قصة قصيرة... القضيب الحديدي
سعيد ماروك - قاص جزائري
القضيب الحديدي ما يزال مغروساً عند المنعطف، غزاه بعض الصدأ ونبت في أسفله فسيلة خبّيز وثلاث حمّيضات.
"ألا يهديكم الله وتلعنوا الشيطان وتنزعوا هذا القضيب؟؟؟ يوماً ما سيسقط عليه طفل فيفقأ عينَه" قالت العالية موجهةً كلامها لقاديرو… هذا الأخير لم يعبأ بها وانهمك في ترتيب عُلب الياغورت في متجره.
في الجهة المقابلة… هناك في الضفة الأخرى من الأبيض المتوسط شدّت العولمة الحزام على النظام المصرفي فتم استدعاء السفير صباح يوم ضبابي. السفير يُبرق للرئيس الذي يعقد اجتماعاً والوزير فتصل المذكرةُ الوزارية للمدير العام الذي يُدبج سبعاً وعشرين مطة تفصيلية يختمها بعبارته الغليظة "أولي أهمية بالغة في التنفيذ".
والقضيب الحديدي الذي ذكرناه في السطر الأول مازال مغروساً.
تغوص المطات السبع والعشرون عبر الأسلاك لتفاجئ مدير المؤسسة خارجة من الفاكس وتنتشله من دردشته الفايسبوكية… وترعبه الـ "أولي أهمية بالغة في التنفيذ"... فيستدعي ويصرخ في وجه رئيس المصلحة الذي يصبّ جام غضبه على أمين المخزن الذي يغادر المؤسسة في نهاية الدوام حانقاً. ووريقات الحميضة بدأت تنام حول القضيب المغروس. يدخل أمين المخزن بيته مهدهداً تقول امرأته "قارورة الغاز اكتملت" تنطلقُ تلاثُ كفريّاتٍ من فمه في وجهها... تعود مسرعة للمطبخ، تصفع ولدها الذي كسّر صحناً خزفياً، يهرب الولد خارج البيت باكياً يصادف في طريقه الكلبَ، يهوي عليه بحجر، ينطلق الكلب لاهثاً وفي المنعطف يصطدم بالعالية العائدة من السوق… تتمايل العالية، تفقد توازنها... وتتهاوى على الأرض… ولا تقوم.
فقأ القضيب الحديدي عينها وجرى الدم عل الخبيز والحميضات.