خمس قصص عن النجاح النادر للعمل الإنساني في عام 2016
الوسط - المحرر السياسي
من الصعب أن نرى الجانب المشرق في عام شديد السوء مثل عام 2016، ولكنه شهد ظهور عدد قليل من الأخبار الجيدة. ونقلت شبكة "إيرين"بعض النجاحات الأخيرة من العالم الإنساني، مع المحاذير التي نراها:
اتفاق باريس يدخل حيز التنفيذ
بالنظر إلى أن عام 2016 حطم عدداً من سجلات الاحترار العالمي التي لا يحسد عليها، بدا من المستحسن دخول اتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ، الذي اعتمدته 195 دولة في العاصمة الفرنسية في ديسمبر 2015، إلى حيز التنفيذ وتطبيقه في الوقت المناسب. وقد تحقق الجزء الأول الأكثر سهولة بسرعة مذهلة - صدق عليه عدد كاف من البرلمانات حتى قبل تجمع المندوبين في شهر نوفمبر بمدينة مراكش لعقد اجتماع متابعة لمؤتمر باريس، الدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP22 . ولكن عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، وستعتمد أشياء كثيرة على ما إذا كانت البلدان ستفي بالمساهمات المقررة على الصعيد الوطني والتي يرتكز عليها اتفاق باريس. وقد تم الآن الانتهاء من خطط لتبني الدول لقواعد جديدة تنص على تحملها مسؤولية ما تحرزه من تقدم اعتباراً من عام 2020.
المحاذير: هناك مسألة صغيرة تتعلق بشخص ينكر وقوع تغير المناخ، وهو دونالد ترامب، الذي انتخب رئيساً للدولة التي كانت القوة الدافعة وراء اتفاق باريس. وحتى لو كان الرئيس ترامب لا يستطيع (و / أو لا يريد) نسف أحد آخر الانجازات المتبقية في إرث سلفه، ربما يكون الاتفاق عملاً متواضعاً تم التوصل إليه بعد فوات الأوان. وتظهر التحليلات أنه حتى إذا تم تنفيذ أهداف وطنية بالكامل، فإن درجات الحرارة في العالم سوف تزداد بمقدار 2.7 درجة بحلول نهاية القرن، وهو ارتفاع ستكون له عواقب كارثية.
تراجع تنظيم الدولة الإسلامية
في سنة مليئة بالأخبار السيئة، كانت حقيقة أن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية يُجبر على الخروج من الأراضي التي يسيطر عليها بمثابة بصيص من الضوء بالنسبة لأولئك المدنيين الذين عرفوا الرعب تحت حكمه. طُردت الجماعة من معاقلها الرئيسية في العراق - الرمادي والفلوجة - وخسر الشدادي في محافظة الحسكة السورية، ومنبج بالقرب من الحدود التركية. وفي الآونة الأخيرة، قضت قوات ليبية تدعمها الولايات المتحدة بضربات جوية على الجماعة في سرت، ولم تعد تحتل أية أراضي في البلاد، على الرغم من أن أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية لا يزالون نشطين. ويحقق الجيش العراقي وحلفاؤه الآن تقدماً بطيئاً نحو الموصل، آخر معقل له في العراق. وإذا تحقق النصر هناك، لن يتبق للتنظيم معقلاً رئيسياً سوى الرقة في سوريا، على الرغم من عودته للظهور داخل مدينة تدمر وفي المناطق المحيطة بها.
المحاذير: نحن نكره وصف أي حملة عسكرية بأنها "أمر جيد" - شمل هجوم الجيش العراقي على تنظيم الدولة الإسلامية في الفلوجة فرض حصار عقابي، وتم الإبلاغ عن العديد من الحالات الانتقامية (في كثير من الأحيان من قبل الميليشيات المتحالفة) ضد المدنيين بعد التحرير. كما أنها تنطوي على سقوط ضحايا من المدنيين بالطبع - قيل أن تنظيم الدولة الإسلامية يستخدمهم كدروع بشرية أو يعدمهم بتهمة محاولة الفرار - أو الذين قُتلوا أثناء الغارات الجوية التي شنها الائتلاف، ناهيك عن الضحايا الأبرياء لحملات قصف لا هوادة فيها شنتها الحكومتان الروسية والسورية. وهناك أيضاً قلق متزايد من أنه مع تقلص الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، ستركز الجماعة على زرع الفوضى من خلال نوعية الهجمات التي تشهدها بغداد بانتظام، والتي شهدناها مؤخراً في سوق عيد الميلاد في برلين.
مع ذلك، من الصعب أن ننسى سعادة الأشخاص الذين تحرروا من حكم تنظيم الدولة الإسلامية - نساء تدخنّ السجائر، ورجال يقصون اللحى التي فُرضت عليهم، وأجراس الكنائس تدق.
السلام في كولومبيا؟
في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وافق الكونغرس في كولومبيا على اتفاق سلام مع الجماعة المتمردة المعروفة باسم القوات المسلحة الثورية الكولومبية، وأنهى بذلك أكثر من نصف قرن من القتال. ويأمل أنصار الاتفاق أن يفسح المجال للبلاد ببدء عملية التعافي. تشمل الصفقة نزع سلاح القوات المسلحة الثورية الكولومبية وتسريح أعضائها واستخدام أصولها لتعويض الضحايا. وستقوم المجموعة بتشكيل حزب سياسي وسيخصص لها 10 مقاعد في الكونغرس. وإذا أنهى هذا الاتفاق، الذي ينظر إليه باعتباره أكثر صرامة على القوات المسلحة الثورية الكولومبية من النسخة الأصلية التي رفضها الكولومبيون في استفتاء قبل شهرين، سفك الدماء في كولومبيا، فإنه سيحقق مكاسب هائلة للبلاد التي عانت من مقتل أكثر من 260,000 شخص جراء الصراع، معظمهم من المدنيين، ونزوح ما يقرب من سبعة ملايين نسمة.
المحاذير: على الرغم من تلويح المؤيدين بالأعلام أثناء التوقيع على الاتفاق - وفوز الرئيس خوان مانويل سانتوس بجائزة نوبل للسلام قبل التصويت "بلا" - لا يجد الجميع سبباً للاحتفال. يقول زعيم المعارضة والرئيس السابق ألفارو أوريبي أن كولومبيا لا تزال متسامحة أكثر مما ينبغي مع المتمردين. خرج أوريبي من الكونغرس قبل التصويت. وفيما وراء السياسة، هناك مخاوف حقيقية بشأن العدالة: المقاتلون الذين اعترفوا بارتكاب جرائم حرب لن يُزج بهم في السجن. ومع وعد القوات المسلحة الثورية الكولومبية بقطع صلاتها بتجارة المخدرات، يخشى مزارعو الكوكا في البلاد، الذين يصرون على أنهم يفعلون ما يلزم لتدبر أمورهم، من تهديد مصادر رزقهم. بالإضافة إلى ذلك، أثبت التاريخ في كولومبيا أن إعادة الإدماج لن تكون سهلة على الإطلاق.
الكنديون يقومون برعاية اللاجئين
في سبتمبر/ أيلول 2015، صدمت صورة إيلان الكردي، وهو طفل سوري مات مستلقياً على وجهه على شاطئ تركي، الشعب الكندي. كانت كندا تتبنى برنامج رعاية خاص منذ عام 1979 يسمح لمجموعات من الأفراد الكنديين بتمويل إعادة توطين لاجئين محددين. وإلى جانب الالتزام المالي، وفرت الجهات الراعية الدعم العملي والنفسي خلال استقرار اللاجئين في منازلهم الجديدة. وفي أواخر عام 2015 ومطلع عام 2016، تم توسيع نطاق البرنامج لتلبية الوعد الانتخابي الذي قطعه رئيس الوزراء جستن ترودو بتسريع إعادة توطين 25,000 سوري في كندا بحلول نهاية فبراير 2016. وبينما كانت أوروبا تشدد الإجراءات الأمنية على حدودها وترامب يعد بالحد من إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة، سعت الحكومة الكندية جاهدة لتحديد وفرز أعداد كافية من اللاجئين المؤهلين لتلبية طلب الجهات الراعية الراغبة في مساعدتهم. وقد ساعد نموذج الرعاية الخاصة في كندا على إلهام المبادرة العالمية لرعاية اللاجئين التي تم إطلاقها في أوتاوا في شهر ديسمبر. وتنفذ العديد من البلدان الأخرى، من بينها المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ونيوزيلندا، حالياً برامج رعاية خاصة للاجئين ولا يزال الاهتمام بهذا النهج آخذاً في النمو.
المحاذير: التمويل المخصص للاجئين، سواء الخاص أو الذي ترعاه الحكومة، يدوم لعام واحد فقط، في حين يحتاج كثيرون إلى وقت أطول للاندماج وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وقد دعت لجنة في مجلس الشيوخ حكومة ترودو لتخصيص المزيد من الموارد على سبيل الأولوية.
لقاح فيروس الإيبولا "فعال بنسبة 100 بالمائة"
تم الإعلان عن ذلك في وقت متأخر جداً من العام، في بداية موسم العطلات، وطغت عليه الكثير من العناوين عن وفاة بعض المشاهير، ولذلك فربما يكون قد فاتك هذا الخبر. في 22 ديسمبر، نشرت مجلة لانسيت الطبية نتائج تجارب لقاح فيروس الإيبولا التجريبية التي شملت 11,000 شخص في غينيا. لم ينتقل فيروس الايبولا إلى أي شخص تم تطعيمه، ووُجد أن اللقاح يمكن تحمله بصورة جيدة ويحقق استجابة مناعية سريعة بعد جرعة واحدة فقط. وأبرزت الدراسة أيضاً أهمية اكتشاف أن تجارب مثل هذه، تسمى بالفرنسية "ايبولا، هذا يكفي"، يمكن إجراؤها بفعالية حتى في ظل التحديات التي تعقب انتشار أوبئة. والجدير بالذكر أن تفشي الإيبولا في غرب أفريقيا قد أسفر عن موت أكثر من 11,300 شخص، معظمهم في ليبيريا وسيراليون وغينيا، بين عامي 2013 و2016. "على الرغم من أن هذه النتائج المؤكدة أتت بعد فوات الأوان بالنسبة لأولئك الذين فقدوا حياتهم أثناء تفشي وباء الإيبولا في غرب أفريقيا، فإنها تظهر أننا لن نكون عاجزين عندما يظهر تفشي الإيبولا المقبل،" كما قالت ماري-بول كيني، مساعد المدير العام لأنظمة الصحة والابتكار في منظمة الصحة العالمية، والكاتبة الرئيسية للدراسة في بيان لها.