قصة قصيرة... العروس!!
هبة الله السيد - قاصة مصرية
أيام الزواج الأولى اللعينة وعدم قدرتك على فعل أي شيء على راحتك، تقضي الوقت في محاولة التظاهر بأنك لست آدميا على الإطلاق!!
تأكل بمنتهى التهذيب، وتتنفس بمنتهى الأدب وتدخل الحمام مضطرا كأنك ترتكب جريمة شنعاء!! حتى حرية حك الجلد المكفولة للجميع لا تكون متاحة لك، فتخيل منظرك أمام العروس الجديدة وأنت تحك جلدك بحماس كقرود حديقة حيوانات الجيزة!!
محاولة التخلص من الفضوليين الذين يسألون عن أشياء شخصية جداً لا تهمهم في شيء، ونظرات الحسد من أجل الشقة الجديدة التي تعرف أنك ستعتادها ثم تزهدها بعد عدة أشهر فقط، هذا طبعاً قبل أن يدمرها المحروس الذي ستنجبنه، وملل اليوم الطويل في محاولة إيجاد شيء تفعله، لو تصورت أنك ستقضي اليوم بأكمله في مغازلة العروس الحسناء فأنت واهم حتى لو كنت مجنوناً بحبها، فما بالك وأنا لم أرَ العروس سوى مرتين فقط، مرة قبل السفر عندما ذهبت مع أمي لخطبتها ومرة عند العودة وكتْب الكتاب، الخلاصة أنها كانت أياماً لا تطاق!! كان ذلك حتى بدأت ألاحظ التصرفات الغريبة للعروس حرمنا المصون!!!
***
كانت تختفي في الحمام لفترات طويلة، أطول من اللازم لو أردت رأيي، إسهال ربما، لكن إسهال طوال الوقت!!
عروس جديدة من حقها أن تستحم وتتزين باستمرار، وأرد أيضاً، لكن ماذا عن صوت الصنبور المفتوح الذي يبدو وكأنه يغطي على صوت شيء ما؟!!
كلا لست من طراز الرجال الذين يشكون في زوجاتهم على الفور، في رأيي هذا يحتاج لماض ملوث تراه أمامك في حاضرك، كل إناء ينضح بما فيه كما يقولون. لا أزعم أنني كنت قديساً لكن للحقيقة لم تتح لي فرصة الانحراف على الإطلاق!!
كنت طالبا جامعياً خجولاً أحمق لا يمتلك أية مزية على الإطلاق تلفت النظر!! عقب تخرجي عملت في مكان خال من الاختلاط، ولم أتعلم الانترنت حتى بعد سفري وإلا كنت خدعت عدداً لا بأس به من الفتيات بالحب الالكتروني قبل أن أتزوج واتركهن!
لأوضح أكثر لقد كنت أشك في زوجتي بشكل مختلف، كنت قد شاهدت حديثاً فيلماً يحكي عن الأعمال السفلية، العروس التي تصنع أعمالاً لزوجها كي يحبها، لا يبدو لي عنواناً غريباً على الإطلاق، كما أنني من هواة أفلام الرعب الأميركية، وتلك الأسئلة التي لم أجد لها إجابة!!
لماذا تختفي زوجتي داخل الحمام بالذات؟ وعندما نظرت إلى الباب أدركت أنها نسيت أن تدير قفل المفتاح هذه المرة!! وفي لحظة كنت قد قررت الاقتحام!!
***
مذهولاً نظرت إلى السائل الذي يلوث جانب فمها ويتساقط جزء منه على الحوض، حدجتني بنظرة نارية وبكلمات يتطاير منها الشرر قالت:
- "حسنا هذا ما كنت أفعله، نعم لقد كنت آكل، هل استرحت الآن؟!!! منذ تزوجنا وأنا لا أستطيع أن اشعر بالشبع!! لم تكن هناك فترة خطوبة لذا فنحن متزوجين نتصرف كخطيبين، لابد وأن التهم إصبع البطاطس على عشر مرات!! آكل صدر الدجاجة مضطرة وأنا لا أستطيع التصريح بأنني لا أحبه ومذاقه يذكرني بورق الصحف!! وهناك ما هو أسوأ أنا لا أستطيع التهام المانغو التي آكلها الآن أمامك لأنها فضيحة، وطبعاً يجب أن أظل نظيفة وأنيقة دائماً، لذا كنت آكل هنا ما أريد، وأعيد وضع مساحيق التجميل، لابد وأن فكرتك عني الآن مفزعة و........."
قاطعتها وأنا أحك قفاي باستمتاع:
- "من قال هذا؟"
أخيراً سأستطيع أن أحك جلدي كالقرود على راحتي دون خجل!!