الامارات تعتمد تشريعات الأولى من نوعها في المنطقة... وبناء منظومة عطاء متكاملة لتعزيز مكانة الإمارات عاصمة للعطاء في العالم
الوسط - المحرر الدولي
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية لعام الخير، كخطة شاملة ومتكاملة لمأسسة العمل الإنساني والخيري في القطاعين الحكومي والخاص وتعزيز مكانة الدولة باعتبارها الأكثر عطاء عالمياً.
جاء ذلك خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء الاماراتي في أبوظبي اليوم الاحد (5 مارس/ آذار 2017)، بالقرب من نصب الشهيد في "واحة الكرامة". وتشمل الاستراتيجية الوطنية لعام الخير في الإمارات أكثر من 1000 مبادرة وبرنامجاً شاركت في إعدادها 100 جهة حكومية وخاصة، موزعة على ستة مسارات، هي: المسؤولية الاجتماعية للشركات والشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص والتطوع، وتطوير الدور التنموي للمؤسسات الإنسانية، والإعلام، والمنظومة التشريعية ذات الصلة بأهداف عام الخير، وخدمة الوطن.
وتستند الاستراتيجية إلى ستة أهداف رئيسية تعكس المسارات الست، هي: تفعيل مساهمة الشركات والمؤسسات الخاصة في المشاريع التنموية، ضمن إطار مسؤوليتها الاجتماعية، كي يكون القطاع الخاص شريكاً أساسياً للحكومة في مسيرة التنمية للدولة، والنهوض بالعمل التطوعي وتعميمه في المجتمع الإماراتي عبر السعي إلى تعزيز ثقافة التطوع وخلق فرص تطوعية تخدم كافة القطاعات المجتمعية، وترسيخ قيم خدمة الوطن بوصفها شكلاً من أشكال ثقافة الخير والعطاء عبر تعزيز مسؤولية الفرد والمجتمع في المساهمة في الإعلاء من شأن الوطن في كل المجالات، وتعزيز الدور التنموي للمؤسسات والجمعيات الإنسانية والخيرية في الدولة وتطوير أدائها، وبناء منظومة تشريعية متكاملة لمأسسة عمل الخير في الإمارات ووضعه في إطار مستدام، وتعزيز دور الإعلام في دعم عمل الخير، بوصف الإعلام من الأدوات المساندة والممكِّنة، كما أنه شريك أساسي في نشر ثقافة الخير وتعزيز قيم المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي وخدمة الوطن، التي تشكل المحاور الأساسية لعام الخير 2017.
وتأتي الاستراتيجية الوطنية لعام الخير ترجمة لإعلان رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان العام 2017 عاماً للخير وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بوضع إطار استراتيجي وتنظيمي مستدام للعمل الإنساني في الدولة، والعمل من أجل توفير بيئة مؤاتية وداعمة وحاضنة لنهج العطاء في كل المجالات مع خلق قاعدة مؤسسية ومنهجية، مدعومة بمنظومة تشريعية، للعمل الإنساني التنموي في الدولة.
وكان رئيس دولة الإمارات قد أعلن تكريس عام الخير بكافة مبادراته ومشاريعه وبرامجه لشهداء الإمارات، تخليداً لذكراهم، وتقديراً لتضحياتهم التي ضربوا من خلالها أروع مثال على البذل والعطاء.
في هذا الخصوص قال رئيس اللجنة الوطنية العليا لعام الخير والمسؤول عن الاستراتيجية الوطنية لعام الخير في الامارات محمد القرقاوي، إن "الاستراتيجية الوطنية لعام الخير تشكل خريطة طريق للعمل الإنساني والخيري في دولة الإمارات، من خلال مبادرات ومشاريع نوعية تخاطب جميع مجالات العطاء".
وشدد على الدور الكبير للمؤسسات الإنسانية والتنموية في الدولة التي تسهم من خلال مشاريعها في ترسيخ القوة الناعمة لدولة الإمارات وتكريس سمعتها العالمية كالدولة الأكثر عطاء واكتساب احترام الشعوب لها، مشيراً إلى أنه من خلال الاستراتيجية سيتم أيضاً وضع خطة لتطوير عمل هذه المؤسسات لتكون متوافقة مع أفضل المعايير الدولية.
ومن أهم المبادرات التي تضمنها مسار المسؤولية الاجتماعية للشركات والشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص في الاستراتيجية: إنشاء "المنصة الذكية للمسؤولية الاجتماعية"، كمنصة إلكترونية شاملة توفر للشركات مجالات المساهمة المتاحة وفق أولويات المجتمع، و"المنتدى التنسيقي للمسؤولية الاجتماعية"، الذي ينضوي تحته إنشاء منتديات تنسيقية لتوفير منصات لتعزيز التواصل الدوري وبناء الشراكات بين قيادات القطاع الخاص وقيادات القطاع الإنساني والخيري لتبادل المعلومات والخبرات. كما اعتمدت الاستراتيجية "المؤشر الوطني للمسؤولية الاجتماعية"، الذي إعداده سنوياً بحيث يُدرج فيه ترتيب الجهات والشركات في الإمارات بناء على نسبة مساهمتها في مشاريع ومبادرات المسؤولية الاجتماعية، و"الإفصاح الإلزامي للمسؤولية الاجتماعية" بإضافة شرط إلزامي حول وجوب تقديم الشركات المعلومات المتعلقة بالمساهمات الاجتماعية، النقدية والعينية.
على صعيد مسار التطوع، تم اعتماد مبادرات استراتيجية عدة، من بينها: "المنصة الوطنية للتطوع" وهي قاعدة بيانات إلكترونية شاملة تتضمن البيانات الشخصية للمتطوعين والبرامج التطوعية المتاحة، وإنشاء "المركز الوطني للتطوع"، وهو مظلة رسمية حكومية اتحادية تعنى بتنظيم العمل التطوعي في الدولة والإشراف عليه، و "الاستراتيجية الوطنية للتطوع 2021" للنهوض بالعمل التطوعي لتصبح دولة الإمارات رائدةً في مجال التطوع إقليمياً وعالمياً. كما تم اعتماد "برنامج العمل التطوعي التخصصي" وهو أول برنامج من نوعه في الدولة يحث المتخصصين والمهنيين من أطباء ومهندسين وتقنيين وغيرهم على التبرع بوقتهم وخبراتهم للجهات التي تتطلب مهارات تخصصية معينة. كذلك، تم اعتماد "منهاج التطوع" كمبادرة استراتيجية وطنية تهدف إلى تدريس التطوع في المدارس.
وضمن مسار الدور التنموي للمؤسسات الإنسانية، أقرت الاستراتيجية الوطنية لعام الخير مبادرات نوعية مثل: تأسيس "المجلس التنسيقي للمؤسسات الإنسانية والخيرية"، للتنسيق والربط بين المؤسسات الإنسانية والخيرية، ومشروع "المنصة الذكية للعمل التنموي والإنساني والخيري"، التي تجمع كل المؤسسات الإنسانية في الدولة على نحو يكفل الترابط والتكامل والتنسيق فيما بينها. وهناك مبادرتا "استقطاع الخير" و"بطاقة الخير الائتمانية" اللتان تسهمان في تطوير ودعم عمل المؤسسات الإنسانية بالاتفاق مع القطاع المصرفي في الدولة. ومن المبادرات ذات الأفق العالمي "مشروع التوأمة بين المؤسسات التنموية العالمية والمحلية" من خلال عقد اتفاقيات بين مؤسسات إنسانية محلية ومؤسسات تنموية عالمية رائدة، لتحسين آليات العمل الداخلية وتطوير الكفاءات في المجال التنموي.
إلى ذلك، تضمن مسار الإعلام في الاستراتيجية مبادرات ذات طابع داعم وممكِّن لثقافة العطاء، من بينها: "مليار الخير" من خلال تعهد المؤسسات الإعلامية بدعم المبادرات المختلفة على مدار العام بتخصيص محتوى إعلامي بقيمة تعادل مليار درهم إماراتي دعماً لمشاريع ومبادرات عام الخير، ومبادرة "إعلاميون من أجل الخير"، حيث سيتطوع العاملون في مجال الإعلام بوقتهم وجهدهم وطاقاتهم في أعمال متنوعة، وكذلك مبادرة "مؤثرو الخير"، التي تجمع المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلاميين والمفكرين والأدباء والفنانين، لتعزيز ثقافة عام الخير.
وفيما يتصل بمسار المنظومة التشريعية، التي تشكل الإطار القانوني المنظم لمحاور ومسارات عام الخير، ضمت الاستراتيجية الوطنية عدة تشريعات رائدة من نوعها، من بينها: "القانون الاتحادي للتطوع"، الذي سيسهم في مأسسة وترسيخ ثقافة العمل التطوعي وتعزيزها وتطويرها، و"القانون الاتحادي بشأن المسؤولية الاجتماعية" الهادف إلى تنظيم المسؤولية الاجتماعية في الدولة وتحديد نطاقاتها وأنظمتها التحفيزية وامتيازاتها وسواه. و"القانون الاتحادي بشأن الوقف" الذي يهدف إلى التعريف بعمل الوقف وشروطه وأحكامه ومدته وأنواعه وغيره، وأخيراً جاء مسار خدمة الوطن ليترجم أحد أهم محاور عام الخير، حيث اعتمدت الاستراتيجية الوطنية ضمن هذا المسار عدة مبادرات تستهدف الشباب بالدرجة الأولى من بينها: "100 مجال لخدمة الوطن"، عبر حصر 100 مجال لخدمة الوطن في مختلف المشاريع التنموية الوطنية ضمن مجالات وقطاعات بعينها. كما تم إدراج "محور خدمة الوطن في الجوائز الفنية والأدبية في الدولة" بحيث يتم التنسيق مع مختلف الجوائز الفنية والأدبية في الدولة لتضمين محور خدمة الوطن فيها، بحيث يكون الفن والأدب من الأدوات الإبداعية التي تسهم في إيصال رسالة خدمة الوطن للأجيال الشابة. وهناك مبادرة "قدوة الوطن"، التي سيتم من خلالها تسليط الضوء على نماذج مشرفة تشكل قدوة في خدمة الوطن، كطبيب أو مهندس أو معلم أو مدير أو حتى طالب قام بمبادرة وطنية مميزة، أو تبنى فكرة رائدة في مجال خدمة الوطن.