قصة قصيرة... يوميات أخي
مريم عيسى الشيخ - قاصة بحرينية
هرول نحو أمي سريعاً كالبرق كما كل يوم فاغراً فاهاً مجفل الخدّين... كأنه مفقود في غابة لساعات وها هو يلقاها أخيراً!
ارتمى بخوف وسألها كالعادة:
من يطلق الرصاص؟ أهم الأشرار أم الأخيار هذه المرة؟
ابتسمت ابتسامة أم وقبّلته تمسح روعته بيديها المرتاعتين كذلك.
لا نعلم يا ولدي اختلطت علينا الأمور ها هنا... ولكنه صوت قبيح ونشاز.
دس دمعه في حضنها وبدأ يتأفف بيديه ورجليه الطفوليتين، ونافذة شقتنا المتخمة بالرصاص تسمعه وتجيبه بمزيد من حناجر الرصاص على هيئة ثقوب... حتى تعب رعباً وبكاء وغفا.
وبنظرة شفقة وحسرة طلبت مني أمي حمله لسريره وتغطيته جيداً مخافة البرد، فضحكتُ وأنّبتني على ذلك.
ما الذي يستدعي الضحك في هذه الأجواء المشحونة؟
المضحك المبكي يا أماه.
وما هو؟
أغطيه عن قساوة البرد والتي ستزول لحافاً فلحافاً ولا يأبه بها ولا يخافها، دونما استطاعتي تغطيته عما يفزعه من شبح هذه الطلقات المجنونة!
فعَصَرت ثوبها بعشرها وأسندت رأسها للحائط الموسوم بالشظايا... موجهةً عينها الحيرى لما إن صح أن يسمى بهذا الشكل - سقفاً -
أتعلمين عندما كنت في سنينه الخمس ما كان سؤالك الدائم لي؟
لا أذكر
أماه... متى سيكون موعد عرض توم وجيري؟
ثم وضعتُه على السرير وهمستُ له في أذنيه أن ينعم بأحلام جميلة خالية من كل رصاصة!