"متحف الاتحاد" في دبي عمل ارشيفي يروي تاريخ وحدة الامارات
دبي - أ ف ب
يقدم "متحف الاتحاد" في مدينة دبي لمحة مفصلة عن مرحلة وحدة دولة الامارات ضمن عمل إرشيفي سمعي وبصري يعتمد على تكنولوجيا متقدمة، لكنه يشكل أيضاً محطة جديدة في استراتيجية حكومية لتعزيز الوجه الثقافي لهذا البلد.
وفي دبي التي تحتضن قطاعات ترفيه متنوعة، ينافس المتحف مراكز التسوق وناطحات السحاب ومدن الالعاب وغيرها لاستقطاب الزوار الاماراتيين والاجانب المقيمين فيها والسياح عبر إضفاء طابع تاريخي أكبر على مدينة بدلت ملامحها بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة.
ويقول مدير المتحف في وسط دبي، عبدالله معصم الفلاسي لوكالة "فرانس برس": "الامارات متميزة في قطاعات كثيرة... والثقافة جزء من... منظومة التنمية". ويضيف أن الحكومة الاماراتية ممثلة برئيسها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رات أن "تاريخ دولة الامارات يجب أن يكون حاضراً في هذه الثقافة، فأنشئ هذا المتحف ليروي القصة الشخصية للقادة المؤسسين والدور السياسي في تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة".
يقع مقر المتحف المقام على مساحة 26 ألف متر مربع إلى جانب مبنى "دار الاتحاد" الذي وقعت فيه وثيقة إعلان اتحاد الامارات في الثاني من سبتمبر/ أيلول 1971، ومبنى ضيافة أخر ومجموعة من الحدائق الصغيرة.
وكان محمد بن راشد وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان افتتحا المتحف رسمياً في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الماضي واقتصرت الزيارات على المسئولين وحدهم إلى حين افتتاحه أمام الزوار من العامة في السابع من يناير/ كانون الثاني الجاري.
على شكل ورقة
استوحي تصميم مبنى المتحف الضخم والذي خصص له مبلغ 500 مليون درهم (نحو 136 مليون دولار) من ورقة مطوية مماثلة لورقة اتفاقية الاتحاد.
في قاعة الاستقبال الرئيسية، تنتظر مجموعة من الشابات اللواتي ارتدين عباءات سوداء الزوار ليرافقنهم في جولتهم داخل المبنى، بدءاً من المدخل الزجاجي حيث بنيت لوحة رخامية كبيرة نقشت فوقها فقرة من مقدمة الدستور.
وتبلغ رسوم الدخول 25 درهما (نحو سبعة دولارات) للأفراد، و10 دراهم للطلاب، و20 درهماً للمجموعات.
وتبدأ الجولة داخل المتحف بمجموعة من الصور لحفل توقيع اتفاقية الاتحاد في مبنى "دار الاتحاد" في دبي وبينها صورة للشيخ زايد بن نهيان، أول رئيس لدولة الامارات العربية المتحدة، وهو يصل إلى المقر للتوقيع.
ووضعت قرب الصور ثلاث شاشات تفاعلية يمكن من خلال لمسها قراءة نبذات عن حكام الامارات لدى توحيدها باللغتين العربية والانجليزية. وعلى بعد أمتار قليلة، نصبت صور عملاقة للرجال السبعة ووضعت تحت كل صورة شاشة تفاعلية تقدم صوراً ونصوصاً وتسجيلات مصورة وفيديو لكل من الحكام.
وقرب كل صورة أيضا، ضم لوح زجاجي مقتنيات خاصة بصاحب الصورة، بينها نظارة شمسية من نوع "كاريرا" للشيخ زايد، وجواز سفر للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الرجلين اللذين ينظر إليهما على انهما المؤسسان الرئيسيان لوحدة الامارات.
وقال محمد سويدان (26 عاما) الذي يعمل منتجاً إبداعياً وهو يزور المتحف للمرة الثانية برفقة صديقه بدر "المعلومات في المتحف ليست كثيرة جداً لكنها ليست قليلة أيضا. وهي توفي الاتحاد حقه".
ويضيف "المتحف مخصص ايضا للحكام المؤسسين وهو شيء تجهله بعض الاجيال حيث يمكن لهم الان ان يروا مقتنياتهم مما يجعلهم أقرب إلى تاريخهم"، معتبراً أن "المتحف يتضمن كل الاشياء التي تغطي مرحلة الاتحاد بشكل كامل وهذا هو الهدف منه".
تاريخ مجهول؟
يضم المتحف أيضا مكتبة يمكن للزائر أن يقرأ فيها كتباً تتناول تاريخ وحدة دولة الامارات، وكذلك الاطلاع على المنشورات الصحافية التي صدرت في مرحلة الاتحاد.
في المتحف الشاسع ايضا وتحت سقفه العالي، غرفة تضم طوابع بريدية قديمة، وصالة سينما صغيرة تعرض تسجيلات مصورة عن تاريخ الوحدة، وصالة اخرى تبث تسجيلات بتقنية ثلاثية الابعاد للقاءات بين الشيخ زايد والشيخ راشد.
و "متحف الاتحاد" يمثل حلقة جديدة في سلسلة المبادرات الثقافية في دولة الامارات حيث تحاول الحكومة اضفاء طابع ثقافي أكبر على بلد يعتبر الوجهة المالية والاقتصادية الأولى في المنطقة.
وفي دبي متحف آخر يستعرض محطات من تاريخ هذا البلد. واما في ابوظبي، فهناك متحف يروي سيرة حياة الشيخ زايد. وكانت دبي افتتحت العام الماضي دارا ضخمة للأوبرا في وقت تنظم الامارة شهريا مؤتمرات ثقافية وفنية.
والمشروع الثقافي الاكبر في الامارات هو متحف اللوفر ابوظبي وهو مشروع غير مسبوق يقوم على اتفاق يمتد على ثلاثين عاما لإقامة المتحف مع إعارته أعمالا فنية من متاحف فرنسية في مقابل مليار يورو.
بين مجموعة من الصور التي تعود إلى مرحلة الوحدة، تتمشى نوشي مادن السائحة البريطانية من أصل إيراني مع والدتها في "متحف الاتحاد". تتوقفان تارة لتقرآ نصا من الدستور او وثيقة تاريخية، وتارة اخرى لالتقاط صورة.
وتقول نوشي وهي تبتسم "الامر المثير هو انه في الغرب لا نرى او نسمع كثيرا عن تاريخ الامارات العربية وعندما تأتي إلى هنا تدرك أكثر فأكثر كيف تأسس وتطور" هذا التاريخ.
وترى أن "دبي في الخارج، في النظرة الاوروبية، وجهة للزيارة، لكن مالا يدركه الناس هناك هو تاريخ هذا المكان هنا الذي لا نعرف عنه شيئاً".