تقرير: مبعوثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحث على التحقيق في الاعتداءات على الروهينجا في ميانمار
الوسط - المحرر السياسي
من المقرر أن تدعو مبعوثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الشهر المقبل مجلس حقوق الإنسان لفتح تحقيق في التجاوزات التي ترتكبها المؤسسة العسكرية ضد أقلية المسلمين الروهينجا في ميانمار، لأن الحكومة غير قادرة على إجراء تحقيق موثوق فيه.
وصرحت يانغي لي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ميانمار، لشبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" اليوم السبت (11 فبراير/ شباط 2017) أنها سوف تحث الدول الأعضاء على تبني قرار يقضي بتشكيل لجنة تحقيق عندما تقدم تقريرها للمجلس في جنيف في 13 مارس.
وقالت: "لم أقل أبداً في الماضي لأي مراسل ما أنوي تضمينه في تقريري ... لكنني في هذه المرة سأوضح هذه النقطة: سوف أدفع بكل تأكيد باتجاه إجراء تحقيق بشأن وضع الروهينجا".
والجدير بالذكر أن جماعات حقوق الإنسان تواصل، على مدار السنوات القليلة الماضية، حث الأمم المتحدة على إجراء تحقيق في التقارير التي ترد حول وقوع انتهاكات ضد الروهينجا، وهي أقلية معظم أفرادها عديمو الجنسية، أجبروا على العيش في ظل نظام فصل عنصري. ولكن هذه الدعوات أضحت أكثر إلحاحاً منذ أن بدأت التقارير تظهر عن عمليات الاغتصاب الجماعي، وعمليات القتل والفظائع الأخرى في أوائل شهر أكتوبر، عندما شن الجيش عمليات لمكافحة التمرد.
ويوجد الآن ضغط لم يسبق له مثيل لإجراء تحقيق تدعمه الأمم المتحدة، قد يقود إلى العثور على أدلة على أن قوات الجيش في ميانمار قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا الصدد، قال مات سميث، المدير التنفيذي لمنظمة فورتيفاي رايتس Fortify Rights، التي وثقت الانتهاكات بحق الروهينجا: "لم يكن ممكناً تصور تشكيل لجنة تحقيق قبل ستة أشهر، ولكن هناك زخم جاد يتزايد يوماً بعد الآخر... تلعب المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان دوراً أساسياً في مساعدة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على فهم ما يجب فعله. وسوف يدرسون توصياتها بجدية".
نزوح جماعي
فرّ أكثر من 69,000 شخص من الروهينجا إلى بنجلاديش منذ شهر أكتوبر، وجلبوا معهم روايات مرّوعة عن قيام الجنود بمهاجمة مجتمعاتهم في مونغداو، وهي بلدة حدودية وضعها الجيش تحت حصار صارم. وقد روى أفراد الروهينجا الذين تمكنوا من الهرب إلى بنجلاديش تجاربهم إلى جماعات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، التي قامت بتحليل صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تشير إلى أن قوات الجيش أحرقت القرى بشكل ممنهج.
وأضاف "تقرير عاجل" صدر الأسبوع الماضي عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ثقلاً كبيراً للضغط لصالح إجراء التحقيق. وتجدر الإشارة إلى أن ميانمار قد رفضت السماح لمحققي الأمم المتحدة بدخول مونغداو، لكن 204 من الناجين الذين فروا إلى بنجلادش سردوا تجارب مؤلمة التي شملت على حد قولهم مشاهدة "ذبح الأطفال بالسكاكين".
وكانت الحكومة المدنية في ميانمار، برئاسة أونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، قد ظلت ترد لمدة أشهر على مثل هذه الادعاءات بإنكار صريح. ولكن إدارتها قد بدأت على يبدو تخفف من موقفها – وإن كان بشكل طفيف فقط – في أعقاب النتائج التي توصل إليها مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وبينما لم يجب المتحدثون باسم مكتب الرئيس ووزارة الخارجية في ميانمار على المكالمات الهاتفية، نشرت الحكومة بياناً على صدر الصفحة الأولى لصحيفة "جلوبال نيو لايت أوف ميانمار"، التي تديرها الحكومة، رداً على تقرير مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وجاء في البيان أن "حكومة ميانمار تعتبر المزاعم الواردة في التقرير خطيرة جداً بطبيعتها وتشعر بقلق بالغ إزاء التقرير"، وأضاف البيان أن هناك لجنة حكومية شُكلت في شهر ديسمبر ستحقق في الأمر.
لكن قليلين خارج الحكومة يثقون في تلك اللجنة التي يرأسها مينت سوي، الجنرال السابق الذي رفع اسمه مؤخراً من قائمة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على بعض الأشخاص في ميانمار.
وفي هذا الصدد، قالت لي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، التي اجتمعت مع اللجنة خلال زيارتها لميانمار الشهر الماضي أن "اللجنة تجاوزت مسألة الاعتماد على الحكومة فيما يتعلق بإجراء تحقيقات موثوقة ... لأنه لا تتوفر لديها حتى منهجية للقيام بهذا التحقيق".
والجدير بالذكر أن لجنة الأمم المتحدة سوف تشمل أخصائيين من الطب الشرعي الذين سيتم تكليفهم بتحديد ما إذا كانت تلك الجرائم قد وقعت فعلاً أم لا.
شكوك
وهناك سؤالان يلوحان في الأفق بشكل واضح: هل ستتقدم إحدى الدول الأعضاء الـ47 في مجلس حقوق الإنسان بقرار لتشكيل لجنة للتحقيق؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل ستتعاون ميانمار؟
يرى دبلوماسي أوروبي، طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الوضع، أنه من المستبعد أن تسمح المؤسسة العسكرية في ميانمار بدخول المحققين الذين ربما يجدون أدلة تثبت تورط جنودها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وفي حين أن حكومة أونغ سان سو تشي قد تبدي تعاوناً، إلا أن الجيش قد تجاهل تعليمات صدرت على مدى الأشهر القليلة الماضية من إدارتها للسماح بدخول محققين مستقلين، وفقاً لهذا الدبلوماسي.
ولا تملك إدارة أونغ سان سو تشي سيطرة على المؤسسة العسكرية ويُعتقد أن نفوذها فيما يتعلق بالأمور العسكرية قليل، أو غير موجود أساساً.
وتجدر الإشارة إلى أن الجنرالات قد حلوا المجلس العسكري في عام 2010، بعد ما يقرب من نصف قرن من الحكم العسكري دون انقطاع، ما بشّر ببدء إصلاحات شاملة سمحت بمشاركة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، التي تنتمي إليها أونغ سان سو تشي، في الانتخابات بعد تعرضها لقمع عنيف دام لعقود. ورغم فوز الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بأغلبية في البرلمان، إلا أن المؤسسة العسكرية تشغل وزارات رئيسية تمشياً مع الدستور الذي كتبته في عام 2008، الذي يعطيها أيضاً سلطة القيام بعمليات دون الخضوع للرقابة المدنية.
مع ذلك، من المتوقع أن يخضع الجيش لضغوط شديدة للتعاون مع لجنة التحقيق التي تدعمها الأمم المتحدة لأن رفض الحكومة والجيش في ميانمار التعاون مع الأمم المتحدة سيخصم كثيراً من رصيد مصداقية ميانمار الذي اكتسبته على الساحة الدولية على مدى السنوات القليلة الماضية عبر عملية الإصلاح التي جاءت بمبادرة من الجنرالات أنفسهم.
وتوضيحاً لذلك، قالت لي: "هذا من شأنه أن يرجع ميانمار إلى الوراء، إلى وضع الدولة المنبوذة".
مع ذلك، لن يكون السؤال حول طريقة رد فعل ميانمار مناسباً إذا لم تقم أي دولة من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بتبني القرار المنشود. وعلى الرغم من أن الضغوط متنامية، إلا أن صدور مثل هذا القرار ليس أكيداً.
وخلال فترة رئاسة باراك أوباما، كانت الولايات المتحدة تدعم عملية الإصلاح، وفي الوقت ذاته تنتقد بشكل علني الانتهاكات التي ترتكب في الدولة ضد حقوق الإنسان. ولكن السياسة الأمريكية لإدارة الرئيس دونالد ترامب لم تتضح بعد.
وقد رفض متحدث باسم السفارة الأمريكية التعليق على احتمال إجراء تحقيق تدعمه الأمم المتحدة، وركز بدلاً من ذلك على وعود ميانمار نفسها للتحقيق في النتائج التي توصل إليها مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم السفارة الأمريكية في ميانمار: "نأمل أن تتخذ حكومة ميانمار نتائج التقرير بجدية وتضاعف الجهود لحماية السكان المدنيين، وأن تفتح تحقيقاً في هذه الادعاءات على نحو دقيق وموثوق به".
وقد طرحت الشبكة أسئلة على أربع سفارات أخرى، فضلاً عن وزارة الخارجية في بنجلاديش، غير أن أياً منها لم يجب عن الأسئلة.
من ناحية أخرى، أشارت لي وبعض المصادر الأخرى إلى أن الاتحاد الأوروبي هو أحد المرشحين الأكثر احتمالاً لتبني مشروع القرار. وأشار رولاند كوبيا، سفير الاتحاد الأوروبي، إلى أنه هذا أمر محتمل لكنه صاغ بيانه بلغة دبلوماسية.
وتعليقاً على هذا قال كوبيا: "سيواصل الاتحاد الأوروبي تقديم قرار خاص بميانمار في لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة كما فعلنا في السنوات الماضية ... وأتوقع أن يتم التطرق لموضوع التحقيق خلال المفاوضات بشأن نص القرار".