الفكرة، أو بتعليم الناس كيفية بناء المقطر الشمسي، بل أشرف بنفسه على بناء العديد من المقطرات، مقدماً خدماته بالمجان خاصة للفقراء والمحتاجين.

لكن خالد لم يشأ أن يظل اختراعه محاصراً في منطقته، والخير يجب أن يكون أوسع وأشمل، فكسر الحصار المفروض على القطاع، وشارك عبر الانترنت، في بناء مشروع ضخم للمقطرات الشمسية في جزر هايتي من خلال معهد أبحاث تابع لجامعة ماكغيل الكندية.

الاحتلال والفقر عوامل قد تسحق المرء وتدفعه إلى حافة اليأس والاستسلام، أو قد تجعله يجتهد ويبتكر ويقاوم، بطريقته، كي يغير مصيره، باحثاً عن أي شعاع أمل لتحسين حياته أو حياة الناس من حوله.

خالد اختار الحل الثاني: الأمل.

 

القصة الثانية:
تتحدث 6 لغات وزارت أندونيسيا والمالديف والمناطق النائية في الجزائر لتعليم الأطفال الفقراء اللغات الأجنبية
دنيا زاد... تبحث عن المتاعب لنشر المعارف

في التاسعة عشرة من عمرها، كانت دنيا زاد تبحث عن الأماكن الفقيرة في الجزائر وتسافر إليها لتعلم الصغار اللغة الإنكليزية والكتابة والقراءة. وكانت جولاتها التطوعية تستمر بين 10 إلى 15 يوماً، تجوب خلالها مختلف مناطق الجزائر بمفردها، لتعزيز وعي الأطفال ودفعهم للاستمتاع بالحياة والبحث عن مكامن الفرح فيها من خلال التعليم بأسلوب ترفيهي بسيط وممتع.

وعلى الرغم من أن التنقل المستمر للعائلات بين المناطق بسبب ظروف العمل أو سواها قد يؤثر سلباً في نشأة الأطفال، إلا أنه كان سبباً في تغيير حياة الطفلة الجزائرية دنيا زاد التي عرفت أن العالم فيه عدد كبير من الناس المحرومين والذين يحتاجون للمساعدة والتعلم والتواصل والدعم، فقررت التطوع لتقديم يد المساعدة للمحتاجين داخل الجزائر وخارجها وهي في عمر 17 عاما فقط.

يقول والد دنيا إن التنقل بين المناطق الجزائرية زاد من ثقافة ابنته الحياتية، ودفعها لاستكشاف أمورا كانت لتبدو محبطة للأطفال في سنّها. لكن دنيا استغلت وقت فراغها بالتطوع في مجالات عدة، على رأسها تعليم اللغات، فدنيا تتقن العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والإندونيسية والتركية.

انتقلت دنيا زاد إلى تركيا وبعدها إندونيسيا لاستكمال دراستها الجامعية العليا؛ إلا أن ذلك لم يمنعها من خدمة المجتمع. هناك اكتشفت آفاقاً أخرى للتطوع، فساهمت بنشر وإحياء اللغة العربية وتعليم الإنكليزية في العديد من مناطق إندونيسيا النائية والجزر المعزولة في المالديف، كجزيرة رانالهي.

تحلم دنيا أن تمتد جولاتها ورحلاتها التطوعية لتشمل مناطق أخرى في العالم، وتشارك الفقراء والمحتاجين في المناطق النائية علمها ومعارفها، وتساهم في منح الأمل لأولئك الذين قست عليهم ظروف الحياة.

دنيا آثرت العمل كمترجمة، كلما تسنّى لها ذلك، ملتحقةً بالوفود والبعثات التي تزور الجزائر بهدف تحصيل بعض المال لقاء أعمال الترجمة التي تقوم بها، كي تتمكن من السفر حول العالم وتمويل رحلاتها الخاصة بتعليم الأطفال والترفيه عنهم.

واجه مشروع دنيا زاد التطوعي الكثير من المعارضة من محيطها، خصوصاً لأنها بنت وصغيرة في السن، إلا أنها تقول إن الإنسان لا يمكن أن يعيش دون هدف في حياته، وهدفها نشر العلم لغير المقتدرين على التحصيل العلمي.

لم يقتصر نشاط دنيا زاد على السفر ونشر اللغات التي تتقنها فقط، بل شاركت في العديد من حملات التوعية والتطعيم وتوزيع وجبات الطعام والملبس في مخيمات اللاجئين بالتعاون مع المنظمات الدولية. كما استغلت موهبتها في الكتابة والتأليف الأدبي لنشر رسائل الأمل بين القراء في بلادها.

لطالما طلب منها والداها التركيز على دراستها الجامعية وتكريس كل وقتها لتحصيلها العلمي، لكن شغفها وإصرارها وإيمانها بما تقوم به يدفعها للسفر، حتى وإن أبدى الأهل قلقاً عليها، متطوعةً في المناطق النائية والبلدان الفقيرة حول العالم، غير مكترثة بالتكلفة أو ظروف المعيشة أو المخاطر الجسدية والصحية التي قد تلحق بها، هدفها الأول والأخير نشر الأمل وسط أشدّ الناس حاجة إليه.

القصة الثالثة:
أسست جمعية لرعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي
خديجة العلوي: "صنّاع الأمل" طوق النجاة لإنقاذ مبادرتي الإنسانية

بعدما رزقها الله طفلة، اكتشفت خديجة العلوي، من مدينة أزرو بالمغرب، أن مولودتها مصابة بالشلل الدماغي، وهو نوع من أنواع الإعاقة التي تحدث نتيجة لتلف في مراكز التحكم في الحركة داخل الدماغ في مرحلة النمو، الأمر الذي يؤثر على المصاب ذهنياً ويسبب عجزاً في أجزاء مختلفة من الجسم مرتبطة بأداء الوظائف الحركية، حيث يحتاج الطفل إلى رعاية طبية خاصة.

لم تكن خديجة تعرف أي شيء عن هذا المرض، أو كيفية التعامل معه، كما لم تكن لديها الإمكانيات المادية الكافية للاهتمام بابنتها.

ومع ذلك، لم تشأ أن تتخذ موقف المراقب وهي ترى طفلتها شبه عاجزة، فعمدت إلى تثقيف نفسها حول المرض، وقرأت كل ما وقع في يدها عنه.

أدركت خديجة أنها تستطيع أن تقوم بشيء، فبعد ثلاث سنوات من البحث والاستقصاء، ومن خلال إمكانات متواضعة، أسست جمعية متخصصة لاستقبال الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. شكّلت الجمعية، التي حملت اسم "وليداتنا"، حبل نجاة للعديد من العائلات التي لديها أطفال يعانون المشكلة ذاتها، فاستغلت خديجة الدعم المجتمعي والمعنوي الذي تلقته لاستقطاب سيدات يشاركنها إدارة الجمعية ورعاية الأطفال بعدما درّبتهن على ذلك.

البداية كانت مع ستة أطفال، ثم ارتفع العدد إلى 28، وهو ما استدعى البحث عن دعم من أفراد أو جهات خيرية، وهو أمر لم يكن متاحاً كفاية أو طول الوقت.

وفي خضم انشغال خديجة بالجمعية والسعي إلى توسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد من المحتاجين من عائلات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، توفيت ابنتها التي لم تتم عامها السادس. خسارتها كانت فادحة بالتأكيد، ومع ذلك لم تسمح لحزنها على رحيل صغيرتها أن يثنيها عن مواصلة رسالتها الإنسانية.

باتت جمعية "وليداتنا" مفتوحة لكل طفل في المدينة سُدت في وجهه أبواب الأمل والرجاء. في الأثناء، ظلت خديجة تجاهد لتطوير نشاط الجمعية من خلال تضمينها حضانة للأطفال تحت سن 6 سنوات، وقاعة لتنمية مهارات الأطفال فوق 6 سنوات ممن تسمح لهم إعاقتهم بالتواصل، إلى جانب تخصيص حصص أسبوعية للتدريبات الحركية للأطفال تقوم بها معالجة مختصة.

مؤخراً، اضطرت خديجة إلى إيقاف عمل الجمعية مؤقتاً، بسبب نقص الحد الأدنى من الدعم المادي، الأمر الذي سبب حزناً كبيراً للأهالي. أمهات كُثُر بكين بحرقة، معبِّرات عن خشيتهن على مستقبل صغارهن، خاصة وأن معظمهن ينحدر من بيئات فقيرة.

تقول خديجة: "قرأت الإعلان عن مبادرة صناع الأمل صدفة، وقلت في نفسي لعل هذه هي الفرصة التي نبحث عنها كطوق نجاة لإنقاذ الجمعية".. فهل يطرق الأمل باب خديجة؟ وهل يطرق أيضاً أبواب عشرات الأطفال الذين وجدوا في جمعيتها ملاذاً؟

اصنع أملاً... اصنع فرقاً 

 




أضف تعليق