دموع تنهمر لفقد يوسف وليلى ترحل دون عناق: التشكيك يحوم حول فعالية لجنة التحقيق
الوسط - عقيل الشيخ
انهمرت الدموع حزناً من عيني والد الطفل "يوسف" إثر فقدانه إياه، فأخذت تشكّل غشاوة على عينيه تسرق منه بصره لبرهة. أما والدة "ليلى" فلربما يراود ذهنها شطر من قصيدة قيس بن الملوح حين يقول "بربّك هل ضممت إليك ليلى"، فتوجّهه كسؤال إلى زوجها، إلا أن العناق لم يعد ممكناً بعد أن رحلت بلمح البصر ولم يتسن له الوقت لتوديعها.
"ليلى جعفر خميس" و"يوسف أحمد بدر" طفلان في عمر الزهور خطفهم الموت دون سابق إنذار في مجمع السلمانية الطبي، حادثان ربما يقف خلفهما إهمال أو خطأ طبي، وعليه وجهت وزيرة الصحة فائقة الصالح أمس السبت (7 يناير/ كانون الثاني 2017) المسئولين المعنيين بالوزارة إلى متابعة التحقيق اللازم بالتعاون والتنسيق المشترك مع الهيئة الوطنية للمهن والخدمات الصحية لاستكمال الاجراءات المتعلقة بمثل هذه الحالات وذلك لتحديد الأسباب والحيثيات التي أدت إلى وفاة الطفلين.
ربما لن تظهر نتائج التحقيق للرأي العام، خاصة أن وزارة الصحة والهيئة الوطنية للمهن والخدمات الصحية طالما أعلنتا عن لجان تحقيقٍ في حالات أخرى، إلا نتائج التحقيق و"المحاسبة" طالما كانت غائبة. وعلى رغم تأكيد وزيرة الصحة على مدى حرص واهتمام المسئولين بالوزارة على متابعة نتائج التحقيق للتأكد من وجود خطأ طبي من عدمه، إلا أن ردّ قراء "الوسط" على الخبر جاء متشبعاً بالتشكيك.
أحد القراء روى تجربته الخاصة قبل 3 أعوام، والتي لازال يعاني من نتائجها، إذ قال إن جرثومة انتقلت إلى ولده حديث الولادة ما أدى إلى فقدانه حاسة السمع جزئياً، إضافة إلى حاسة التذوق. ويضيف أنه على الرغم من أنهم راسلوا وكيل الوزارة، ووضحوا كل الملابسات إلا أنه لم يحرك ساكناً. وتابع: "قبل شهرين فقط عملنا عملية في العسكري والحين ننتظر رحمة الله. حسبي الله ونعم الوكيل".
وقال آخر: "في كل حالة إهمال طبي تؤدي للوفاة نسمع هالنوع من التصريحات وأن الوزارة ستقوم بالتحقيق، ومن سنوات إلى اليوم لم ينتهي التحقيق من أي قضية من قضايا الاهمال الطبي الذي أدى إلى الوفاة ولا أعتقد أنه هذه المرة الوضع سيختلف".
وعلى الرغم من التشاؤم والتشكيك، إلا أن البعض بدى متفائلاً بالوزيرة، إذ قال "يجب أن تكون اللجنة هذه المرة برئاسة الوزيرة شخصياً وتحت إشرافها مباشرة حتى نستطيع أن نقول إن اللجنة قد حققت الأهداف التي استدعيت من أجله...".
واتهم أحد القراء إجراءات التوظيف "المزاجية" -حسب وصفه- وراء تردي الخدمات الطبية، قائلاً: "السبب أن التوظيف بالمزاج زاد في الوزارة خلال الخمس سنوات الماضية ولم يعد ينظر للكفاءات، إضافة إلى أن نظام استقبال المرضى في المراكز الصحية بالمواعيد خلق أزمة فعلية في المراكز، جعلت المرضى بالحالات البسيطة يحولون منذ الساعة الثامنة إلى السلمانية الذي يفترض عليه استقبال حالات أكثر أهمية، وبالمشاغلة بين الحالات البسيطة والحالات الأكثر أهمية في السلمانية، لا تتلقى الحالات المهمة أي اهتمام بعد أن كانت تلقى بعض الاهتمام الذي لا يعتد به سابقاً، وعليه يجب توقيف ومحاسبة أعلى المسئولين في الوزارة".
وتساءل قارئ آخر: "من هم أعضاء لجنة التحقيق؟ ماهي صلاحياتهم؟ ما هي خبراتهم؟ هذا أولاً. ما هو تعريف الخطأ الطبي؟ كم عدد لجان التحقيق التي تشكلت وكم عدد القضايا التي تم التحقيق بها؟ ماهي نتائج أعمال لجان التحقيق وهل تم الإعلان عنها؟ هل تم اتخاذ أي إجراء بحق أي مخطئ (إن وجد) ولماذا يستخدم أسلوب العلاقات العامة بمثل هذه القضايا؟ يوجد مريض توفاه الله نتيجة الاهمال. من المتسبب؟ تم إحالته للتحقيق واستدعاء النيابة والقضاء المستقل/ من المتسبب وما هو خطأه؟ هذا ما يريد الناس معرفته".
ويعود هذا التوجه للتحقيق بالأذهان إلى عدة حالات خلال السنوات الماضية، أبرزها حالة الشابة علياء عادل (25 عاماً)، التي وافاها الأجل في (19 يوليو/ تموز 2016) على إثر دخولها في غيبوبة بتاريخ (11 يونيو/ حزيران 2016) بعد مراجعتها طوارئ مجمع "السلمانية" الطبي.
وكانت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية قالت بتاريخ 20 يوليو 2016، بعد يوم من رحيل الشابة علياء، إن وحدة الشكاوي بالهيئة بدأت عمل فتح الملف للشكوى وإجراءات التحقيق فيها، وطلبت كافة الوثائق ونسخة من الملف الطبي من مجمع السلمانية الطبي.
وفي الثالث من سبتمبر/ أيلول الماضي، قالت الهيئة، رداً على تصريحات زوج الشابة الراحلة علياء، الذي جاء تحت عنوان "زوج الشابة الراحلة علياء: منذ 29 يونيو... وتحقيق (الخدمات الصحية) لم ير النور"، أنها تود أن تطمئن زوج وعائلة المغفور لها علياء بأن الهيئة لا تؤخّر التحقيق في الشكوى المتعلقة بالخطأ الطبي، مؤكدةً أنها تحاول قدر الإمكان التحقيق في الشكاوي في وقت قياسي، ولكن بعض الشكاوى وبعض الحالات - خاصة حالات الوفيات - تتطلب تحقيقاً تفصيلياً ويستلزم ذلك طلب وثائق والتدقيق على تلك الوثائق، وهذه الإجراءات تأخذ بعض الوقت، ولكن ذلك لا يعني إطلاقاً أن التحقيق أُهمِل أو أن القضية متروكة بدون تحقيق.
وعلى الرغم من مرور نحو 4 أشهر، إلا أن نتائج التحقيق في احتمالية وجود تقصير أو إهمال أو خطأ طبي من عدمه في حالة الراحلة الشابة علياء عادل لم ير النور بعد.