العدد 5314 بتاريخ 25-03-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


زيارة العاهل للقاهرة... قضايا وملفات ساخنة تستوجب التنسيق والتشاور قبل انعقاد القمة العربية

المنامة - بنا

لم تتوقف الاتصالات الدائمة بين قادة ومسئولي كل من مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية خلال السنوات القليلة الماضية... تلك السنوات التي شهدت بوتيرة شبه منتظمة العديد من اللقاءات والزيارات والفعاليات، فضلاً عن الاتصالات والتشاور بين عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس جمهورية مصر العربية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ما جسد ليس فقط حقيقة العلاقة الخاصة التي تربط قيادتي ومسئولي البلدين وعلى أعلى المستويات، وإنما مدى الارتباط الروحي والإنساني بين شعبيهما، وحرصهما على الدفع بها إلى آفاق أكثر رحابة واتساعاً.

لذلك، يستهل جلالة العاهل مشاركته بالقمة العربية الـ28 بالأردن بزيارة للقاهرة يوم 27 من شهر مارس/ آذار الجاري يلتقي خلالها الرئيس المصري، ليعبر جلالته بصدق عن عمق العلاقات التاريخية مع جمهورية مصر العربية وتشعبها، والحرص على تأطيرها ودعمها وتطويرها، وضرورة تبادل وجهات النظر والتشاور بشأن قضايا الاهتمام ذات الصلة، ولاسيما إزاء الملفات الشائكة التي تؤثر على أمن دول المنطقة برمتها واستقرارها، وخاصة في هذه الفترة التي تشهد تغيرات سريعة ومتلاحقة ألقت ومازالت تلقي بظلالها على كل دول المنطقة.

وترجع أهمية الزيارة الملكية إلى أكثر من عامل، الأول: توقيتها، وخاصة أنها تتزامن مع انعقاد إحدى أهم القمم العربية التي يُعول عليها لمناقشة آخر المستجدات والتطورات التي تستدعي في الحقيقة مدارستها وتقييمها والمشاورة بشأنها بين قادة الدول العربية وبعضها البعض، ومن بين أهم هذه التطورات: تصاعد حدة خطر الجماعات المتطرفة والقلق الناتج عن امتداد مثل هذه الجماعات عبر الحدود الجغرافية للدول، ودلائل ارتباطاتها بالتدخلات الخارجية من جهة، وعمليات الفوضى الخلاقة التي تضرب أطناب بعض الدول المجاورة لكل من البحرين ومصر من جهة أخرى سواء بالنظر للأوضاع في اليمن أو في سورية أو في ليبيا أو في غيرها.

الثاني: المشاورات المنتظر أن تُجرى بين العاهل والرئيس المصري، والتي يتوقع ألا تقتصر على مجمل ملفات العلاقات الثنائية فحسب، وضرورة المضي بها قدما لدفع مسيرة تطورها ودعم مفاصلها وتنمية أطرها المشتركة، وضخ دماء جديدة في شرايينها، وبما يصب في صالح الشعبين الشقيقين والأهداف الوطنية والقومية المشتركة، وإنما يُتوقع أن تشمل أيضاً دراسة التحولات التي تشهدها المنطقة، ومست بتداعياتها الكبيرة والممتدة والشاملة أمن واستقرار دول العالم العربي مع ضرورة العمل من أجل الحفاظ على وحدة الصف العربي وكيانه الجامع.

الثالث: المسئوليات الجسام التي تقع على كاهل قيادتي البحرين ومصر سواء ناحية بلديهما أو إزاء محيطهما الخليجي والعربي والإسلامي، وخاصة أن الدولتين تعدان من بين أكثر الدول العربية وعياً بحقيقة المخاطر المثارة على الساحة، وأكثرها عرضة لمثل هذه المخاطر والتهديدات، ولديهما من الوسائل والأدوات ما يمكنهما من توظيف سياساتهما المتوازنة في دعم وحدة الصف العربي، وذلك بالنظر لعلاقاتهما الممتدة والمتشعبة وشبكة التحالفات والارتباطات الإقليمية والدولية التي ينخرطان فيها ويتعين الاستفادة منها، ناهيك بالطبع عن الأدوار المناطة بهما كقطبين إقليميين، حيث يُعول على البحرين ومصر كثيراً في تسوية العديد من الملفات، وحلحلة الكثير من المشكلات، فالبحرين تمثل مختبراً لأمن منطقة الخليج واستقرارها، ويُنظر لمصر كثقل موازن لمعالجة أي خلل في معادلة التوازن الاستراتيجي بالشرق الأوسط.

ويلاحظ هنا أن الزيارة الملكية تتوج التطور الكبير الحاصل في مسيرة العلاقات المشتركة، والتي تعود تاريخيّاً لعقود مضت، وزادت كثافة خلال السنوات الأخيرة، إذ يبدو مهماً الإشارة إلى أن جلالة العاهل زار القاهرة في أبريل/ نيسان 2016، وزار الرئيس المصري المنامة في زيارة قصيرة أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2015 على هامش حوار المنامة الـ11، وكان العاهل ضمن الحضور في حفل تدشين وافتتاح قناة السويس أغسطس/ آب 2015.

كما أن حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد ترأس الوفد البحريني الكبير الذي شارك في مؤتمر شرم الشيخ الدولي لدعم وتنمية الاقتصاد المصري منتصف مارس 2015، والذي تلاه حضور جلالته فعاليات القمة العربية بالقاهرة في نهاية مارس من العام نفسه، وسبقهما المشاركة السامية الفاعلة في حفل تنصيب الرئيس المصري في يونيو/ حزيران 2014، إضافة إلى لقاء العاهل برئيس المجلس العسكري المصري في أكتوبر 2011، ولقائه بالرئيس المؤقت عدلي منصور في أكتوبر 2013، وغيرها.

وتكفل هذه المؤشرات الدالة على حجم التقارب الشديد بين قيادتي البلدين، تحقيق العديد من النتائج الإيجابية مستقبلاً، وخاصة أن الزيارة الملكية تستهدف إحداث مزيد من التفاهم بين البلدين للتحديات التي يتصديان لها، مع مواصلة دعم كل منهما للآخر ومساندته له، ولاسيما فيما يتعلق بالمخاطر الإقليمية، وهو ما عبرت عنه تصريحات قادة البلدين في أكثر من مناسبة، بشأن عدم تخلي أي منهما عن الآخر في محاربته لخطر الإرهاب، وأن كلاً منهما يمثل عمقاً استراتيجيّاً للآخر، وخاصة إزاء ما يتعرضان له من محاولات لإشاعة الفوضى والتخريب الناتجة عن التدخلات الخارجية في شئونهما الداخلية.

يضاف إلى ذلك، أن الزيارة الملكية ستعمل على دعم وتوطيد وزيادة حجم المواقف المتناغمة والمتضامنة والرؤى المشتركة التي تجمع قادة البلدين ناحية الملفات الإقليمية والدولية كافة، وهو أمر من المؤكد أنه سيكفل للقمة العربية المقبلة بالأردن الشقيق النجاح المنشود، وذلك بالنظر إلى أن هذا التناغم في المواقف بين البلدين سيشكل لبنة قوية في حائط الصد العربي، وسيسهم في توفير فرص واعدة وطموحة لتنمية وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك وتطوره، ويمكن القمة ودولها من التغلب على الصعوبات التي تواجهها.

هذا بجانب مقدار ما يمكن أن تسهم به الزيارة الملكية في تأسيس أنموذج للعلاقات الثنائية التي يجب أن تسود بين الدول العربية وبعضها، وبما يضمن تعزيز اللحمة وأواصر العمل العربي المشترك، وخاصة أن علاقات البلدين لا تقتصر على بعد واحد فحسب، مثلما أشير سلفاً، وإنما تتجاوز ذلك لتشمل جميع أبعاد العلاقات السياسية والأمنية والعسكرية (كتمارين حمد 1و2 وغيرها)، فضلاً عن الثقافية والتعليمية، مع السعي المتواصل والدؤوب لتطويرها وتفعيلها، ولاسيما على الجانب الاقتصادي، حيث يتطلع البلدان لتوسيع أطر التعاون الاقتصادي والمشروعات الاستثمارية الثنائية ورفع حجم التبادل التجاري.

 



أضف تعليق