مراقبة الحيتان عن كثب في تايلاند سياحة جديدة ذات منافع ومضار بيئية
خليج تايلاند - أ ف ب
يقدم رواد في السياحة البحرية المسئولة فرصة مراقبة الحيتان على بعد ساعات فقط من بانكوك، في تجربة نادرة في مملكة تايلاند المعروفة باستقطاب اعداد كبيرة من السياح والتي تنتشر فيها الاحواض المائية العملاقة وعروض الدلافين وحالات الدوس على الشعاب المرجانية.
وتقترب الحيتان الى مسافة قريبة من شاطئ بانكوك، بحيث يستطيع البعض ان يلتقطوا صورا من البحر تظهر فيها فاتحة اشداقها بحثا عن الطعام، وفي خلفية الصورة من بعيد ناطحات السحاب التي ترتفع في سماء العاصمة التايلاندية.
وتنجذب الحيتان الى شواطئ شمال خليج تايلاند بحثا عن اسماك الانشوجة التي تتركز هناك في آخر موسم المطر بين سبتمبر/ايلول وديسمبر/كانون الأول.
ويقول جيرايو اكول الشغوف بالغطس وبالتقاط الصور للحيوانات والذي ينظم رحلات سياحية الى عرض البحر "الطريقة التي تقتات بها الحيتان هي ظاهرة لا مثيل لها"، فهي تبقي اشداقها مفتوحة بضع ثوان لتبتلع اسماك الانشوجة من فكها الذي يحتوي على وبر ويؤدي دور المصفاة.
وهذا الميل العلمي في التعامل مع الحيتان ليس شائعا كثيرا في هذا البلد الذي يتركز الاهتمام على الحيوانات البحرية فيه على الاهداف السياحية.
وكثيرا ما تسبب الحركة الكبيرة للسياح الراغبين في مشاهدة الاسماك المدارية، ضررا بيئيا ولاسيما على الشعاب المرجانية.
لكن في تايلاند، تبدو الامور مختلفة، فالاقبال على مراقبة الحيتان محدود، ويعمل جيرايو على شرح القواعد الدولية المعتمدة لدى الاقتراب من هذه الأسماك الضخمة، منها عدم الاقتراب منها كثيرا، وعدم اعتراضها.
تغيير العقليات
يأسف عالم الاحياء البريطاني لعدم ايلاء السلطات في تايلاند اهتماما كبيرا للسياحة البحرية، لانها لم تدرك بعد الاهمية الاقتصادية الكبيرة التي تحققها "السياحة الخضراء" كما يقول.
وهو يحاول ان ينشر الوعي في هذا البلد الواقع في جنوب شرق اسيا حول السياحة المسؤولة، من خلال برنامج "غرين فينز" التابع للامم المتحدة، والهادف الى تغيير العقليات السائدة في مراكز الغطس.
في الآونة الاخيرة، وضعت سريلانكا قيودا على مشاهدة الحيتان، وكلف خفر السواحل بتنظيم حركة القوارب التي تتنافس سنويا على جذب عشرات الالاف من السياح الاجانب الراغبين في مراقبة الحيتان عن كثب.
وفي العام الماضي، اصطحبت "وايلد انكاونتر تايلاند" ما لا يقل عن الف سائح لمشاهدة الحيتان في خليج تايلاند، علما ان الشركات التي تعرض على السياح هذا الامر محدودة جدا.
ويتخوف سوراساك تهونغسوكدي المتخصص في علوم الحيتان في مركز الابحاث البحرية والساحلية في تايلاند من ان يؤدي نمو هذه السياحة بشكل غير مدروس الى احداث اضرار.
ويقول "ان ارادت كل القوارب الاقتراب من الحيتان فإن ذلك سيؤثر عليها".
معلومات علمية
لكن الرحلات التي ينظمها جيرايو مختلفة عن تلك التي يتخوف منها الخبراء، بل هي مفيدة للعلماء ايضا، اذ انه يجمع خلالها معلومات تفيد البحث العلمي في مجال البحار والحيوانات البحرية.
في احد الايام التي خرج فيها جيرايو على متن قاربه الى عرض البحر، وقعت عين سوراساك على حوت، ولم يتردد على الفور عن الجزم باسمه: "انه سريسوك".
ويقول سوراساك "انه صغير في السن ومن السهل ان نتعرف عليه، فمنذ العام 2015 لم تعد لديه زعانف، بسبب اصابة على الارجح".
ويطلق سوراساك وفريقه اسماء على حوالى خمسين حوتا تجوب المياه التايلاندية.
لكن القلق يساور هذا الباحث، وخصوصا بعد العثور على ست جيف لحيتان في الخليج خلال العام 2016، مقابل جيفة واحدة سنويا في المعدل عادة.
ولم يتمكن العلماء من تحديد سبب نفوق الحيتان لان جيفها كانت متحللة.
الا ان سوراساك يرجح ان يكون السبب هو تلوث المياه من الانهار التي تصب في الخليج.
وهو يأمل ان تساهم الرحلات السياحية لمشاهدة الحيتان برفع الوعي حول المخاطر التي تهددها، في الوقت الذي لا تشكل فيه الابحاث العلمية اولوية من حيث الانفاق الحكومي.