قصة قصيرة.. نوم عميق!
هبة الله محمد حسن - قاصة مصرية
صار زوج فاطمة ينام كثيراً هذه الأيام. بمجرد أن يجلس أمام التلفاز وحالما تذهب هي إلى المطبخ لإعداد كوبين من الشاي، تعود لتجده يمخر في عباب النوم.
ربما كان التلفاز هو السبب، هكذا فكرت، فبالفعل التلفاز ممل، الأخبار مكررة، والمسلسلات شوهدت من قبل أما الأفلام فتتم إعادتها ثلاث مرات باليوم على الأقل على أكثر من قناة لكنها بعد فترة نبذت هذا الاعتقاد تماماً إذ اكتشفت أن زوجها ينام بذات الطريقة في أي مكان آخر، بمجرد أن يجلس وليس مهمًا أن يستلقي حتى يسقط كجوال الدقيق في عربة النوم، وتسمع صوت شخيره المكتوم.
أصبح ينام أسرع من الأولاد بعد يوم دراسة طويل، قد يكون التعب من العمل هو السبب لكنه كان ينام بذات الطريقة في أيام الإجازات وأحياناً لمدد أطول.
ربما كان مريضاً، ذبابة تسي تسي التي يحكون عنها، أيمكن أن تكون قد عضته؟!! لكننا لسنا في مجاهل إفريقيا كما أن هذه ليست أعراضها. لا يوجد سوى سبب واحد وهو مستحيل فسيولوجياً وهو أن يكون زوجها حاملاً!!
نعم ، هذه الأرقام القياسية في النوم لا تحققها سوى امرأة حامل!! وهي قد جربت هذا من قبل في حملها بأبنائها الثلاثة!!
بمرور الوقت بدأت فاطمة تعتاد الأمر، وصار من الطبيعي أن تجدها تكنس الشقة فتجد زوجها مكوماً في ركن من الأركان فترفع ساقه وتكنس تحتها ثم تتركه يواصل نومه في هدوء!!
أحيانا كان يفتح عينيه ويبدي ملاحظة ما كأن يقول:
- "لماذا لم ترفعي تراب الكنس حتى الآن؟"
يقول هذا بينما تكون هي مستعدة بإحضار المكنسة الصغيرة والجاروف لجمع التراب. كان لا يستطيع التخلي عن عادته في إبداء الملاحظات حتى وهو نائم!!
بمرور الوقت بدأت تحس بالراحة وبأنها صار لديها أوقات فراغ أكثر كان سيشغلها هو بطلب العشاء أو كوب من العصير أو أي شيء من تلك الأشياء التي لا تنتهي والتي يطلبها الرجال فقط كي لا تجد زوجاتهم لحظة واحدة للراحة!!!
زوجها نائم، والأولاد أيضاً، يا لها من راحة، يا لها من سعادة لن تفهمهما سوى ربة أسرة مثلها!! كان ذلك قبل أن تلاحظ تلك الأشياء اللعينة وليتها ما لاحظت!!
كانت قد تركت زوجها نائما في الفراش كعادته، وذهبت إلى المطبخ لتنظفه كالعادة أيضا، عندما عادت لتجد كل تلك الأشياء المتناثرة على الفراش، قداحة، أوراق، نقود، مفاتيح، هذه الأشياء على ما تعتقد هي محتويات جيب زوجها، ولكن كيف أخرجها وهو ما يزال نائماً، أم تراه يتصنع النوم، أم لعله واحداً من الأولاد، ستعرف كيف تربيهم جيدا!!!
في اليوم التالي خرجت لتشتري بعض أشياء من السوق وعادت لتجد سيجارة مشتعلة توشك أن تحرق مفرش الطاولة!!
هل من المعقول أن يكون أحد الملاعين الصغار يدخن، ولكن كيف وهي قد أوصلتهم بنفسها إلى بيت والدتها الآن حيث يقضون يوم الإجازة مع جدتهم؟ هذه السيجارة لا يمكن أن تخص سوى شخص واحد، وهو من المفترض أنه نائم أمامها الآن. كانت متأكدة أن السعادة الوهمية التي تمر بها بعد أن صار زوجها ينام كثيراً ستنتهي بكارثة، وبدأت هذه الأسئلة تصرخ داخل عقلها، هل يسير زوجها وهو نائم أم تراه يخدعها ولماذا؟!!
***
- "كنت متأكد من هذا"؟!!
نظرت إلى زوجها في دهشة، ونظرت إلى يدها أيضاً في دهشة وشهقت، وسقط كوب العصير من يدها مع قرص المنوم وتناثر قطعاً على الأرض!!