تفجيرات انتحارية تحصد العشرات في حمص وتطغى على مفاوضات جنيف

 بيروت - أ ف ب

طغت تفجيرات انتحارية أودت بحياة 42 شخصا على الأقل أمس السبت (25 فبراير/ شباط 2017) في مدينة حمص السورية على مفاوضات السلام الجارية في جنيف بين الحكومة والمعارضة السوريتين والرامية إلى إنهاء نزاع دام مستمر منذ ست سنوات.

وتوعد رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري من جنيف بأن تلك التفجيرات "الإرهابية (...) لن تمر مرور الكرام"، معتبرا أنها "رسالة الى جنيف".

وطلب الجعفري من مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا، خلال اجتماع استمر أكثر من ساعتين في مقر الأمم المتحدة، أن "ينقل طلب إصدار بيانات واضحة لا لبس فيها إلى المنصات (المعارضة) المشاركة في محادثات جنيف"، على حد قوله.

وأكد خلال مؤتمر صحافي إثر الاجتماع، أن "أي طرف يرفض إدانة ما جرى في حمص اليوم سنعتبره شريكا في الإرهاب".

وبعد نحو ساعة على تصريحات الجعفري، عقد وفد المعارضة الأساسي، الذي يضم الهيئة العليا للمفاوضات وممثلين عن الفصائل المعارضة، مؤتمرا صحافيا دان فيه "الإرهاب والإرهابيين".

وقال رئيس الوفد المفاوض نصر الحريري "مواقفنا واضحة وصريحة في إدانة كل الإرهاب والإرهابيين، إرهاب الدولة الذي يمارس من نظام بشار الأسد وإيران والميلشيات التابعة لها (...) وندين داعش والقاعدة".

وردا على سؤال عن تفجيرات حمص، قال الحريري "نحن ندين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل الجهات الإرهابية، وإذا كانت حادثة حمص تخضع لهذه الأعمال الإرهابية فهذا واضح من كلامي".

إلا أن منصة موسكو، التي تضم معارضين مقربين من روسيا أبرزهم نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل، فدانت "بأشد العبارات كل أشكال الارهاب (...) وبينها جرائم اليوم في حمص".

وفجر انتحاريون أنفسهم السبت مستهدفين مقرين أمنين محصنين في حمص وسط سوريا، ما تسبب بسقوط 42 قتيلا بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، وتبنت العملية "هيئة تحرير الشام" المؤلفة من جبهة النصرة سابقا وفصائل أخرى مقاتلة.

وتعرض حي الوعر، آخر حي تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حمص السبت، لغارات سورية كثيفة عقب الهجمات الانتحارية، تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين وإصابة نحو خمسين آخرين بجروح وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

الارهاب والانتقال السياسي

واعتبر دي ميستورا بدوره أن تفجيرات حمص هدفها "تخريب" مفاوضات جنيف.

ومنذ بدء مسار التفاوض قبل أكثر من ثلاث سنوات، تطالب الحكومة السورية بالتركيز على القضاء على الارهاب، فيما تطالب المعارضة بالبحث في العملية الانتقالية وفي مقدمها تأليف هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة من دون أي دور للرئيس بشار الأسد.

وكرر الجعفري السبت أن "مسألة مكافحة الإرهاب يجب أن يتم التعامل معها بجدية في أستانا وفي نيويورك وفي جنيف وعلى كل المسارات"، مضيفا "هذه هي الأولوية على جدول الأعمال".

في المقابل، قال الحريري خلال مؤتمر صحافي السبت "نحن جئنا إلى جنيف من أجل الانخراط الإيجابي في عملية سياسية حقيقية تؤدي إلى الانتقال".

وكانت عضو الوفد، المعارضة بسمة قضماني، قالت لفرانس برس إن "عبارة الانتقال السياسي تعني كل شيء وتعني أيضا مكافحة الارهاب".

ورغم دخول محادثات جنيف يومها الثالث، لم يبدأ حتى الآن أي بحث في العمق بين الأطراف المعنيين بالمفاوضات.

ومن المفترض أن يدرس وفدا الحكومة والمعارضة السوريتين ورقة قدمها لهما دي ميستورا.

وأوضح الحريري "تفاعلنا بإيجابية البارحة مع أفكار السيد ستافان دي ميستورا، وعكفنا منذ الصباح على درس الاقتراحات لنخرج بأفضل طريقة عملية للمضي في هذه العملية السياسية".

وتتضمن الورقة، وفق ما قال مصدر في الوفد المعارض الأربعاء لفرانس برس "جدول الأعمال، بما يعني شكل الحكم السياسي والدستور والانتخابات والمواضيع الانسانية"، مشيرا إلى أنه "لم يتم التطرق إلى الارهاب".

ويجري جزء كبير من الاتصالات في كواليس الفنادق التي تنزل فيها الوفود وخارج مقر الامم المتحدة. ويشارك فيها مبعوثون دوليون بينهم ممثلون لدول عدة داعمة للمعارضة بينها قطر وتركيا وفرنسا، بحسب مصادر في الوفد المعارض.

في سوريا، قتل السبت 15 مدنيا على الاقل بينهم اربعة اطفال، جراء غارات لقوات النظام على مدينتي أريحا وخان شيخون في ادلب، وفق المرصد.

كذلك، قتل تسعة مدنيين بينهم اربعة اطفال، بحسب المرصد، جراء غارات لقوات النظام على مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق.

ويسيطر على دوما بشكل أساسي جيش الإسلام، الفصيل الممثل في مفاوضات جنيف بالقيادي محمد علوش الذي ترأس وفد الفصائل إلى محادثات استانا.

من جهة ثانية، ارتفعت حصيلة القتلى جراء تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الإسلامية الجمعة واستهدف محيط مدينة الباب السورية غداة إعلان القوات التركية وفصائل معارضة السيطرة عليها، إلى 83 قتيلاً بينهم عدد من المدنيين، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري السبت.