معضلة بحر الصين الجنوبى وإمكانية حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا والصين
الوسط – المحرر الدولي
أعدت الباحثة دينا شيرين محمدشفيق ابراهيم من المركز الديمقراطي العربي ورقة بحثية، بشأن بحر الصين الجنوبي، نشرها موقع المركز الديمقراطي العربي. وجاء فيها:
المقدمة:
بحر الصين الجنوبى هو بحر يقع غرب المحيط الهادى، و يربط الشرق الأوسط بمنطقة القارة الهندية بشمال شرق آسيا وتبلغ مساحته 3.5 مليون كيلومتر مربع، ويعتبر مع البحر المتوسط أكبر بحار العالم، وقد اكتسب أهمية استراتيجية خاصة بعد نمو التجارة العالمية حيث تمر به ثلث الشحنات البحرية العالمية بقيمة اكثر من 7 تريليون دولار، أي 15 ضعف قناة بنما وثلاثة أضعاف قناة السويس ، كما زادت أهميته الاستراتيجية لانه يحتوى على 7 مليار برميل نفط كاحتياطي محتمل، و900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي ، بالإضافة إلى مصايد الأسماك الغنية. وهو ما جعل الدول المطلة عليه تتنافس فى الاستيلاء على الجزر المتناثرة فيه، التى يتجاوز عددها 205 جزر، اشهرهم باراسيل وسبراتلى وعدد من الصخور والكثبان الرملية والشعاب المرجانية. ومعظمها جزر غير مأهولة بالسكان، ويتشكل بعضها من عدد قليل من الصخور(1).
وتطالب خمس دول، هى الفلبين وماليزيا وفيتنام وتايوان وبروناى بالسيادة على أجزاء من بحر الصين الجنوبى، فيما تعتبر الصين أن معظم مساحته أراض صينية، وتعتقد الصين أن الخلاف بينها وبين الدول الأخرى المطلة على بحر الصين الجنوبى يمكن حلها بالحوار المباشر، وترفض تدخل أى أطراف خارجية، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، التى ترى الصين أنها تدفع المنطقة نحو التسلح ومخاطر نشوب صراعات وحروب.
وقد شكّل بحر الصين الجنوبى أزمة كبرى على مدار السنوات القليلة الماضية، وأصبحت الأوضاع في هذه المنطقة تنذر باحتمال تحولها إلى منطقة نزاع، في ظل عدم التدخل لوقف هذا الخطر المحدق، فهذا المسطح المائي الضخم يمثِّل شريانًا بحريًّا حيويًّا للتجارة العالمية نظرًا لكونه بوابة عبور لما يربو على نصف السفن التجارية في العالم، وتُقدَّر قيمة البضائع التي تُقلُّها تلك السفن بأكثر من 7 تريليونات دولار سنويًّا، وهي قيمة تُعادل ما يزيد على إجمالي الناتج المحلي للهند واتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مجتمعة. وتشهد هذه المنطقة عددًا من النزاعات الإقليمية المتقاطعة في ظل السيادة المُتنازع عليها بين العديد من الدول، فبالإضافة إلى المزاعم التوسعية للصين، ثمة دول أخرى لها نفس المزاعم الإقليمية والقضائية في السيادة على هذه المنطقة مثل الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان. ولا تقتصر النزاعات القائمة في بحر جنوب الصين على حق استغلال الموارد فحسب، بل إن هناك قلقًا حقيقيًّا من جانب الولايات المتحدة الأميركية والدول المتنازعة من محاولات الصين تقييد حرية الملاحة في المنطقة دون مراعاة القيود التي حددتها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
الموضوع
نبذة تاريخية:-
ففي عام 1947 نشرت الصين خريطة تفصيلية لحدودها، حيث بينت أن مجموعتي جزر باراسيل وسبراتلي، تقعان بالكامل داخل أراضيها، وتؤكد أن الجزر تعود ملكيتها للصين منذ عدة قرون، لكن فيتنام ردت على ادعاء الصين بأحقيتها في ملكية الجزر بالقول إن الصين لم تدع ملكيتها على الجزر قبل عام 1940، بينما أعلنت فيتنام ذلك منذ القرن الـ17، وتملك وثائق تؤكد وتثبت ذاك (2).وايضا الفلبين هي الاخرى تدعي سيادتها على السلسلتين، وتقول إن قربها الجغرافي لسلسلة سبراتلي سبب كاف لعائديتها لها. كما تدعي ماليزيا وبروناي سيادتهما على منطقة في بحر الصين الجنوبي تقولان انها تقع ضمن منطقتيهما الاقتصاديتين كما عرفهما ميثاق الامم المتحدة حول قانون البحار.
ثم تطورت الادعاءات واندلعت مواجهات حول هذه الادعاءات المتباينة والمختلفة، كان اخطرها بين الصين وفيتنام، ففي عام 1974 استولت الصين على سلسلة جزر باراسيل من فيتنام في صدامات أسفرت عن مقتل اكثر من 70 من العسكريين الفيتناميين.
وفي عام 1988، اصطدم الصينيون والفيتناميون مجددا حول سلسلة سبراتلي، وخسر الفيتناميون في هذه المواجهات نحو 60 عسكريا.
كما اندلعت مواجهات بين الصين والفلبين لم تتدهور اى منها الى اطلاق نار او عنف خطير، ففى اوائل 2012 خاض الجانبان الصيني والفلبيني مواجهة بحرية مطولة اتهما فيها احدهما الآخر بانتهاك السيادة في شعاب سكاربره.
ثم اندلاع احتجاجات واسعة في فيتنام ضد الصين إثر ورود ادعاءات لم تتأكد بأن الصين خربت عمدا منصتي استكشاف فيتناميتين اواخر عام 2012.مما اضطر الفلبين الى التوجه لرفع دعوة ضد الصين امام محكمة التحكيم الدائمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة حول قانون البحار تطعن فيها بالادعاءات الصينية في عام 2013. وفى عام 2014 قامت الصين بقطر منصة استخراج نفط الى منطقة في البحر قريبة من جزر باراسيل مما ادى الى عدة حوادث تصادم بين السفن الفيتنامية والصينية(3).
ثم تصاعدت حده التوتر بشكل كبير فى عام 2015 حيث حاولت الصين تغير الوضع القائم على الارض وذلك عن طريق بناء الجزر واستصلاح الاراضى على نطاق واسع ،وشرعت الصين فى تنفيذ هذه الاستراتيجية بشكل متسارع اى بناء الجزر واستصلاح الاراضى وبناء المؤانى والمطارات ممادفع الولايات المتحدة الامريكية الى تغيير طريقة تعاملها مع الملف فقامت بارسال مدمرة صواريخ أمريكية على بعد 12 ميل من الجزر.
كما أدَّى إنشاء الصين جزرًا اصطناعية في جزر “سبراتلي” إلى دخولها في مواجهة شاملة مع أميركا اتهمتها خلالها الأخيرة بمحاولة فرض سيطرتها الفعلية على الجزز محل النزاع. وقد قام الرئيس الأميركي باراك أوباما بتقييم استراتيجية بيجين لاستصلاح الأراضي بكل وضوح قائلًا: “إن قلقنا مما تقوم به الصين نابع بالضرورة من عدم التزامها بالقوانين والأعراف الدولية، ومحاولتها بسط قوتها واستعراض عضلاتها لإجبار بعض الدول على الخضوع والاستسلام. وبعبارات أكثر صراحة، أكَّد قائد الأسطول الأميركي في المحيط الهادي، الأدميرال هاري هاريس، على تصريحات أوباما بقوله: “إن الصين تستخدم استصلاح الأراضي لتشييد “سور عظيم من الرمال” في المناطق المتنازع عليها في بحر جنوب الصين باستخدام حفارات وجرافات”(4).
أسباب ارسال الولايات المتحدة مدمرة الصواريخ على بعد 12 ميل من الجزر وتلويحها باستخدام القوة ضد الصين:-
حرية الملاحة:
منذ نهاية الحرب الباردة كانت أمريكا هي القوة الأكبر في المحيط الهادئ بمساعدة من حلفائها وأبرزهم اليابان وكوريا الجنوبية، في الوقت الذي كانت فيه الصين تصعد كقوة اقليمية محتملة تحاول سد نقاط ضعفها الحدودية.
وتأكيدا للحفاظ على حرية الملاحة فى المنطقة وحماية لتجارتها التى تقدر بحوالى 1.2 تريليون دولارسنويا، قامت الولايات المتحدة بإرسال مدمرة الصواريخ الامريكية قرب الشواطى الصينية.
رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على تفوقها وسيطرتها على البحار:
أحد الأسباب غير المعلنة لتمسك أمريكا بموقفها هو الحفاظ على تفوقها العالمي وسيطرتها على البحار لتكون قادرة على ضمان حركة آمنة للبضائع الأمريكية، ونشر قوة عسكرية في جميع أنحاء العالم، ما يحفظ نشاطها الاقتصادي العالمي ويغذي الاقتصاد المحلي بالطبع، ويضمن معالجة أي تهديد للأمن القومي الأمريكي خارج حدود الوطن من قبل بحرية أمريكية قوية، فالبحر أساس لعديد من الإستراتيجيات السياسية الوطنية كالحق في القيام بدوريات وبناء قواعد وتنظيم التجارة عبر الممرات المائية، ما يعني تأمين الموارد الحيوية للحفاظ على النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي.
قيام الولايات المتحدة بدعم حلفاءها مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين:
حيث تدعى الولايات المتحدة انها تعمل على دعم حلفاءها التي ترتبط معهم بمعاهدات حماية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في مواجهة التنين الصين، وزيادة نقاط الضعف على حدوده، فواشنطن قلقة من أنه إذا امتلكت الصين السيادة على الجزر المعنية في بحر الصين الجنوبي بشكل شرعي، فقد تمتد قوتها جنوبا، مما ينهي الهيمنة الأمريكية في غربي المحيط الهادي، والمستمرة منذ الحرب العالمية الثانية. ولذلك تعمل على تعزيز هيمنتها في المنطقة في ضوء صعود القوة العسكرية الصينية.
قيام الصين باستصلاح الاراضى وانشطة بناء في الاراضى الواقعة تحت سيطراتها في في جزر “سبراتلي” المتنازع عليها بين كل من الصين والفلبين:
حيث شرعت الصين في انشاء سبع جزر صغيرة وشيد مرافق وميناء ومهبطا للطائرات مما اثار مخاوف الدول التي لها مصالح بالمنطقة، فالمنشات تعزز مؤطى قدم للصين بجزر سبراتلى وتعتدى على الشعاب المرجانية والجزر في بحر الصين الجنوب لابعد من 500 ميل من البر الصينى.
مما دفع الولايات المتحدة لان تقول ان رواسب البناء ساهمت في تجريف الشعاب المرجانية، ما يهدد البيئة البحرية المحيطة ،الامر الذى دفعها لارسال مدمرة صواريخ قرب الشواطى الصينية.
جزيرة نانشا :
تعتبر جزر «نانشا» واحدة من أهم مفردات قضية بحر الصين الجنوبى، حيث قامت الصين بعمليات بناء عليها وصفتها بـ» استصلاح الأراضى وسلاسل الصخور»، وقالت إنها تهدف إلى تحسين ظروف العمل والمعيشة للسكان على الجزر، وأن المنشآت التى أقامتها تخدم الملاحة الدولية وعمليات الإنقاذ، وأن الصين قدمت هذه المنشآت للمجتمع الدولى باعتبارها قوة كبيرة، وفى عدة مناسبات أكد وزير الخارجية الصينى وانج يى أن «عمليات البناء الضرورية على جزر الصين وصخورها أمر مختلف تماما في طبيعته عن سيطرة بعض الدول على الجزر الصينية وإقامة منشآت هناك»، معتبرا أن سيادة الصين على الجزر مدعومة قانونا وترتكز على حقائق، وأن الصين تشعر بأنها ضحية لسيطرة بعض الدول واحتلالها الجزر منذ اكتشافها للنفط فى بحر الصين الجنوبى فى الستينيات(5).
وفى المقابل تعتبر بعض الدول المطلة على البحر، أن ما قامت به الصين على تلك الجزر ليس من حقها، وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية وجهة النظر تلك، وتصر على أن بحر الصين الجنوبى منطقة ملاحة دولية ومن حق القوات الأمريكية القيام بدوريات فيه، وتعلن خشيتها من أن تفرض الصين قيودا على حركة الملاحة بعد اكتمال أعمال البناء على الجزر، وهو ما تنفيه الصين دائما وتؤكد حرصها على حرية الملاحة الدولية، وحمايتها لها، وأن المنارات التى تم إنشاؤها تسهم فى ذلك، وتؤكد أن مسألة الجزر لا تخضع للنقاش وموقف الحكومة الصينية منها ثابت ولن يتغير بأنها أرض صينية.
قيام الفلبين برفع دعوة امام المحكمة الدائمة التحكيم المدعومة من الأمم المتحدة ضد الصين :
حيث قامت الفلبين برفع دعوة ضد الصين في المحكمة الدائمة للتحكيم تطالب فيها بخق استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة الممتدة في المناطق التي تدعى الصين سيادتها الخالصة عليها، ولكن الصين رفضت بقوة القرار التي أصدرته محكمة التحكيم الدائمة والذى قالت فيه ان “ادعاءات بكين حول حقوقها التاريخية في بحر الصين الجنوبى لا أساس له من الصحة” حيث تقول المحكمة انه لا يوجد ادلة على ان الصين مارست عبر التاريخ اى سيطرة حصرية على المياه او الموارد في المنطقة، ووصفت الصين الحكم بانه بنى على أساس معيب وأكدت ان الشعب الصينى لديه تاريخ في المنطقة يمتد لاكثر من الفى سنة، وان سيادة الصين الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية لن تتاثرا ابدا بهذه القرارات(6).
وكنتيجة لارسال الولايات المتحدة مدمرة الصواريخ قرب الشواطئ الصينية، قامت الصين بإرسال مقاتلات الى منشأ ت عسكرية في المنطقة واستخدام رادار متطور جدا عبر اربع جزر صناعية، وقيامها بإنشاء شبكة كبيرة من المنشات ذات الأغراض المزدوجة ،كما انها تؤسس للإعلان منطقة تحديد دفاع جوي من قبلها فقط، ما سيجبر جميع الطائرات التي تستخدم هذا المجال الجوي على الالتزام بمجموعة من القواعد، مثل: تحديد خط مسار الطيران، والاستعانة بأجهزة الإرسال عن بُعد وأجهزة الإرسال والاتصال اللاسلكي للتواصل مع السلطات الصينية، مع العلم بأنه ثمة تقارير صدرت في العام الماضي، 2015، تشير إلى شروع عدد من مسؤولي الدفاع الصينيين في وضع خطط تتعلق بمنطقة تحديد الدفاع الجوي في بحر الصين الجنوبى، بيد أن بيكين سارعت إلى نفي ما ورد في هذا التقرير بصفة رسمية، وأكدت على أن “الجانب الصيني لا يستشعر أي تهديد لأمنه الجوي من قبل دول جنوب شرق آسيا، وأنه ينظر بتفاؤل إلى علاقاته مع دول الجوار وإلى الوضع العام في منطقة بحر الصين الجنوبى”.
وقد حاولت تأكيدها دائما على ان تبرر هذا الانتشار العسكرى بانه ردا على حرية أمريكا في عمليات الإبحار التي تقوم بعا في المنطقة، ولكن في حقيقة الامرفإن الصين لا تعمل على إضعاف التفوق الأميركي البحري في شرق آسيا، بفضل تقدمها المتسارع الذي تعمد من خلاله إلى السيطرة على بحر الصين الجنوبي، وإنما إلى تحويله إلى بحيرة صينية وطنية.
وامام هذه التطورات فهل يمكن ان يؤدى النزاع فى بحر الصين الجنوبى الى حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة الامريكية والصين؟!
نلاحظ ان التوتر الصينى- الأمريكى حول بحر الصين الجنوبى شهد عددا من الحوادث والمحطات المهمة التى وصلت بهذا التوتر أحيانا إلى حافة الاشتباك، ففى شهر مايو 2014 حلقت طائرة استطلاع أمريكية فوق بحر الصين الجنوبى، وأنذرت القوات المسلحة الصينية الطائرة الأمريكية ودفعتها إلى الابتعاد، وقد ذكرت هذه الحادثة بما جرى فى الأول من أبريل عام 2001، حينما قامت طائرة تجسس أمريكية من طراز (EP-3) بعمليات استطلاع فوق المياه القريبة من جزيرة هاينان الصينية، فقام سلاح الجو للقوات البحرية الصينية بإرسال طائرتين مقاتلتين للمراقبة والتصدى، لكن إحداهما اصطدمت بطائرة التجسس الأمريكية فى المياه الاقتصادية للصين، ما أدى لسقوط الطائرة الصينية ومقتل قائدها، كما دفع طائرة التجسس الأمريكية إلى الهبوط اضطراريا فى مطار لينجشوى بجزيرة هاينان الصينية دون إذن الطرف الصينى، ووجهت الصين وقتها احتجاجا شديد اللهجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأجبرت الحكومة الأمريكية على تقديم اعتذار عن الأمر، عبر سفيرها فى بكين، بعد رفض أمريكى لذلك فى البداية، وبعد الاعتذار سمحت الصين بمغادرة 24 عسكريا أمريكيا كانوا على متن طائرة التجسس، وقامت بتفكيك الطائرة الأمريكية قبل نقلها عبر طائرة نقل لا تتبع القوات الأمريكية(7).
واستنادا الى استراتيجية اوباما فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة واعتمادا على مبده “مبدا أوباما” في التعامل مع القضايا والصراعات الخارجية والتي تعتمد على حل المشاكل والصراعات باستخدام الأداة الدبلوماسية مع الاخذ في الاعتبار الأدوات الأخرى كاستخدام الأداة العسكرية والاقتصادية وغيرها، وايضا اعتماده على حشد الدعم الدبلوماسي المحلى ودعم الحلفاء الإقليميين التقليديين في حل النزاعات والصراعات الإقليمية مثل الفلبين وتايوان وكوريا الجنوبية واليابان.
وأيضا ايمان أوباما بتيار ادماج الصين في النظام العالمى وعدم استخدام القوة العسكرية ضدها وان الصين دولة صديقة للولايات المتحدة، بعكس التيار المقابل في الولايات المتحدة والمطالب باحتواء الصين وان الصين دولة شيوعية قد تقوم باستخدام قواتها الاقتصادية الهائلة في تطوير قواتها العسكرية، واستخدام هذه القوة العسكرية في تهديد مصالح الولايات المتحدة في منطقة شرق اسيا مثلما يحدث الان في منطقة بحر الصين الجنوب، ومن ثم يطالب هذا التيار باحتواء الصين وتتطويقها بحلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
ويعتبر اكثر ما تخشاه الصين هو دخول اليابان كطرف مباشر في النزاع القائم في بحر الصين الجنوبى، حيث قررت اليابان أن تصبح أكثر انخراطاً في الأزمة؛ تأكيداً لوجودها الإقليمي بالمنطقة، فقد أجرت تدريبات بحث وإنقاذ مؤخراً مع الفلبين، وتدريبات عسكرية مع دول جنوب شرق آسيا، وتتفاوض حالياً مع الفلبين للسماح لطائرات وسفن عسكرية يابانية باستخدام قواعدها لإعادة التزود بالوقود والإمدادات، الأمر الذي يدفع نحو توسيع نطاق دوريات طائراتها لفترة أطول وتغطى مسافة اكبر في بحر الصين الجنوبى.
ولان اليابان دوله تتكون من عده جزر بموارد طبيعية قليلة لا يضمن لها حياة اقتصادية مستقرة سوى البحار، فقد شعرت طوكيو بالقلق إزاء هذه التوسعات الصينية مما دفع اليابان الى الاعلان بانه اذا كان هناك تغيير حقيقة فى منطقة اسيا والباسيفك فان اليابان ستتجه لتامين مصالحها، وفي المقابل ردت الصين على موافقتها بوجود دوريات أمريكية مستمرة، رافضةً أي دور ياباني في بحر الصين الجنوبي باعتبار أن اليابان ليس لها مصالح فيه.
ومن ثم ليس من المتوقع على المدى القريب يحدث صدام فعلي بين الصين وأمريكا، برغم رفض صيني محسوم للتدخل الأمريكي، وطلبها مراراً الابتعاد عن المنطقة باعتبار أن المنطقة مجالها الإقليمي ولها الحق في بسط سيطرتها عليه، حيث تدعي امتلاكها لنحو 80% من بحر الصين الجنوبي، فضلاً عن مطامعها الإقليمية في السيطرة على المنطقة.
وأيضا يتأكد من هذا ان منطقة بحر الصين الجنوبى ستظل مسرحا لاختبار القوة والصبر بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مع إصرار كل طرف على موقفه، وتمسك الصين بأن أمريكا ليست طرفا فى مشكلة بحر الصين الجنوبى، وأن دورها يعقد المشكلة وهو جزء منها وليس جزءا من حلها.
الخاتمة
من المرتقب أن تشهد منطقة بحر الصين الجنوبى حالة مستمرة من التقلب وعدم الاستقرار على مدى الأشهر المقبلة لعدة أسباب، منها:
التوتر المتزايد بين الصين والدول المتنازعة معها على السيادة في المنطقة مثل الفلبين وفيتنام، والأهم من هذا حالة المنافسة الاستراتيجية المتزايدة بين واشنطن وبيكين. وعلى العموم، فإن طريقة تعاطي الولايات المتحدة والصين مع هذا النزاع، ففي ظل فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب يتسم بالغموض الشديد، حيث كشف بيتر نافارو، الذي يعتبر من مستشاري ترامب الرئيسيين في المسائل الصينية، وفي مقال نشر عشية الانتخابات الأميركية، بعض الخيوط المحتملة بالنسبة إلى تطور السياسة الأميركية، حيث انتقد إعادة تركيز محور السياسة الأميركية في آسيا على حساب أوروبا، التي اتبعتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما. وهو يعتبر أن الضعف الذي أظهرته الولايات المتحدة في تطبيق هذه السياسة حث بكين على اتباع نهج عدائي في بحر الصين الجنوبي الذي يطالب الصينيون بالسيادة شبه الكاملة عليه رغم احتجاجات الدول الأخرى المشاطئة.
وأوضح نافارو أن إدارته ستواجه هذا التحدي باتباعها إستراتيجية “السلام بواسطة القوة” التي تقوم بصورة رئيسية على تعزيز القوات البحرية بشكل كبير.
لكن آشلي تاونشند، خبير الشؤون الأميركية في جامعة سيدني بأستراليا، لفت إلى أنه لا يعرف ما إذا كان الرئيس المنتخب الذي سيتولى مهامه رسميا في 20 يناير 2017 “سيكون حازما في مسائل مثل بناء جزر اصطناعية (بكين) لأهداف قد تكون عسكرية، أو في التصدي لسياسة الترهيب الصينية حيال دول آسيا الصغيرة”.
وفي مطلق الأحوال، رأى ويبستر أنه “لا يمكن لأي بلد في الوقت الحاضر الاستناد إلى أي ثوابت بالنسبة إلى ، إذ أدلى ترامب بتصريحات في السياسة الخارجية غالبا ما كانت متناقضة”(8). هي التي ستحدد مدى قدرة البلدين على الحدِ من المخاطر واحتمالات الصدامات غير المقصودة في المستقبل القريب.