الموسوي: مكافحة الفساد بحاجة لإجراءات دائمة...والفاسدون أصبحوا ماهرين في أساليبهم
أم الحصم - حسن المدحوب
شدَّد رئيس جمعية «الشفافية» البحرينية شرف الموسوي، على أن «مكافحة الفساد بحاجة إلى إجراءات دائمة ومستمرة، وخصوصاً أن الفاسدين أصبحوا ماهرين في أساليبهم، ويبتكرون المزيد منها دائماً».
جاء ذلك، في ندوة عقدتها جمعية «وعد»، في مقرها في أم الحصم، مساء الأربعاء (8 فبراير/ شباط 2017)، تحت عنوان: «تدهور موقع البحرين على مؤشرات مدركات الفساد»، بمشاركة رئيس جمعية «الشفافية» شرف الموسوي، والرئيس السابق لها عبدالنبي العكري.
وخلال الندوة، أوضح الموسوي أن «منظمة الشفافية الدولية أصدرت في (25 يناير/ كانون الثاني 2017)، تقريرها السنوي حول مؤشر مدركات الفساد للعام 2016م، وشمل 176 دولة حول العالم بزيادة 9 دول عن مؤشر العام 2015».
وأضاف «وبيَّن مؤشر مدركات الفساد أنَّ أكثر من 69 في المئة من الدول في العالم تقلُّ درجاتهم عن 50 في المئة على مستوى المؤشر، ولاتزال الدنمارك تعتبر أفضل الدول في العالم حيث حققت المركز الأول بنسبة 90 في المئة من درجات المؤشر (منخفضة عن العام الماضي بنقطة واحدة)، وشاركتها نيوزيلندا بالنسبة نفسها، فيما حافظت الصومال على المركز الأخير حيث حققت 10 في المئة من درجات المؤشر».
وذكر أن «جمعية الشفافية الدولية تُعِدُّ مؤشر مدركات الفساد، اعتماداً على العديد من التقارير التي تصدرها منظمات دولية متخصصة (تبلغ 13 مصدراً)، مثل البنك الدولي والبنك الأفروآسيوي وتقرير التنافسية العالمي، ومؤسسة برلتسمان العالمية، ومشروع العدالة الدولية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والعديد من المسوحات التي تقوم بها مؤسسات بحثية متخصصة، بالإضافة الى مقابلات تجرى مع أصحاب أعمال وآراء خبراء متخصصين في هذا المجال والمجالات الاقتصادية، ويعتمد المؤشر على مصادر المعلومات التي تم جمعها خلال الأشهر الاثني عشر الماضية ما بين يونيو/ حزيران 2015 ونفس الشهر من العام 2016».
وأشار الى أنّ «البحرين تراجعت في التقرير السنوي حول مؤشر مدركات الفساد للعام 2016، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية من المركز 50 عالميّاً لتصبح في المركز 70، كما تأخرت أيضا على المستوى العربي من المركز الخامس إلى المركز السادس بعد أن تقدمتها كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر والأردن والمملكة العربية السعودية وعمان، وكذلك تراجعت من المركز الرابع الى المركز الخامس خليجيًّا، وبذلك تراجعت البحرين التي كانت في الموقع الثالث خليجيًّا منذ العام 2011 تقريباً».
وأردف «واللافت أن البحرين لم تحقق نسبة الـ 50 في المئة من درجات المؤشر حيث حصلت على 43 نقطة من 100، بينما كانت 51 نقطة في العام الماضي».
وعن أسباب انخفاض موقع البحرين على مؤشر العام 2016، قال الموسوي: «نعتقد أن من أسباب تأخر مركز البحرين على مؤشر مدركات الفساد، هو عدم استكمال المنظومة القانونية لمكافحة الفساد في البحرين، ومنها عدم إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، إذ إن العديد من بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لم تصل إلى مرحلة التطبيق مما يتطلب أن تبذل البحرين جهوداً إضافية، وعلى سبيل المثال لم تلتزم البحرين بالمادة السادسة لإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد أو إصدار القوانين الأخرى، أو إشراك المجتمع المدني في إعداد تقرير التقييم الذاتي لتنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وبالمناسبة فإن هناك دولاً عربية بعد ان شاركت المجتمع المدني أصبح تقريرها أكثر قبولاً لدى المنظمات الدولية، بالإضافة الى أنه منذ العام 2009 وحتى الان لم يتم اعتماد القانون الخاص بحق الوصول الى المعلومات وسبق للجمعية البحرينية للشفافية بالتعاون مع جمعية الصحفيين وأعضاء من الكتل البرلمانية آنذاك أن أقامت ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام نتج عنها أن تقدم بعض أعضاء البرلمان بمقترح لمجلس النواب تمت مناقشته وللأسف جمد قانون حق الحصول على المعلومات حتى الآن، وكذلك لعدم وجود الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، إذ إنه إلى الآن لم تقر البحرين استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، التزاماً باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وما لهذه الاستراتيجية من أهمية في الحد من الفساد ومكافحته، وأيضاً عدم وجود قانون حماية الشهود والمبلغين، حيث لم تقر البحرين قانوناً لحماية الشهود والمبلغين والنشطاء العاملين في مجال مكافحة الفساد مما يحد من تقدم بعض المواطنين بأية معلومات يرون فيها شُبَه الفساد».
وأردف «بالإضافة إلى ذلك فهناك أسباب أخرى ساهمت في هذا التدهور بعشرين درجة في العام 2016 مقارنة بالعام 2015، ومنها دخول عدد 9 دول جديدة على المؤشر جميعها أفضل من البحرين في جهود مكافحة الفساد بحسب التقييم العلمي المتبع لدى الشفافية الدولية، كما أن بعض الدول التي كانت في مستوى أقل من البحرين اتخذت بعض المبادرات لمكافحة الفساد مثل قوانين أو اجراءات جديدة أدت الى أن تتجاوز فيها البحرين، وانخفاض درجة تقييم البحرين لتصبح 43 بعد أن كانت 50 في العام الماضي، وكذلك خفض بعض المُقيِّمين درجة البحرين وعلى سبيل المثال المنتدى الاقتصادي العالمي، ووحدة تقييم المخاطر الداخلية (القطرية)، لكل دولة في العام 2016 مقارنة بالعام 2015».
وشدد «مازلنا في الشفافية البحرينية نعتقد أن التزام البحرين بتنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سيحد من انتشار الفساد، وسيساهم في مساعدة البحرين على حل المشاكل الاقتصادية، وتجنيبها اتخاذ العديد من المبادرات غير الشعبية والتي تزيد من الضغط الاقتصادي على المواطنين، مثل زيادة الرسوم وارتفاع مستويات الضرائب».
وأردف «سبق أن دعونا إلى العديد من المبادرات، ومنها الاهتمام بتنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية واستخدام مجلس النواب صلاحياته الدستورية في مراقبة أداء الحكومة وإصدار التشريعات التي تساهم في حل العديد من هذه المشاكل، ومنح المجتمع المدني المتقدم في البحرين مجالاً افضل للعمل بإصدار قانون متطور يساهم في دعمه لتنفيذ وتحقيق أهدافه في التنمية المستدامة».
وأشار الى أن «استمرار الوضع كما هو عليه بهذه الكيفية سينتج عنه استمرار تدهور موقع البحرين على مؤشر مدركات الفساد؛ لأن الدول الأخرى تتخذ مبادرات عملية للحد من الفساد سواء بإصدار تشريعات مناسبة أو بتحويل ومحاسبة من قام باستغلال منصبه أو موارد البلاد لمصالح خاصة».
وأفاد «نرى أن البحرين تحتاج الى تنفيذ بعض المبادرات المهمة، ومنها إصدار قانون إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، وإصدار قانون حق الحصول على المعلومات، وإصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين والنشطاء، وإعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد يشارك فيها المجتمع المدني والقطاع التجاري وقطاع الأعمال، وتفعيل دور مجلس النواب في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية، والاهتمام الجدي بمتابعة تنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية، وتحويل ما يحتاج إلى النيابة العامة، ومن ثم إلى القضاء إن تطلب الأمر ذلك، واستخدام أدواته الدستورية المتاحة، وتأسيس هيئة مستقلة ودائمة لمراقبة الانتخابات العامة في البحرين وكل ما يتعلق بها ابتداء من توزيع الدوائر وسجل الناخبين حتى اعلان النتائج، وإنشاء محاكم خاصة بالنظر في قضايا الفساد بجميع أنواعه».
وحث الموسوي على «إلزام المؤسسات الحكومية وخاصة الوزارات الخدمية بمبادئ الحوكمة والشفافية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني من خلال وجود قانون عصري متطور للجمعيات الأهلية يتيح المجال لهذه المؤسسات للمساهمة في مناقشة وإصدار مشروعات القوانين والإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد وفسح المجال أمامها لتقديم خدماتها المساعدة للدولة في مكافحة الفساد».
ومن جانبه، قال الرئيس السابق لجمعية «الشفافية» عبدالنبي العكري: «نوع النظام السياسي في أية دولة ليس هو السبب في وجود الفساد، فهناك دول اشتراكية واخرى ديمقراطية تعاني من انتشار الفساد فيها، نحن زرنا البرازيل قبل سنوات، ووجدنا أن هناك نظاما واضحا للإفصاح عن الذمة المالية، سواء كانوا مسئولين حكوميين او فيدراليين».
وأردف العكري أن «مجلة فوربس»، أشارت الى انه في الوقت الذي اتخذت فيه اقتصاديات دول في العالم خطوات نحو التقشف، الا ان هناك تضخما في ثروات المسئولين في هذه الدول، مقابل تراجع مستوى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لذلك نحن نجد أن الشفافية الدولية تنادي بالبدء أولا بنفسها، من باب أنها تطبق على نفسها أولا ما تطالب به، واليوم كل أعضائها ملزمون بالإفصاح عن ذممهم المالية».