إميل عنداري: نصف الخليجيين مرضى بالسُكّري ... ونِصف حامليه «غافلون»!
الوسط - محرر منوعات
مرض السكري يُعتبر آفة من آفات القرن الحادي والعشرين، وهي الآفة الآخذة في التزايد والانتشار بنسب ومعدلات مخيفة في أرجاء العالم، ولا سيما في دول الخليج العربي، حيث لامست نسبة الانتشار حدود الخطر ، وفق ما قالت صحيفة الراي الكويتية اليوم السبت (21 يناير/ كانون الثاني 2017).
وإزاء هذا الواقع المقلق، يبقى من المهم دائما تطوير علاجات السكري، واستنباط وسائل علاجية جديدة تسهل حياة المرضى وتقيهم المشاكل الصحية التي تنجم عنه، وتجعلهم قادرين على التعايش مع المرض بأقل قدر ممكن من المضاعفات.
رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات، الدكتور إميل عنداري تحدث حول عدد من جوانب هذا الموضوع، كما سلط الضوء على أحدث التقنيات في مجال معالجة السكري التي كشف النقاب عنها خلال مؤتمرات طبية أقيمت حديثا، كما تطرق عنداري بالأرقام إلى مدى انتشار السكري.
في التالي نص الحوار الحصري الذي أجرته «الراي» مع الدكتور عنداري:
هل لديكم أرقام محدَّدة حول نسبة انتشار السكري في العالم والعالم العربي بشكل خاص؟
- حسب احصاءات «الاتحاد الدولي للسكري» (IDF)، تبلغ نسبة المصابين بالسكري 8 الى 9 في المئة من مجموع سكان العالم. أي أن شخصاً واحداً في العالم من بين كل 11 شخص مصاب بالسكري.
أما في العالم العربي، ولا سيما في دول منطقة الخليج، وبالأخص في الكويت والسعودية، فإن حوالى 51 في المئة من الأشخاص مصابون بهذا الداء. والأخطر أن نصف هؤلاء فقط يعرفون بإصابتهم وتتم معالجتهم، بينما نصفهم الآخر «غافلون» أصلا عن وجود المرض لديهم إما بسبب كون أعراضه «صامتة» أو لأسباب أخرى، ومن ثم لا يتم تشخيص اصاباتهم ولا يتلقون العلاج.
ويشكل السكري بنوعه الأول أقل من 10 في المئة من نسبة المصابين فيما 93 في المئة مصابون بالنوع الثاني وهم من الكبار. وحالياً يبلغ عدد المصابين بالسكري على مستوى العالم 430 مليون شخص ويتوقع أن يصل في العام 2035 إلى 600 مليون شخص.
وما الأسباب المؤدية إلى انتشار السكري بهذا الشكل المقلق؟
السبب الرئيسي هو أسلوب الحياة العصري المؤدي الى خلل بين المدخول الغذائي للجسم والمصروف، أي قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة او اي نشاط بدني، مع اتباع نظام غذائي غير سليم غني بالدهون والسكر ما يؤدي الى السمنة وهي المسّبب الأول للسكري.
أما السبب الثاني ولا سيما في الخليج العربي فهو زواج القربى بين أبناء العمومة. فيما السبب الثالث ناجم عن عامل جيني وراثي.
ما أبرز عواقب السكري على الإنسان؟
عواقب السكري يمكن أن تكون وخيمة جداً إذا أُهمل، فيما يمكن للمرء عيش حياة طبيعية وتَجنُّب كل العواقب إذا قام بمعالجة السكري باكراً وبشكل صحيح. وهنا لا بد للمريض أن يتعوّد على التعايش مع السكري لأنه مرض مزمن. ومن العواقب التي تظهر تدريجياً تصلب الشرايين الرفيعة التي تؤدي إلى أمراض القلب والشرايين بحيث يلامس المريض الجرحة القلبية، وضعف النظر وصولاً إلى فقدانه، وقصور كلوي قد يؤدي إلى غسل الكلي، وبتر الأطراف.
أمام هذا الواقع الخطير بماذا تنصحون المعرّضين للسكري كي يقوا أنفسهم الإصابة به؟
مَن يعانون السمنة أو لديهم حالات سكري وراثية في العائلة، عليهم إجراء فحص أقله مرتين في السنة كنوع من الوقاية.
وما العلاجات الحديثة للسكري؟
هناك عدة علاجات حديثة واكتشافات تظهر سنوياً ولا سيما منذ العام 2000 بعدما وعت الأسرة الدولية إلى خطورة السكري. وحالياً علاج السكري من النوع الأول هو الأنسولين فقط، وثمة أنواع كثيرة منه تُحقن بواسطة القلم بحيث لا يشعر الأولاد بأيّ ألم عند الحقن، والقلم معقّم ولا يسبب أي حساسية.
ومن الأساليب الحديثة التي شكلت ثورة في هذا المجال فهي مضخّة صغيرة تُعلق على الحزام وتَضخّ الأنسولين تحت الجلد كلما نقص مستواه في الدم، وفق التحاليل المتواصلة التي تجريها للسكري بشكل أوتوماتيكي ليلاً نهاراً. أما بالنسبة للسكري من النوع الثاني فهناك تقدم هائل وسريع في العقاقير وهي تنقسم إلى فئات أساسية، منها أدوية تحافظ على توازن كمية الأنسولين في الجسم وتُحسِّن أداءه ومفعوله، وأدوية تنشط البنكرياس كي يزيد من إفرازات الأنسولين، وأدوية تساعد على إنقاص الوزن ما يخفف من نسبة السكر في الدم.
أما أحدث هذه الأساليب العلاجية التي تم الإعلان عنها أخيراً، فهي فئة من الأدوية تساعد على التخلص من ازدياد السكري في الدم عبر تصريفه من خلال الكلى، فتزداد نسبة السكر في البول وتنقص في الدم ويعرف هذا العلاج باسم «SGLT2 Inhibitors». ويستطيع الطبيب أن يمزج بين كل هذه العلاجات ويحدد نوع الأدوية وكيفية أخذها. وفي حال لم نستطع السيطرة على السكري رغم العلاجات نلجأ إلى حقن الأنسولين.
كيف تتم مراقبة المريض للتأكد أن العلاج يأتي بالنتيجة المطلوبة؟
ثمة فحص للسكري بأجهزة بيتية صغيرة وبطريقة سهلة جداً، وعلى كل مريض فحص مستوى السكر في الدم على الأقل مرة أسبوعياً على الريق صباحاً، ومرة أخرى بعد تناول الطعام بساعتين، وتحليل مخزون السكري كل ثلاثة أشهر في المختبر. وثلاثية الفحص هذه يعتمدها جميع الأطباء لمعالجة مريض السكري.
عند أي مستوى يُعتبر السكري مضبوطاً في الجسم؟
بحسب الـجمعية الأميركية للسكري، يجب أن يكون السكري على الريق أقلّ من 110 مليغرام في الديسيليتر، وبعد ساعتين من الأكل أقلّ من 160 مليغرام في الديسيليتر. أما المخزون فبين 6.5 و7 في المئة.
في رأيك ما أفضل فئة من أدوية علاج السكري؟
حسب خبرتي مع المرضى يُعتبر الدواء المنحّف الذي يحافظ على الأنسولين ويبقيه فعالاً هو الأفضل، وتُعرف هذه الفئة باسم «Metformine» وهي تقوم بتفعيل الأنسولين الذي يفرزه الجسم بحيث تكون كمية قليلة منه قادرة على إنزال مستوى السكر، وبالتالي تساعد المرء على خسارة الوزن. ويبقى أسلوب الحياة الصحي والمنظّم أفضل مُساعِد للأدوية وذلك عن طريق ممارسة الرياضة وتخفيف الأطعمة الدسمة والكثيرة السكر.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه كلما اشتدّت سمنة البطن ارتفع خطر الإصابة بالسكري، لأنها تفرز مواد تؤدي إلى ارتفاع الضغط والكولسترول والسكري في الجسم.
هل توجد علاجات جراحية للسكري؟
ثمة علاج جراحي ينصح به الأطباء لمَن يعانون من إفراط في الوزن، أي حين يكون مؤشر كتلة الجسم (أو «BMI») أكثر من 30 . وهذا العلاج هو جراحة تصغير المعدة «Gastric Bypass». وقد تطورت هذه العملية منذ ثلاث سنوات وباتت سهلة وروتينية ولم تعد لها في أوروبا مثلا أي أعراض جانبية. ومَن يخضع لهذه العملية قد يعيش عشر سنوات من دون أن يحتاج لدواء للسكري أو قد يتناول دواء واحداً من فئة «metformine».