فورمولا 1: حقبة جديدة بغياب البطل والعراب
باريس - أ ف ب
تبدأ بطولة العالم لسباقات الفورمولا 1 حقبة جديدة اعتبارا من 26 مارس/ آذار الجاري، بغياب بطل الموسم الماضي و"عراب" نجاحها منذ عقود، وفي ظل مالك جديد وقوانين معدلة قد تضع حدا لهيمنة فريق مرسيدس.
وسيكون موسم 2017 استثنائيا ليس بسبب القوانين الجديدة أو المالكين الجدد وحسب، بل لأنه يقام في غياب بطل الموسم الماضي الألماني نيكو روزبرغ الذي اعتزل بعد أيام من احرازه اللقب للمرة الأولى في مسيرته، بعد صراع شرس مع زميله في مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون بطل 2008 (مع ماكلارين) و2014 و2015.
وسيكتسي السباق الافتتاحي الأحد على حلبة ملبورن الأسترالية طابعا مختلفا لأنه يعلن انطلاق حقبة ما بعد "العراب" البريطاني بيرني ايكليستون الذي تمت تنحيته عن سلطة القرار في البطولة بعد انتقال ملكية الفورمولا واحد الى مجموعة "ليبرتي ميديا" الأميركية.
وبعدما حول الفورمولا 1 الى احدى أكثر الرياضات ثراء وشعبية، وجد ايكليستون (86 عاما) نفسه خارج البطولة التي تحكم بمفاصلها منذ 40 عاما، وجعل منها امبراطورية تجارية ذات علامة فارقة.
وقررت المجموعة التي استحوذت على البطولة مقابل ثمانية مليارات دولار اميركي، اقصاءه واستبداله بتشايس كاري، وتسميته رئيسا فخريا في منصب شرفي قال ايكليستون انه "لا يعرف ما هو".
ووعدت "ليبرتي ميديا" أن تحول هذه الرياضة الى استعراض ترفيهي، فيما تحدث كاري عن "المزيد. المزيد من السباقات، المزيد من الاستعراض، المزيد من الشفافية...".
ولوحظ التغيير قبل انطلاق الموسم خلال جولتي التجارب في برشلونة إذ سمح للسائقين والفرق بنشر صور من الحظائر على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن فلسفة الانفتاح والتواصل مع المشجعين التي يشجعها المالكون الجدد، وذلك خلافا لايكليستون الذي كان متشددا في هذا الخصوص.
تحدي التعديلات الانسيابية
وتعول "ليبرتي ميديا" على الخبرة الطويلة لكاري في المجال الاعلامي والاعلاني، وهو الذي ساهم في النمو الاعلامي لعدد من الالعاب الرياضية لاسيما في الولايات المتحدة الاميركية، حيث لا تزال الفورمولا 1 أقل شعبية من بطولات اخرى لسباقات السرعة.
وشدد كاري بعد تسمله منصبه على ان المالكين الجدد للفورمولا 1 سيحافظون على سباقاتها التاريخية، وسيسعون في الوقت نفسه الى تطويرها وتعزيز جاذبيتها بالنسبة الى المشجعين.
وقال "بطرق شتى، وفي معنى تبسيطي، هذه الرياضة قالت (لا) اكثر مما يلزم، وعلينا ان نشرع في قول (نعم)" (...) علينا ان نجد وسائل للقيام بأمور جديدة وحماسية لمواصلة نمو الرياضة".
ولكي تستعيد الرياضة عافيتها وشعبيتها، يأمل القيمون عليها في ان يعود التنافس الى الحلبات بعد فترة الملل التي فرضها فريق مرسيدس بهيمنته على لقبي السائقين والصانعين في المواسم الثلاثة السابقة.
وفي هذا الإطار، عمد الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" وقبل وصول "ليبرتي ميديا"، الى إدخال تعديلات على السيارات لخلط الأوراق وفرض تحديات جديدة على مرسيدس ومنافسيه وأبرزهم فريق فيراري الذي بدا خلال تجارب برشلونة أفضل تأقلما من منافسه الألماني مع القوانين الجديدة التي تتعلق بشكل خاص بانسيابية السيارات.
وبدا هاميلتون غير سعيد بتأثير التعديلات الجديدة على أداء فريقه وهو قال قبيل انطلاق البطولة "عندما نشرت القوانين المتعلقة بالموسم الحالي، قال المهندسون بأن ذلك سيجعل السيارات أسرع ويمنحها المزيد من قوة الدفع العمودي، لكنها ستجعل عملية اللحاق بالسيارات الأمامية أكثر صعوبة".
وتحدث هاميلتون عن تأثير القوانين الجديدة على السيارة التي اصبحت بعرض مترين تقريبا من الجهة الخلفية من دون احتساب الاطارات، متطرقا الى التفاوت في شعور القيادة على الحلبة من قسم الى آخر.
وقال "عندما تكون في الخلف (خلف سيارة) يكون الشعور مختلفا ثم تواجه الهواء القادم نحوك فتخسر السيطرة على مقدمة السيارة، وهذا الأمر يدفعك الى تخفيف سرعتك وبالتالي لن تقترب بما فيه الكفاية (من السائق أمامك). وجدت نفسي في هذا الوضع مرات عدة (خلال تجارب برشلونة) ولم يكن الوضع سهلا على الإطلاق".
ويرجح ان تكون سيارات 2017 أسرع بفارق 4 أو 5 ثوان عن المواسم الأخيرة، والدليل على ذلك ان تسعة سائقين هم الفنلندي كيمي رايكونن وزميله في فيراري الالماني سيباستيان فيتل، والهولندي ماكس فيرشتابن وزميله في ريد بول الأسترالي دانيال ريكياردو، والاسباني كارلوس ساينز جونيور (تورو روسو) والفنلندي فالتيري بوتاس (مرسيدس) والالماني نيكو هولكنبرغ (رينو)، سجلوا في تجارب برشلونة أوقات أسرع من الرقم القياسي للحلبة، والذي يحمله الاسترالي مارك ويبر منذ 2010.
ويأمل القيمون على البطولة التي ستقام هذا الموسم دون بطل للمرة الأولى منذ 1993، أن تؤدي التعديلات التي تطال إطارات "بيريلي" ايضا، الى حسم السباقات في الحلبة وليس في وقفات الصيانة.
وستكون الأنظار منذ السباق الافتتاحي مشدودة الى وضع فريق مرسيدس الذي قرر تعويض روزبرغ المعتزل بالفنلندي فالتيري بوتاس (وليامز سابقا) الذي سيقود الى جانب هاميلتون، في خطوة تضع السائق البالغ من العمر 27 عاما تحت عبء السير على خطى بطلي العالم السابقين ميكا هاكينن وكيمي رايكونن، وهما الفنلنديان الوحيدان اللذان توجا باللقب.
وستشكل القيادة لصالح مرسيدس، تحديا كبيرا لبوتاس الذي صعد الى منصة التتويج تسع مرات، الا انه لم يفز بأي سباق.
وقد يكون بوتاس من أبرز المنافسين لزميله الجديد هاميلتون الذي تنتظره ايضا معارك محتملة مع ثنائي فيراري فيتل ورايكونن وثنائي ريد بول ريكياردو وفيرشتابن الذي كان السائق الأفضل الموسم الماضي خلف ثنائي مرسيدس، لاسيما أنه خرج فائزا من سباقه الأول مع ريد بول (في الجولة الرابعة) كما صعد الى منصة التتويج سبع مرات من أصل 17 سباقا خاضها مع فريقه الجديد.