الباكر: لقاء ثانٍ يجمع كل الجمعيات السياسية منتصف الشهر الجاري...
بعد نصف عام على إغلاق «الوفاق»... «المعارضة» تحتضر والقريبة من الحكومة تتوارى
الوسط - حسن المدحوب
منذ (يونيو/ حزيران 2016)، انقضت قرابة 6 اشهر على الحكم القضائي بإغلاق جمعية الوفاق، كبرى جمعيات المعارضة في البلاد، كانت هذه الحادثة، كمن ألقى حجرة كبيرة في ماء راكد، كان قرار الاغلاق هو تلك الحجرة، أما الماء الراكد فهو حراك الجمعيات السياسية بمختلف تلاوينها، معارضة كانت او غير ذلك، والتي باتت جميعها اقرب الى «الموت السريري»، منذ قرابة العامين، حين قاطعت الاولى الانتخابات النيابية في العام 2014، وفشلت البقية الأخرى في ايصال مرشحيها الى القضيبية.
الجمعيات السياسية لم يعد لها حراك سياسي واضح ومؤثر على الساحة الوطنية، منذ ما يقرب من عامين، على رغم أن الساحة السياسية لاتزال «حية» ولاتزال ملفات كبرى تتحرك بسخونة، لكن من دون أن يكون للجمعيات السياسية أي دور فيها، حيث نشهد اليوم حراكا مجتمعيا ازاء ملف التقاعد والتأمينات مثلا، الا ان الجمعيات السياسية لم تتحرك فيه بمقدار انملة، مشهد بدت فيه أن المعارضة توشك ان تحتضر، فيما توارت الجمعيات القريبة من الحكومة جانبا عن المشهد السياسي برمته في البلاد.
حاليّاً، ومنذ شهور طويلة، كل هذه الجمعيات، التي تُعتبرُ جميعُها وفق القانون، ونظام الجمعيات السياسية حية ومفتوحة المقرات، بما فيها جمعيات المعارضة، كل هذه الجمعيات اختفت حتى كظاهرة صوتية، وأصبح نشاطها غالبًا يعتمد على ندوات أسبوعية أو وقفات تضامنية لم تعد تستهوي الكثير من المتحمسين للسياسة كالسابق، وبات مرتادو هذه الفعاليات هم من القائمين عليها ومنظميها وليس أكثر من ذلك غالباً.
نظريا، كل هذه الجمعيات يفترض بها أن تكون موجودة وعاملة وفق القانون الذي سمح لها ممارسة النشاط السياسي العلني وجميع مقارها مفتوحة، أما «واقعيّاً» فكل هذه الجمعيات السياسية غدت «مغلقة» لا تتفاعل مع الواقع ولا تؤثر فيه ولم تعد لاعباً ناشطاً، كما كانت قبل عامين على الأقل.
منذ قرابة العامين، وما قبل ذلك كانت كل الملفات الوطنية تمرُّ ناحية الجمعيات السياسية بجميع تلاوينها، أما اليوم فباتت كل الملفات الوطنية تتحاشى الجمعيات السياسية، وربما أصبحت الجمعيات السياسية نفسها تتحاشاها، ولم يعد البحرينيون يترقبون موقف هذه الجمعية من هذا الملف أو ذاك كما كان الأمر يحدث سابقاً، وأبسط مثال على ملف رفع الدعم عن البحرينيين الذي غدا حديث الناس في ليلهم ونهارهم، إلا أنه لا وجود له في حراك الجمعيات السياسية جميعا حاليا.
الجمعيات السياسية في البحرين يمكن تصنيفها وفق ثنائية المعارضة واللامعارضة أو ثنائية المشاركة في البرلمان والمقاطعة، ولكن الجانبين لم يعودا مؤثرين أو لاعبين في ساحاتهما المفترضة، فلا الجمعيات المعارضة المقاطعة للبرلمان «حية» في ملعبها، ولا المشاركة فيه بات لها صوت في الملفات المعنية بها.
وفي حديثه لـ«الوسط»، قال الأمين العام لجمعية التجمع الوطني الدستوري (جود) عبدالرحمن الباكر: «خلال المرحلة من بعد انتخابات 2014، والفشل الذريع الذي منيت به الجمعيات السياسية من ايصال احد من اعضائها الى البرلمان وحتى اليوم، احست الجمعيات السياسية انها مهمشة من قبل الحكومة ومن قبل الشارع، وهذا الامر واقع تعيشه كل الجمعيات السياسية الآن».
وأضاف «لذلك تمت دعوة الجمعيات السياسية في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2016، في مقر جمعية جود، لعقد لقاء تشاوري، من أجل اعادة دراسة الوضع الذي وصلت له الجمعيات السياسية، وتم تجاوب كبير من الجمعيات السياسية، وكانت الفائدة الاولى من هذا اللقاء هي كسر الحاجز بين مختلف القوى السياسية والجلوس إلى طاولة واحدة، وهذا ما نجحنا فيه بدرجة ما».
وأردف الباكر «وأسفر اللقاء عن اتفاق على عقد لقاء آخر في موعد اقصاه 14 يناير/ كانون الثاني في مقر جمعية جود ايضا، والآن نحن ننسق مع الجمعيات السياسية لعقده، ونأمل ان يكون بداية لانطلاقة جديدة للجمعيات السياسية ووضع تفاهمات معينة لبعض الملفات الساخنة، من اعادة الجمعيات السياسية موقعها المفقود في الشارع البحريني».
أما الامين العام السابق لجمعية وعد رضي الموسوي، فذكر لـ»الوسط» أن «المشهد السياسي بعد اغلاق الوفاق وحتى اليوم يزداد تعقيدا في البلد، وما نشهده اليوم هو المزيد من التضييق على حرية العمل السياسي، وخاصة المعارض منه».
وأضاف «بعد 6 اشهر من اغلاق الوفاق تراجع العمل السياسي في البحرين بسبب حجم جمعية الوفاق ومكانتها في البلاد، وان كانت الجمعيات السياسية الاخرى تمارس نشاطها بصورة واخرى ولكن في حدودها الدنيا، ولكنها تراقب عملها لكي لا تتخطى الخطوط الحمر، ولذلك اقتصر عملها على الندوات والفعاليات التضامنية، وخاصة اننا امام منع كامل للمسيرات والتظاهرات السلمية المرخصة، على الرغم من ذلك حق كفله الدستور، ولكنها امور توقفت منذ نهاية العام 2014 ومازال المنع مستمرا».
وأردف الموسوي «الواقع اليوم هو اننا نعيش في عنق الزجاجة نتيجة للنظرة الرسمية في التعامل مع الامور، والسبب الآخر بسبب اوضاع اقليمية مضطربة، وخاصة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يشهد مزيدا من التدهور على المستوى الاقليمي وليس الوطني فقط، وبالتالي فإن هذا الموضوع يمكن ان يؤدي في خلاصة الامر الى انهاء هامش حرية العمل السياسي في البحرين».
وعن اللقاءات التي يتم الترتيب لها بين الجمعيات السياسية، أفاد الموسوي «اللقاء بين الجمعيات السياسية في حد ذاته، هو شيء جميل ومحبذ، ومن المهم ان يحصل بعيدا عن الاصطفافات الطائفية، لأننا نعتقد ان بلدنا تحتاج الى التمسك بالوحدة الوطنية، والمطلوب من الجمعيات السياسية ان تضع يدها على الجرح، وتضع في اعتبارها ممارسة العمل السياسي وفق ما جاء ميثاق العمل الوطني، والدفع بعملية الاصلاح للأمام، وبغير ذلك تصبح اللقاءات مجرد لقاءات تعارف او علاقات عامة».
يشار الى ان المحكمة الكبرى الإدارية برئاسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية القاضيين محمد توفيق وأشرف عبدالهادي، وأمانة سر عبدالله إبراهيم، قضت، الثلثاء (14 يونيو/ حزيران 2016)، بغلق جميع مقار جمعية «الوفاق» المدعى عليها، والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها، وبتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارساً قضائياً عليها لحين الفصل في الموضوع.
وبررت المحكمة حينها، قرارها بحل جمعية الوفاق، بأن «الجمعية انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي إلى حد التحريض على العنف وتشجيع المسيرات والاعتصامات الجماهيرية، بما قد يؤدي إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد، فضلاً عن انتقادها أداء سلطات الدولة -سواءً التنفيذية أو القضائية أو التشريعية- وبالتالي فقد انطوت على عدوان صارخ على حقوق دستورية مقررة، كما انطوت على انحراف في ممارسة نشاطها السياسي بمعزل عن المكانة التي يحظى، أو يتعين أن يحظى بها في ظل قانون الجمعيات السياسية، المشار إليه، حيث يتعين أن تدور هذه الجمعيات في فلك احترام هذه المكانة، وتوفير كل سبيل يهدف إلى احترام القانون الاحترام الأوفى، ويتطلب ذلك أول ما يتطلب أن تكون مباشرة العمل السياسي، مما يتعين أن تراعى بشأنه كل دواعي الحرص على اتباع جادة السبيل في شأن إجراءات ممارسته، فبذلك وحده يتحقق مبدأ سيادة القانون الذي هو غاية أساسية ومبدأ كلي يقوم عليه البنيان القانوني بكامله، بما فيه الدستور، بداهة، باعتباره الوثيقة التي تحوي المبادئ التي تحكم حركة المجتمع وتضمن الحقوق والحريات، الأمر الذي يغدو معه النزاع الماثل -بحسب الظاهر من الأوراق- قائمًا على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بحل الجمعية المدعى عليها عند نظر الموضوع».
فيما أكدت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، في بيان لها اليوم وقتها، خطورة التنظيمات الممنهجة والتي تعمل في إطار مرجعية سياسية دينية خارجية، في ظل خروج ظاهر على واجبات المواطنة والتعايش السلمي، واعتماد مباشر على تعميق مفاهيم الطائفية السياسية، وترسيخ الخروج على الدستور والقانون وكل مؤسسات الدولة، وكذلك عدم الاعتراف بمكونات المجتمع من أجل خلق واقع سياسي ذات أبعاد طائفية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية.
كما قضت محكمة الاستئناف العليا المدنية الثانية، برئاسة القاضي إبراهيم قرينيس وعضوية القاضيين صلاح القطان ومصطفى محمود، الخميس (22 سبتمبر/ أيلول 2016)، بعدم قبول الاستئنافين المرفوعين من محامي الوفاق لرفعهما من غير ذي صفة بالشق المستعجل والموضوعي، ما يعني تأييد حكم محكمة أول درجة بحل جمعية الوفاق وإغلاق مقراتها.
وكانت وزارة العدل والشئون الإسلامية تقدمت في (يونيو/ حزيران 2016)، بدعوى قضائية لحل الجمعية انطلاقا من «ممارسات استهدفت ولاتزال تستهدف مبدأ احترام حكم القانون واسس المواطنة المبنية على التعايش والتسامح واحترام الآخر، وتوفير بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف، فضلا عن استدعاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي».