لويس انريكي آخر ضحايا ناد مفترس
برشلونة - أ ف ب
بعد ثلاثة مواسم على رأس الجهاز الفني، بات لويس انريكي الضحية الاخيرة لـ "مطحنة" المدربين في نادي برشلونة الاسباني لكرة القدم، في خطوة تثبت صعوبة الثبات في النادي الكاتالوني الدائم الطموح.
وعلى رغم ان قرار انريكي (46 عاما) شكل مفاجأة، الا ان التقارير الصحافية خلال الفترة الماضية كانت تلقي بظلال من الشك حول استمراره مع برشلونة الذي يقدم نفسه مرارا على انه "أكبر من ناد".
وعلى رغم ان تدريب النادي الكاتالوني ونجمه الارجنتيني ليونيل ميسي هو طموح كل مدير فني، الا ان انريكي يستعد للتخلي عن هذا المنصب المرغوب بملء ارادته، مع تبرير وحيد هو الارهاق.
وقال اتريكي عندما أعلن الاربعاء انه سيرحل في نهاية الموسم "الطريقة التي اعيش فيها هذه المهنة... تعني بالنسبة الي ساعات قليلة جدا من الراحة".
وانريكي هو ثالث المدربين الاكثر القابا في تاريخ النادي الكاتالوني (ثمانية القاب) بعد مواطنه جوسيب غوارديولا والهولندي يوهان كرويف، وهو جدير بالاستمرار في منصبه قياسا على النتائج وحدها، لكن الاستمرار اكثر مع برشلونة يتطلب استثمارا شخصيا قد يفوق في بعض الاحيان طاقات الكائن البشري.
ويرى اللاعب السابق الفونسو بيريز زميل انريكي في ريال مدريد (1991-1995) وبرشلونة (2000-2002)، "تمضي الامور على هذا المنوال طوال السنة مع وجود مزيد من المسابقات والمباريات والانتقالات، وهذا يستنزف الطاقة بشكل هائل".
ويضيف المهاجم الدولي السابق "عندما نذهب الى ناد كبير من هذا القبيل، نعرف ماذا يواجهنا. كثير من الضغط، وواجب القيام بعمل جيد. انه امتحان دائم".
والارهاق هو السبب عينه الذي دفع غوارديولا الى ترك برشلونة بعد اربعة مواسم (2008-2012) بعد استنزاف طاقته لوقت طويل.
وقال غوارديولا حينها "الوقت قادر على استنزاف كل شيء (...) هذا الاستنزاف يكون يوميا وفي الحصص التدريبية اليومية على مدى اربع سنوات".
وبدا لويس انريكي في الاسابيع الاخيرة متوترا، وهو ما انعكس بوضوح في مقابلة مع صحافي اثر الخسارة المذلة امام باريس سان جرمان الفرنسي في ذهاب ثمن نهائي دوري ابطال اوروبا (صفر-4).
وعلقت صحيفة "سبورت" الكاتالونية اليومية على قرار انريكي الخميس "الراحة، هكذا كان لسان حاله يقول منذ أشهر"، مضيفة "انه الداء المزمن لكل من يتولى الاشراف على برشلونة: قلق متعاظم".
غير دبلوماسي
يعرف عن انريكي انه صاحب شخصية ورجل مبادىء وغير دبلوماسي الى حد كبير. وتسبب هذا الطابع القاسي لشخصيته بتوتر دائم في غرف ملابس النادي المتخم بالنجوم.
ففي يناير/ كانون الثاني 2015، أحدث خياره ابقاء ميسي الذي أحرز جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خمس مرات، على مقاعد الاحتياط، أزمة حادة في النادي كادت تكلفه منصبه.
وخلال المواسم الثلاثة التي امضاها على رأس الجهاز الفني، لم تكن آراء انريكي وخطابه محط تقدير دائم من لاعبيه، وصولا الى حد تعرض خياراته التدريبية لانتقادات علنية من لاعب الوسط سيرخيو بوسكيتس بعد الهزيمة القاسية امام باريس سان جرمان.
ويرى الفونسو بيريز "ان يكون افضل اللاعبين في العالم تحت قيادتك هو حلم كل مدرب. لك، يجب ان يعرف كيف يدير غرف الملابس التي هي في ريال مدريد او في برشلونة اكثر تعقيدا من اي ناد آخر".
ويوجز الارجنتيني خيراردو "تاتا" مارتينيز الذي درب برشلونة لفترة وجيزة بين العامين 2013 و2014، الضغط الذي كان يتعرض له يوميا بكلمة واحدة هي "البيئة"، اي الصحافة والمعلقون والمشجعون.
وبرشلونة ليس مجرد ناد متعدد النشاط الرياضي، بل يعد بمثابة مؤسسة كاتالونية واوروبية وكونية. انه النادي الثاني في تصنيف مؤسسة ديلويت للأندية الاعلى دخلا في العالم (620,2 مليون يورو في موسم 2015-2016)، وعملاق اعلامي بضغط لا يحتمل.
وفي ظل هذه الضغوط، يتحول كل مؤتمر صحافي قبل المباريات او بعدها، الى ما يشبه الفخ. وغالبا ما يكون انريكي خلال هذه المؤتمرات قاسيا ويرد بسخرية احيانا، وقد أرهق تدريجيا من خلال الرد على امور جدلية كثيرا ما وصفها بـ "السيرك".
وقال في 18 فبراير/ شباط "حتى وان كنت في حالة سكر، لا اريد ان اقترب 10 أمتار على الاقل من تلفاز او جهاز راديو.
وبوضعه حد للإثارة المتعلقة بمستقبله، يستطيع لويس انريكي على الاقل ان يبقى هادئا في الاشهر الثلاثة الاخيرة المتبقية من مهمته مع الرغبة في احراز الالقاب الاخيرة مع النادي الكاتالوني ليثبت للصحافة للمرة الاخيرة انها مخطئة فيما تذهب اليه.