فصائل سورية معارضة تجمد مشاركتها في التحضير لمفاوضات استانا جراء "خرق" الهدنة
بيروت - أ ف ب
جمدت أكثر من عشرة فصائل سورية معارضة مشاركتها في اي محادثات حول مفاوضات السلام المرتقبة في استانا، متهمة قوات النظام بخرق الهدنة الهشة التي تدخل اليوم الثلثاء (3 يناير/ كانون الثاني 2017) يومها الخامس مع استمرار المعارك قرب دمشق.
ويهدد هذا القرار وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام المنوي عقدها نهاية الشهر الحالي في استانا، بموجب الاتفاق الذي توصلت اليه موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق يتم برعاية تركية مباشرة، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار لم تصمد.
ومع بدء الهدنة الجمعة، شهدت معظم الجبهات الرئيسية في سورية هدوءا مع خروقات محدودة، باستثناء منطقة وادي بردى، خزان مياه دمشق، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل، يتخللها قصف جوي ومدفعي.
وشددت اكثر من عشر فصائل معارضة في بيان مشترك ليل الاثنين الثلثاء، انها "التزمت بوقف اطلاق النار في عموم الاراضي السورية" باستثناء مناطق سيطرة تنظيم "داعش" "لكن النظام وحلفاءه استمروا بإطلاق النار وقاموا بخروقات كثيرة وكبيرة خصوصا في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية..".
واضافت "نظرا لتفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات، فان الفصائل (...) تعلن تجميد اية محادثات لها علاقة بمفاوضات استانة او اي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف إطلاق النار حتى تنفيذه بالكامل".
وحذرت الفصائل، وأبرزها جيش الاسلام وفيلق الشام، وهما فصيلان نافذان في ريف دمشق، وفرقة السلطان مراد القريبة من تركيا، من ان الاتفاق يعتبر "بحكم المنتهي" ما لم تتم "اعادة الامور الى وضعها الطبيعي قبل توقيع الاتفاق فوراً".
وتجددت الاشتباكات الثلثاء في منطقة وادي بردى بين قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة، والفصائل المقاتلة من جهة اخرى، وسط استقدام قوات النظام لتعزيزات عسكرية الى المنطقة، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
محرومون من المياه
وترافقت الاشتباكات وفق المرصد، مع غارات وقصف بالبراميل المتفجرة على المنطقة، وذلك بعد يوم من وصول قوات النظام وحلفائها الى أطراف عين الفيجة، النبع الرئيسي في وادي بردى، والذي توقف ضخ المياه منه الى دمشق منذ اسبوعين.
واتهمت السلطات الفصائل بتلويث المياه بالمازوت ثم قطعها بالكامل عن دمشق.
وبحسب عبد الرحمن، فإن انقطاع المياه ناجم عن تعرض احدى مضخات المياه في عين الفيجة لانفجار بفعل المعارك بين الطرفين اللذين يتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عنه.
وحذر المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة ينس لاركي الثلثاء من ان "اربعة ملايين شخص في مدينة دمشق ما زالوا محرومين من المياه منذ 22 كانون الاول/ديسمبر جراء المعارك في منطقة وادي بردى" مبديا الخشية من تفشي الامراض جراء نقص المياه وخصوصا بين الاطفال.
ومنذ 20 كانون الاول/ديسمبر، بدأت قوات النظام هجوما على المنطقة بهدف السيطرة عليها او الضغط للتوصل الى اتفاق مصالحة، ينهي العمل العسكري للفصائل فيها، على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية، وفق المرصد أيضا.
ونقلت صحيفة الوطن السورية القريبة من دمشق الثلاثاء عن محافظ ريف دمشق علاء ابراهيم ان "الجيش سيحسم الموضوع قريبا" معتبرا انه "امام مسلحي وادي بردى.. اما تسوية اوضاعهم او الخروج" لافتا الى انه "لا مصالحة مع جبهة النصرة" في اشارة الى مقاتلي فتح الشام.
وتنفي الفصائل المقاتلة بشكل قاطع وجود مقاتلين من الجبهة في وادي بردى.
وبحسب المرصد السوري، يوجد وجود مئات من مقاتلي الجبهة، بين آلالاف من مقاتلي الفصائل، في المنطقة.
مرحلة "حرجة"
ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة "ارهابية"، وبشكل رئيسي تنظيم "داعش". كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق جبهة فتح الشام الامر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
ويزيد هذا التباين من صعوبة تثبيت الهدنة بسبب وجود هذه الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل اخرى مقاتلة في مناطق عدة أبرزها محافظة ادلب (شمال غرب)، أبرز معقل متبق للفصائل بعد خسارتها مدينة حلب الشهر الماضي.
والى جانب الاشتباكات المستمرة في وادي بردى، سجل المرصد خرقا بارزا في ريف ادلب الجنوبي، حيث اسفرت ضربات جوية لقوات النظام عن مقتل امراة حامل واصابة ثلاثة اشخاص اخرين بجروح في مدينة خان شيخون.
كما افاد بإطلاق فصيل معارض قذائف صاروخية على بلدتين تحت سيطرة قوات النظام في محافظة حماة (وسط).
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء ان الهدنة دخلت "مرحلة حرجة" محذرا من انها تواجه "خطر الانهيار" ما لم يتدخل راعيا الاتفاق روسيا وتركيا لانقاذها.
وتمكنت روسيا السبت من الحصول على دعم مجلس الامن الدولي للخطة الروسية التركية لوقف إطلاق النار في سورية والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، من دون ان يصادق على تفاصيل الخطة.
وحرصت كل من تركيا وروسيا على التأكيد ان محادثات استانا لا تشكل بديلا من مفاوضات جنيف التي ترغب الأمم المتحدة باستئنافها في الثامن من شباط/فبراير.
وتشهد سوريا منذ اذار/مارس 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من 310 الاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.