التراث النيبالي مهدد بفعل الثغرات في مسيرة الترميم
كاتماندو - أ ف ب
اضطر ديباك شريثا حارس معبد شهير في وسط كاتماندو التاريخي إلى وضع الاقفال في أنقاض هذا المعلم الذي دمره زلزال العام 2015 في نيبال لمنع العمال المكلفين إعادة البناء من الوصول إليه.
وانهار معبد ترايلوكيا موهان نارايان، وهو معلم مؤلف من ثلاث طبقات يعود إلى القرن السابع عشر، بالكامل جراء زلزال بقوة 7.8 درجات في أبريل/ نيسان 2015 أدى إلى سقوط تسعة آلاف قتيل في هذا البلد الواقع في منطقة الهملايا.
ديباك الذي تحرس عائلته الموقع منذ أجيال، عليه حالياً حماية هذا المعلم البوذي من الآثار السلبية لعملية ترميم التراث المتضرر التي تمنح في إطارها العقود للعرض الأقل كلفة. ويروي هذا الرجل البالغ من العمر 56 عاماً لوكالة "فرانس برس": "كانت لدينا شكوكنا حيال المقاولين لكن الأمر تأكد عندما أطلقوا أعمال حفر الأساسات بشكل عشوائي، من دون أي احترام للجماعة أو لطقوسنا المقدسة".
هذا المعبد جزء من أكثر من 700 موقع تاريخي في البلاد تضرر جراء الزلزال الذي أتى على نصف مليون مسكن.
وبحسب التشريع النيبالي، خلال استدراج عروض للفوز بمشروع تفوق قيمته 500 ألف روبية (4815 دولارا)، يجب أن يؤول العقد للعرض الأقل كلفة. وتنطبق هذه القاعدة على المقار الإدارية والمعابد القديمة على السواء.
غير أن نوعية الأشغال والتقنيات المستخدمة من جانب المقاولين الذين يقع عليهم الاختيار بهذه الطريقة مصدر قلق بالنسبة لخبراء التراث.
ويوضح مدير منظمة "اليونسكو" في نيبال كريستيان مانهارت أن "العرض الأدنى تكلفة ليس بالضرورة الأفضل" لترميم معلم قديم.
ويواجه وادي كاتماندو المدرج على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي خطر تصنيفه ضمن المواقع التاريخية المهددة بالخطر من جانب المنظمة الدولية في العام 2017 "في غياب أي تقدم ملموس"، على ما حذرت اليونسكو الصيف الماضي.
وتشير تقديرات الحكومة إلى أن ترميم المعابد والمعالم المهشمة جراء الزلزال قد يكلف أكثر من 300 مليون دولار.
وأعربت بلدان عدة وعدت في السابق بمساعدة نيبال على ترميم ما تهدم من تراثها التاريخي، عن قلقها ازاء تشعب الاجراءات والبطء في مسار اعادة الإعمار.
وبعد ما يقرب من عامين على الزلزال، أعيد ترميم عشرة معالم فقط بعضها من دون الرجوع البتة إلى الحكومة.
وجرى ترميم ستوبا بودناث، وهو المعلم الديني الأشهر في هذا البلد ومحج رئيسي للبوذيين في التيبت، بفضل هبات من منظمات بوذية في الخارج.
وتخطت كلفة تنظيف واجهة المعلم وحدها مليوني دولار اذ استلزمت 30 كيلوغراماً من الذهب وأجريت بجزء كبير بتمويل من الطائفة البوذية. وفي نيبال البلد المتدين جداً، تشكل المعابد والمعالم التاريخية جزءاً مهما من الحياة اليومية.
ويطالب بعض السكان بإلغاء عقود مبرمة مع الحكومة للتمكن من ترميم هذه المباني بأنفسهم. ويقول رئيس مديرية الآثار في نيبال بهيش نارايان داهال إن "مطالب المجتمعات المحلية مبررة. لكننا عاجزون ولا يمكننا العمل إلا في حدود القوانين والقواعد المحددة من الحكومة".
ويجد المقاولون صعوبة في ايجاد نحاتين في الخشب او الحجر او حطابين يعملون بالوسائل التقليدية. ويترأس بيريندرا بهاتكا شريسثا حملة تطالب بإشراك الجوار في إعادة اعمار معبد كاسثامبانداب في كاتماندو الذي يقدم على أنه أحد أقدم المعالم الخشبية في العالم.
وهو مصمم على انقاذ المعالم التاريخية من المتاهات الإدارية.
ويقول "اسلافنا بنوها وحقنا المعنوي أن نعيد بناءها"، مضيفا "سكان كاتماندو يمكنهم التسامح بكل شيء لكن ليس عندما يتم التعرض لتراثنا".