«الداخلية»: إحالة الجرائم المضرة بالمصلحة العامة للقضاء العسكري
القضيبية - أماني المسقطي
صوَّت 31 نائباً أمس (الثلثاء) بالموافقة على التعديل الدستوري بشأن القضاء العسكري، وإحالته مستعجلاً إلى مجلس الشورى، فيما صوَّت رئيس لجنة الشئون التشريعية والقانونية محمد ميلاد برفض المشروع بعد أن كان أكثر المدافعين عنه، وامتنع كل من النواب جميلة السماك، ومجيد العصفور، وعلي العطيش عن التصويت.
إلى ذلك، قال الوكيل المساعد للشئون القانونية في وزارة الداخلية اللواء محمد راشد بوحمود: «التعديل في حقيقته يمكن الجهات المختصة من إحالة بعض الجرائم التي تشكل ضرراً على المصلحة العامة إلى القضاء العسكري، وذكرنا أمثلة للجنة الشئون التشريعية والقانونية، التي تمس طبيعة العمل وتحكمها السرية والسرعة والمرونة، وإذا كان هناك مبرر في التعديل بالقوانين، فسيعرض على النواب».
واعتبر رئيس القضاء العسكري يوسف فليفل، أن التعديل الدستوري جاء متأخراً جداً، وأنه كان من المفترض أن تكون هناك حماية للأجهزة الأمنية، بما في ذلك منشآتها وأفرادها وضباطها من جميع الأعمال الإرهابية.
31 نائباً يمررون «التعديل الدستوري»... ميلاد يرفض... والسماك والعصفور والعطيش يمتنعون... و«الداخلية» تفتح الباب أمام إحالة الجرائم المضرة بالمصلحة العامة للقضاء العسكري
القضيبية - أماني المسقطي
صوَّت 31 نائباً بالموافقة على التعديل الدستوري بشأن القضاء العسكري، وإحالته مستعجلاً إلى مجلس الشورى، فيما صوَّت رئيس لجنة الشئون التشريعية والقانونية محمد ميلاد برفض المشروع بعد أن كان أكثر المدافعين عنه، وامتنع كل من النواب جميلة السماك، ومجيد العصفور، وعلي العطيش عن التصويت.
وجرى التصويت في جلسة النواب يوم أمس الثلثاء (21 فبراير/ شباط 2017)، نداء بالاسم، وعلى رغم أن ميلاد كان موافقاً على التعديل الدستوري، إلا أنه رفضه في مجمله، احتجاجاً على اقتراح النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عبدالحليم مراد، بتحويل المذكرة الشارحة المرافقة للتعديل الدستوري إلى مذكرة تفسيرية.
وصوَّت بالموافقة، كل من النواب: إبراهيم الحمادي، أحمد قراطة، أسامة الخاجة، أنس بوهندي، جلال كاظم، جمال داوود، جمال بوحسن، حمد الدوسري، خالد الشاعر، خليفة الغانم، ذياب النعيمي، رؤى الحايكي، عباس الماضي، عبدالحميد النجار، عبدالحليم مراد، عبدالرحمن بومجيد، عبدالرحمن بوعلي، علي بوفرسن، علي المقلة، عيسى تركي، عيسى الكوهجي، غازي آل رحمة، ماجد الماجد، محسن البكري، محمد العمادي، محمد الجودر، محمد الأحمد، محمد المعرفي، ناصر القصير، نبيل البلوشي، أحمد الملا.
وينص التعديل الدستوري المقترح على استبدال المادة «105/ الفقرة ب» بحيث تنص على: «ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام»، بدلاً من النص المعمول به حاليّاً، والذي ينص على: «يقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يمتدُّ إلى غيرهم إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون».
وفي بداية الجلسة، قال النائب علي بوفرسن: «نريد أن نبني آراءنا على مرئيات واضحة من الجهات التي تم الاستئناس برأيها، والاعتداءات وصلت إلى أكثر من 520 اعتداءً على المدارس، ودرج الإرهابيون على تنفيذها منذ أعوام، وأعداد الشهداء في الأعمال الإرهابية بالعشرات، وهذا ديدن الإرهاب، ومن لديه مطالب لا يعتدي على عائلته وأهل منطقته ورجال الأمن، ولابد للدولة أن تسعى لتعديل قوانينها وتشريعاتها لحماية أمنها من الأعمال الإرهابية».
وأضاف «نحن مع هذا المرسوم، لكن لابد من مسئولي قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية التحقق من القضايا المدنية التي سيتم تحويلها إلى القضاء العسكري... نحتاج إلى توضيح للقضايا المدنية التي سيتم تحويلها إلى القضاء العسكري».
أما مقرر لجنة الشئون التشريعية والقانونية في مجلس النواب خالد الشاعر، فأشار إلى أن دول مجلس التعاون تمر بضائقة اقتصادية وتشتت وضغط من الإرهاب الدولي والمحلي في جميع الدول، بما فيها دول مجلس التعاون، وهناك تحديات لجميع الدول العربية بما فيها مملكة البحرين، وهذه التحديات تقف مع مبدأ تعديل الدستور وتعديل المادة المذكورة».
وتابع أن «البحرين تمر في تحديات اقتصادية وضغط أمني من الإرهاب نفسه، والأمن يهدد الاقتصاد والاجتماع والسياسة ويتدخل كثيراً في مكافحة الإرهاب، وزيادة صلاحيات المجلس التشريعي سمحت له بتعديل القانون المختص بالقضاء العسكري، في حين أنه كان مغلقاً في السابق على العسكريين فقط، ولكن مقترح جلالة الملك اليوم أعطى صلاحية للمجلس التشريعي بأن يعدل عليه، وهذا إنجاز ديمقراطي للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك».
وأشار إلى أن اللجنة لم تتسلم ردود بعض الجهات عليها، ولكنها ملتزمة بإحالة تقريرها بشأن التعديل الدستوري خلال 15 يوماً من يوم الإحالة، مؤكداً أن جهات حكومية تود الرد على اللجنة، ولكن لم يسمح لها الوقت بذلك.
من جهته، أشار رئيس اللجنة التشريعية النائب محمد ميلاد إلى أن النص الدستوري قبل التعديل كان مقيداً، وأن النص الحالي وارد على إطلاقه، ولكن ليس الإطلاق بعمومه، لأن الإطلاق مقيد بمبادئ دستورية أخرى. وقال: «النيابة العامة والقضاء الأصلي في المحاكم هو الأساس، والمكمل لهما هو القضاء العسكري في وزارة الدفاع أو الداخلية أو الحرس الوطني، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عن الاختصاص الأصلي للاختصاص الفرعي، بمعنى أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تتنازل عن اختصاصها، ولكن يجوز العكس».
وأضاف «نعم النص مطلق ويجب أن تكون المذكرة التفسيرية مطلقة أيضاً، والنص القديم كان يشمل الجرائم العسكرية، ولكن حين يقع جرم من مدني على إحدى هذه الجهات العسكرية أو يسرب أسراراً عسكرية، فهناك خياران، إما إفشاء السرية وأن تكون المحاكمة جلسة علنية أو أن يحاكم بين المطلعين على السرية وهو القضاء العسكري».
وواصل «حسناً، أطلق جلالة الملك مسمى قوة دفاع البحرين لا مسمى جيش، لأن الجيوش يفهم منها أنها غزو، في حين أنها في البحرين منشأة للدفاع عن أمن الوطن والوطن العربي والأصدقاء، وبعد دخول عناصر قوة الدفاع في حرب اليمن من أجل استعادة الشرعية، تعرضوا لما يسمى بالمسلح المدني الذي ليس له رتبة عسكرية أو اسم عسكري، وإنما مدني يستخدم الأجهزة العسكرية، ومن هنا تبرز أهمية هذا التعديل الدستوري».
فيما أشار النائب أنس بوهندي إلى أن الجماعات والمنظمات الإرهابية ترفع السلاح خارج البحرين وداخلها أمام رجال الأمن وقوة دفاع البحرين، وقال: «لو حصرنا الخسائر لوصلت إلى ملايين الدنانير. والبحرين من أكثر الدول الملتزمة بالقانون، ولديها المؤسسات القضائية التي يشهد لها على المستوى الدولي».
أما النائب نبيل البلوشي، فقال: «التعديل الدستوري جاء للحفاظ على من سهر في الحفاظ علينا وعلى أمننا وبلدنا، وضحوا بأرواحهم من أجلنا ومن أجل الأمتين العربية والإسلامية، وهم في الجبهات في الداخل والخارج، بخلاف من استشهدوا، ألا يستحقون الحفاظ عليهم؟ وخصوصاً مع الانفلات الأمني والإرهاب الذي تشهده دول مختلفة».
وقال النائب جمال داود: «كلمة أمن المجتمع هي الجرس الذي يجب أن نقف عنده، ولو طرح هذا الموضوع على الساحة الشعبية، لاستجاب المخلصون لأرضهم ووطنهم بأسرع ما يمكن. يجب أن نضع نصب أعيننا أمن المجتمع وما يواجهه من تهديدات ومخاطر في جرائم متعددة، ونسارع في النظر في التشريعات التي تأتي تحت إطار هذا التعديل».
أما النائب خليفة الغانم، فطالب خلال مداخلته بوقف المداخلات التي ليس لها داعٍ، على حد تعبيره، داعياً مجلس النواب للموافقة على التعديل.
فيما بدأ النائب محمد الجودر مداخلته رداً على المتخوفين من التعديل الدستوري، بالقول: «الجماعة لا يعلمون ما هي مهمة العسكري، ولكن حين نأتي لمهمته فإنها شديدة، وكنا بحاجة لهذا التعديل منذ التسعينيات، وخصوصاً مع وجود أربعة آلاف عسكري جريح... وحتى تجلسوا في بيوتكم مع أهاليكم وأبنائكم، فإن هناك من يسهر في الليل ويواجه الأعمال الإرهابية».
وأضاف «نحتاج إلى هذا التعديل الدستوري، وليتذوق المرارة من يتجرأ ويحمل السلاح ضد الرجل العسكري، إذ يجب إحالته للمحاكم العسكرية لا المدنية، كما أن هناك ضمانات للمدني الذي تعدى على عسكري، إذ يمكن أن يدافع عنه محامٍ مدني. وكذلك فإن هناك أموراً عسكرية لا يمكن عرضها على المدنيين، وهناك معلومات عسكرية تتطلب الحفاظ على سريتها».
وقال أيضاً مدافعاً عن التعديل الدستوري: «هناك من الخليجيين من يسألنا، كيف تسمحون للمدنيين بالاعتداء على العسكريين؟».
وانتقد النائب ميلاد مداخلة النائب جمال بوحسن التي قال فيها: «لا يهمنا ما ستقوله المنظمات الدولية المسيسة والجماعات الإرهابية بشأن التعديل الدستوري»، إذ قال ميلاد: «بل تعنينا المنظمات الخارجية، وهذا التعديل ليس بدعة، وإنما سبقتنا إليه دول أخرى».
وعاد مقرر اللجنة الشاعر ليقول: «وصل الإرهاب للنواب في أيام الانتخابات، وحتى اليوم يتعرضون لأعمال إرهابية مظللة، ويتأثر فيها الأهل قبل النائب، ومن يريد أن ينخرط في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي الحر، فالأبواب مفتوحة، ومن يريد الانخراط بالإرهاب فنحن والقانون له بالمرصاد».
وذكر النائب محسن البكري أن هناك دولاً ليس لها هم إلا أن تكيد إلى البحرين، معتبراً أن الدستور ليس قرآناً منزلاً حتى لا يتم تعديله.
وقال: «الإرهاب دائماً ما يلبس ثياب الدين، ولا يوجد إرهاب إلا من خلال الدين. وفي المذهب السني طاعة ولي الأمر واجبة على المواطنين، ومن خرج على الإجماع وولاة الأمر، فإن الدين شدد العقوبة في ذلك، وبالتالي التعديل يأتي لتعزيز الأمن الوطني، ولا يوجد أي مبرر للتخوف منه».
فيما اعتبر النائب عبدالرحمن بوعلي أن التعديل الدستوري أتى في موعده، وأنه فرصة لتعزيز دور القضاء العسكري الذي يتمتع بكل الضمانات والاستقلالية، مشيراً إلى أن القضاء العادي في كثير من الحالات قد لا تتوافر لديه المعرفة والخبرة في التعامل مع القضايا شديدة الخطورة والمتعلقة بالأمن القومي، وأن القضاء العسكري يتسم بسرعة الفصل في تلك القضايا.
وقال: «القضاء العسكري ليس بديلاً للعادي، وإنما مكمل له فيما يتعلق ببعض الجرائم، وخصوصاً تلك التي تحتوي على وثائق شديدة السرية، أو التي تحتوي على وثائق مهمة».
وعاد النائب العطيش ليؤكد عدم وضوح الرؤية في ظل هذا التعديل، منتقداً عبارات بعض النواب التي قالوا فيها: «لا يوجد عاقل لا يصوت على هذا التعديل» و «لا يعرفون مهمة العسكري» و «أشكر الذين وافقوا على التعديل الدستوري» و «فليذوقوا المرارة...».
وعلق عليها العطيش: «لا نزايد بهذه العبارات، ومن يحمل السلاح عليه أن يتحمل مسئولية قراره، أمن المواطن من أمن الوطن، والحفاظ على أمنه حفاظ على الوطن، والكل يعرف موقفنا في الدفاع عن هذا الوطن، قبل أن ندخل تحت هذه القبة».
وقال النائب عيسى تركي: «هذا التعديل الدستوري جاء لحماية المدني أولاً، ومصلحة البحرين فوق كل شيء، وهناك حرص وتوجيه ألا يصاحب التعديلات أي عوار دستوري أو تعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، وإنما تهدف لحماية قوة دفاع البحرين والمؤسسات العسكرية والأمنية».
ودعا إلى عدم تحميل التعديل الدستوري أكثر مما يحتمل، مشيراً إلى وجود خمس ضمانات على الأقل في التعديل الدستوري، أولها أن هناك حقاً دستورياً أن نطاق أي تعديل في النصوص الدستورية المكتسبة، لا يجوز المساس به إلا ما يقرر مزيداً من تلك الحقوق، مؤكداً أن المبادئ الدستورية تتكامل ولا تتعارض ولا تتهادم.
وقال: «الطعن بعدم الدستورية متاح أمام شعب البحرين، وأي امتداد للقضاء العسكري لن يكون إلا بأداة المشروع بقانون، والبحرين لن تتراجع عما حققته في حقوق الإنسان».
أما النائب ماجد الماجد فأكد أن التحفظ على التعديل الدستوري، لا شأن له بنزاهة القضاء أو أهمية الأمن، مؤكداً أن الحديث يتعلق بالمذكرة المرافقة للمرسوم لا الحديث عن حفظ الوطن.
وقال النائب محمد العمادي: «ما يخوفنا أن تأتي القوانين بموجب التعديل الدستوري كمرسوم بقانون، وإنما نطالب بإحالتها كمشروعات قوانين، حتى يضع المتخوفون من التعديل الدستوري ما يرونه مناسباً في هذه القوانين».
من جانبه، قال النائب جلال كاظم: «الإرهاب لا دين له، ونعلم ما مرت به الدول العربية من إرهاب ممنهج، وهناك خلايا نائمة في البحرين، ودواعش منتشرون أيضاً. فالأمن مهم، ونرى تجارب دول الجوار التي تعاني من الإرهاب، وكل نائب له حق خاص بالموافقة أو الرفض أو الامتناع، والاختلاف عارض صحي».
ورفض النائب عبدالرحمن بومجيد اعتبار أن التعديل الدستوري موجه ضد فئة أو طائفة أو ملة، وإنما موجه لمحاربة الإرهاب، وفقاً له.