قصة قصيرة... النعمة الملعونة
عصمت يوسف - قاصة بحرينية
تِك، توك، تِك، توك
- هاري اقذف تلك الساعة اللعينة من النافذة"، اتجه هاري نحو الساعة بهدوء وأخرج بطاريتها، ونظر إليّ "خذي نفساً عميقاً " قال. من ثم اتجه نحو آلة الفونوغراف التي طال نومها ليوقظها بموسيقى هادئة، فأغمضتُ عيني، ثم اقترب هاري من أُذني وهمس "عجوزتي فيونا لا تستعجلي النوم دوني."
"أيها العجوز ألم تُتعبكَ الصَّحْوَة"؟ قلت.
"بلى، لكنني سأنام مرتاح البال، لن أقذف الساعة من النافذة قبل نومي"، قال بضحكةٍ خافتة، ثم أمسك يدي وأوقفني في مقامه، ووضع يده على خاصرتي "ماذا تفعل يا هاري؟" سألته والخجل يقطن خدي "سنرقص كما رقصنا بالأمسِ في المكان نفسه" قال، عندها وضعت رأسي على كتفه وأكملنا الرقص.
- احذري البكاء.
- لن أبكي
- اذاً لما تبكي عيناي؟
- لأنني أبكي
احتضنا بعضنا بشدة "لا تذعري لن يعثروا علينا، سأُلهيك بذكرياتنا الجميلة، أتذكُرين أول لقاءٍ لنا" قال، "تحتَ ضوء القمر، كنتُ أُغني" قلت، ثم همس لي بسُخرية "حبٌ من أولِ غِنوة"، عمّ الهدوء للحظات لا صوت سوى الموسيقى "لو أننا لم ننجب أطفال" قال هاري، "الأطفالُ نعمة" قلتُ. واذا بهِ يتوقف عن الرقص ويفرز غضبهُ في وجهي "إنهم نعمةٌ ملعونة، إن غافلكِ الحُلم وأغرقكِ في أمواجه سأُذكركِ لأنجيك من هذا الوهم، أطفالكِ يريدون لنا الفراق، ونحن هنا لنتحاشى هذا الجُرم" انهارت قواي وسقطت أرضاً وكأنني صفعتُ بواقعٍ كنت قد فررتُ منه، أسقَطَ هاري نفسه أمامي "أعتذر، لكن عديني أنكِ ستمحينهم من حياتك كما لو أنهم لم يسكِنوا رحمكِ يوماً" قال. "أعدُك لكنني سأعترف لك بأمرٍ ما، بالأمسِ راودني كابوسٌ يخبرني بإن مكروهاً ما حصل لابنتنا ، فاتصلت بها للاطمئنان عليها "قلتُ ولم يتسنَ لهاري أن يقول بسبب أصوات سيارات الشرطة التي اقتحمتنا، أمسكت يدهُ بقوة لننام نوماً عميقاً .