بالفيديو ... بطمأنينة... «العمالة السائبة» تفترش الطرقات...والمرخصون: تلتهم 80 % من مبيعاتنا للخضراوات والفواكه
المنامة، عالي، بوري، سوق واقف - محمد العلوي
مشهد متناقض، ذاك الذي رصدته «الوسط»، وهي تتابع أحوال البحرينيين والآسيويين من باعة الخضراوات والفواكه.
آسيويون من فئة العمالة السائبة، وفقاً لتأكيدات رئيس مجلس بلدي الشمالية محمد بوحمود، يفترشون في اطمئنان تام الطرقات والشوارع العامة، ليعرضوا بضاعتهم من الفواكه والخضراوات، في قبال بحرينيين وآسيويين (من أصحاب المحلات المرخصة)، يشكون التداعيات الوليدة.
بموازاة ذلك، كان الجانب البلدي يظهر تناقضاته عبر تشدده في إزالة فرشات لبحرينيين غير مرخصين، كما حصل مؤخراً للباعة في مدينة عيسى.
ومن المنامة كانت البداية، هناك حيث يتمركز عشرات الآسيويين في منتصف المنامة، يفترشون طرقاتها لبيع مختلف أصناف الفواكه والخضراوات، في مشهد كان أبرز غائبيه، أمانة العاصمة.
وإلى عالي، القرية التي كان مشهد شارعها العام، يوم السبت الماضي (17 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، آسيويّاً بامتياز.
عشرات الآسيويين وأكثر، يفترشون جانباً من الشارع العام، وليتخذوا من كل إجازة رسمية، فرصة لبيع الفواكه والخضراوات والأسماك.
مشهد غابت عنه بلدية الشمالية، وحضرته «الوسط»، فيما الواقع يتحدث: الآسيويون في ازدياد، ولا إجراءات.
وإلى جارة عالي، كان الحديث مع البائع الحاج حسن في محله الموجود في قرية بوري منذ نحو 25 عاماً.
يقول شاكياً «الضرر كبير جدّاً علينا نحن أصحاب المحلات، إلى درجة انخفاض المبيعات بمستوى حاد جدّاً»، مضيفاً «لك أن تتصور أن الساعة الآن تشير إلى العاشرة صباحاً، وهذه مبيعاتنا (يفتح الصندوق ليشير إلى دنانير معدودة)»، وتساءل: «وفق هذا الوضع المزري، كيف لنا أن نغطي مصروفاتنا الشهرية من رواتب عمال وإيجار؟».
وتابع «نحن أمام ظاهرة تزداد ولا تتراجع، وهو الأمر الذي يحصل حتى مع مبادرتي الشخصية بالتواصل مع بلدية الشمالية في كل من عالي وكرزكان، دون الخروج بأية نتيجة».
وتفسيراً لظاهرة تفشي ممارسة العمالة السائبة لبيع الخضراوات والفواكه، قال الحاج حسن: «ما يحصل أنَّ بعض أصحاب المزارع، يقومون بتأجير زاوية من مزارعهم لعمال آسيويين ليبيعوا فيها مختلف الأصناف مقابل إيجار شهري مقداره 100 دينار، بحجَّة أن المعروض هو من نتاج المزرعة (الخضراوات) فيما الواقع يقول خلاف ذلك (مختلف أنواع الفواكه)، بل ويمتد البيع ليشمل مواد غذائية كالزيوت في ظل غياب تام للرقابة سواء من البلدية أو من وزارة الصحة».
وأضاف «في ظل فرجة الجهات الرسمية المعنية، فقد غزت العمالة الآسيوية، تحديداً من البنغال، السوق المحلي، ولك أن تمر مرور الكرام على شارع النخيل لتجد في كل شبر عاملاً آسيويّاً يقف خلف «فرشته» من الخضراوات والفواكه، والذريعة التي تتكرر أن «الفرشة» تتبع مزرعة ونحن نعلم ما يتاح لكل صاحب مزرعة من فرصة للحصول على عدد من التأشيرات (الفيزا) لاستقدام وتوظيف العمالة الوافدة، ومحصلة الضرر تقع على رؤوسنا نحن أصحاب المحلات المرخصة».
وتابع «بفضل ذلك، باتت الشوارع (مشحونة) من الفرشات غير المرخصة، والمتحررة من التكاليف التي ندفعها، لهيئة التأمينات وهيئة تنظيم سوق العمل، والإيجار ورواتب العمال وسكنهم وفاتورة الكهرباء، بما أقدره بالنسبة لمحلي هنا في بوري فقط بنحو 1400 دينار شهريّاً»، وأردف «إذا خصمنا التكاليف فما يتبقى محدود جدّاً لعائلتي».
وبفعل المنافسة غير الشريفة من قبل العمالة السائبة، يؤكد أصحاب المحلات، اضطرارهم إلى اللحاق بهم في الشوارع والطرقات، «بحثاً عن الزبون، قبل أن ينفرد العامل الآسيوي به».
يقول الشاب جعفر حسن «قبل 3 أشهر، اضطررنا إلى الخروج من محلنا وافتراش الشارع العام جنباً إلى جنب العمالة السائبة، وفي حال استمر الحال على ما هو عليه فلا يبدو أن المحلات وأصحابها سيصمدون»، لافتاً إلى أن الأضرار جراء ذلك طالت نحو 80 في المئة من المبيعات فـ»بعد أن كنا نبيع يوميّاً بنحو 350 ديناراً (في الحد الأدنى)، أصبحنا بالكاد نصل إلى 130 ديناراً يوميّاً، وإذا خصمنا منها المصروفات الشهرية (رواتب 5 عمال وموظفين، والإيجار، والسيارة، ...)، ننتهي إلى خسارة مؤكدة».
جعفر الذي ظل يتساءل عن دور الجانب الرسمي، لم يغفل إلقاء المسئولية في ملعب الجانب الأهلي، وهو يشير إلى حرص الأهالي على الشراء من فرشات العمالة السائبة اعتقاداً منهم برخص الأسعار، وعقّب أن «هذا الاعتقاد خاطئ، غير أن الصورة النمطية تفعل فعلتها».
ولا تقتصر الأضرار على البحرينيين، فالعامل الآسيوي (حنيفة)، يشكو هو الآخر أضرار بني جلدته. يقول بلكنته الهندية «مشكل واجد، لأن نفر فري ويزا ما يدفع (LMRA)، وما يدفع تأمين، وإيجار ما في وبلدية ما في، لكن إحنا كل شيء يدفع، أنا سنة واحد يدفع للصحة 100 دينار، وللسجل 50 ديناراً، وكهرباء ومعاش نفرين، وسيارة، يعني شهر واحد يدفع 700 دينار».
ويؤكد حنيفة استحالة المنافسة مع «فرشات» العمالة السائبة، في ظل اعتماد هذه الأخيرة على البضاعة شبه التالفة أو غير الطازجة، ومتدنية الجودة، وهو ما يؤثر في النهاية على فارق الأسعار.
وعن الحل المقترح، قال: «الحل لازم قانون يمشي عليهم، وأنا ما يشوف مفتشين يجون هني، وإذا جوا ما يعطون مخالفة، بس يقولون للعامل لا تقعد في الشارع، وبس يمشون مني العامل يرجع من صوب ثاني».
وبالقرب من مستشفى الأمل، باتت أعداد الفرشات في تزايد، ظاهرة تستشري دون تدخل من الجهات البلدية.
فرشات لا يتوقف إقبال المواطنين عليها، على رغم إقرارهم بمخالفتها للقوانين، وهو ما يراه المواطن (ج. م)، الذي قال لحظة تواجده للشراء من إحدى الفرشات «المرجح أن هذه الفرشات غير قانونية، لكن للأمانة ما تبيعه أرخص والوصول لها أسهل»، واستدرك «أقول ذلك وانا أقر بالأضرار التي يتكبدها البحرينيون من أصحاب المحلات جراء ذلك، والحل في تفعيل التفتيش والمراقبة».
وإلى سوق واقف، تحديداً في الشارع الفاصل بين منطقة السوق ومنطقة اللوزي، يفضل عدد من الآسيويين، اتخاذ الموقع الحيوي والجديد مكاناً لعرض بضاعتهم.
3 «فرشات» على خط واحد، كان أصحابها على استعداد للبيع بأقل الأسعار، وحين السؤال عن الترخيص كان التوجس والجواب من أحدهم «انا في دكان قريب، لكن ما في كستمر، وعشان جدي أنا يجي هنا»، في إشارة من العامل الآسيوي إلى اضطراره هو الآخر إلى اللحاق بركب العمالة السائبة والبيع في الطرقات عوضاً عن محله القريب من نفس المنطقة.
وفي السوق المركزي في سوق واقف، كانت الوقفة مع البحريني علي منصور، صاحب إحدى «الفرشات» والذي بدأ حديثه عن «فرشات» العمالة الآسيوية بالقول: «100 في المئة هذه العمالة مخالفة».
وأضاف «البلدية لا تمنح تراخيص إلا للبحريني، شريطة البيع في موقع واحد فقط، وهذا يعني أن البائع مادام غير بحريني فهو مخالف، لكن ما يحصل، في بعض الحالات التي رأيناها بالعين أن البحريني يجلس بمعية العامل الآسيوي، دون وجود علاقة عمل بينهما، إلا لحصول البحريني على مبلغ وقدره 5 دنانير يوميّاً مقابل توفير الغطاء القانوني الوهمي للعامل الآسيوي».
وعقَّب «هذا لون من ألوان النصب، ويمكن كشفه بسهولة عن طريق فحص البطاقة الشخصية للعامل الآسيوي».
وتابع «في نهاية الأمر فإن الضرر يقع علينا نحن أصحاب المحلات والفرشات المرخصة».
وخلص للقول: «قبل يومين كان مفتشو البلدية يلاحقون بعض المخالفين، ونأمل أن يأتي الدور على البقية منهم، ونحن نرى أن الإجراءات يجب أن تكون مشددة بحيث تصل إلى حبس العامل وتغريم صاحب العمل بمبالغ كبيرة».
في التعليق على كل ذلك، هاتفت «الوسط» رئيس مجلس بلدي الشمالية محمد بوحمود، الذي أكد عدم قبول المجلس بظاهرة انتشار الباعة من العمالة السائبة في الطرقات، وقال: «لا وجود لتراخيص لفرشات منذ العام 2012، ونحن في المجلس البلدي بالتأكيد مع المواطنين من أصحاب المحلات الذين يعملون بصورة قانونية ويلتزمون بدفع التكاليف أو المصروفات الشهرية، خلافاً لفرشات العمالة السائبة».
وعقَّب بوحمود على مطالبات أصحاب المحلات، بتنفيذ جولات تفتيش من قبل موظفي البلدية واتخاذ الإجراءات الصارمة حيال المخالفين، فقال: «قناعتنا هي في توفير البديل، بدل تطبيق نصف الحل، وقد كانت لنا محاولات لإيجاد مواقع لاحتضان الباعة البحرينيين الجائلين، لكننا واجهنا عقبة الموقع».
وذكر «نحن الآن في طور تجربة جديدة من المقرر تعميمها حال ثبت نجاحها، وتتمثل في تشييد كبائن في حديقة الروضة في دوار (9) في مدينة حمد مقابل إيجار رمزي، على ان تفتتح بداية العام المقبل لتعمم التجربة لاحقاً في الحدائق والمماشي في المحافظة الشمالية وتقتصر على البحرينيين المتقاعدين، أما العمالة الآسيوية فموضوعها مختلف على اعتبار أن من يمارس منها بيع الخضراوات والفواكه هو من فئة العمالة السائبة».