(رسالة مواطن)...كيف تتصرّف مع سائق يخالف قواعد المرور ويتطفل على خط سير طابور انتظار السيارات؟
أحد (الشيوخ) من رجال الدين المتنوّرين والمتضلّع في طرح ومعالجة القضايا والمشاكل الاجتماعية والذي يتكرر استضافته لإلقاء محاضرات أخلاقية وسلوكية ومسائل فقهية "جدلية"، عرّج في إحدى محاضراته الشيّقة على مسألة احترام قوانين المرور، فأورد تجربة شخصية مرّ بها حيث قال (بتصرّف) إنه كان يقف ضمن طابور من السيارات الواقفة في شارع عام حيث كانت حركتها بطيئة، وإذا بأحد الشباب يأتي بسيارته من بعيد ليحشرها بين السيارات المنتظرة متقدماً على الآخرين، حيث أراد استغلال وجود مسافة بين السيارات لحشر سيارته أمام سيارة رجل الدين (المتحدّث). وإذ لاحظ الشيخ هذه الحركة فما كان منه إلا أن تقدّم للأمام بسيارته قاطعاً الطريق على هذا الشاب.. يقول الشيخ بأن الشاب تقدّم بسيارته وفتح النافذة بإزاء سيارته ليسأل الشيخ باستنكار: "هذي أخلاق عمائم"! وهو يقصد التصرّف الذي قام به الشيخ للحؤول دون حشر سيارته.
يعلّق الشيخ على هذه الحادثة بالقول إنه قبل أن يسمح أو لا يسمح للشاب بحشر سيارته لاتخاذ مساره في صف السيارات، راح يسأل نفسه ما إذا كان "يحقّ" له أن يعطي مجالاً لهذا الشاب أو لا. لأنه وإن تجاوز عن حقه في الوصول أسرع فإنه لا يستطيع تجاهل حق الآخرين لأنهم لم يفوّضوه بمنح هذا الشاب هذه الفرصة.
هذه السلوكيات ربما نواجهها يومياً، ولابدّ أنك تشعر بالامتعاض والاستياء من برود البعض حين تقف في طابور طويل من السيارات لنصف ساعة أو أكثر ليأتي أحدهم ليفرض نفسه بحشر سيارته رغماً عنك ودون استئذان؛ بل يشعر أن ذلك من حقوقه لا يوجه لك كلمة شكر!
وكما أورد الشيخ في تساؤله: هل يحق لي أن أتجاوز حقوق الآخرين بأن أترك المجال لكل متطفّل بأن يتقدّم صف السيارات المنتظرة لمجرد أنني في غير عجلة من أمري أو لا اكترث للأمر! بحيث أن مَن يمكن أن يصل لوجهته في وقته ربما تأخّر لعشر دقائق أو أكثر (بسبب شهامتي المفرطة)!
قطعاً هذه عينة واحدة فحسب من السلوكيات الخاطئة والمذمومة والمزعجة التي صارت لدى البعض عادةً وأمراً مألوفاً غير ذي بال. أقول إنك إن كنت من يحرص على تطبيق قوانين المرور وتأمل وترجو أن يطبّقها غيرك، فأنت لابد ستُصاب بارتفاع ضغط الدم أو الهستيريا المفاجئة إن لم تكن أعصابك باردة أو جامدة أو ميتة! ففي خروجك صباحاً مع الجميع متوجهاً إلى عملك أو عائداً منه تلقى العجب العجاب.. فمن واقفٍ في وسط الشارع مغلقاً نصفه بانتظار أحدهم، ومن عابثٍ بهاتفه وهو يسير كالسلحفاة، وهناك من يقف أو ينعطف دون سابق إنذار، وغيرها ما يجعل من ممارسة السياقة في هذا الوقت نوعاً من المعاناة والضغط النفسي.
نعود ونقول إن البعض يحسب أن الشارع مثل الغابة، فكل شيء بالغلبة والإكراه والفرض، وأنت مضطرٌ لأن تبتلع تلك التصرفات والسلوكيات المقيتة وتتجاهلها لأنك إن عاندت وتحدّيت وقابلت بالمثل.. عرضت سيارتك لحادث وتأخرت عن عملك وبالطبع ستوصم بأن "أخلاقك" تجارية أو محل شبهة!
جابر علي