"تقرير": الاقتصاد الأميركي في 2017... زيادة النمو بنسبة 2% ورفع أسعار الفائدة مرتين
الوسط - المحرر الاقتصادي
كان أداء الاقتصاد الأمريكي في عام 2016 دون المتوسط من حيث معدلات النمو.
ومن المتوقع أن يبلغ نمو الاقتصاد نسبة 1.6%، وهو أقل مما يعتبره معظم الاقتصاديين ممكناً (1.75%)، وأقل من متوسط معدل النمو منذ عام 2011 (2.0%). ولكن بحسابات أخرى، لم يكن أداء الاقتصاد بذلك السوء. ف
قد تراجع معدل البطالة إلى 4.7%، أي أدنى من مستوى التوازن الذي ظل عليه لفترة طويلة، كما أن معدل التضخم آخذ في الارتفاع تدريجياً نحو النسبة المستهدفة 2%. وعلى ذلك، فإن الاقتصاد يدخل 2017 وهو يعمل بطاقة تقارب الحد الأقصى. وعلاوة على ذلك، فإن احتمالات إدخال التحفيزات المالية من قبل إدارة ترامب الجديدة تعني أن الاقتصاد الأمريكي سيواجه لأول مرة منذ أزمة عام 2008 مخاطر الإنهاك وتجاوز الحد الأقصى لطاقته الإنتاجية.
ماذا سيحدث للاقتصاد الأمريكي في عام 2017؟ وكيف سيرد بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
الإجابة الموجزة على هذين السؤالين هي: نتوقع أن يكون النمو أعلى بقليل من طاقة الاقتصاد وأن يبلغ 2.0%. ونتوقع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد برفع أسعار الفائدة مرتين خلال العام المقبل، وفق تحليل اقتصادي لقسم الاقتصاد لبنك قطر الدولي "QNB"، اليوم الاحد (25 ديسمبر/ كانون الأول 2016).
من المتوقع أن تشكّل ثلاثة عوامل مستقبل النمو في الولايات المتحدة في عام 2017. الأول، هو أنه يتوقع لحزمة التحفيز المالي لإدارة ترامب أن تعطي دفعة قوية للاقتصاد. وبالرغم من عدم توفر معلومات دقيقة عن حجم وتوقيت وتكوين هذا التحفيز، فإننا نفترض أنه سيأتي في شكل حزمة تتألف من تخفيضات في ضريبة الدخل وضرائب الشركات علاوة على زيادة في الإنفاق على البنية التحتية وغيرها من البنود. وبشكل عام، فإننا نتوقع أن يساهم هذا التحفيز بمقدار 0.6 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2017.
ثانياً، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي إلى الحد من بعض التأثير الذ ينتج عن حزمة ترامب التحفيزية. وقد ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي بشكل كبير بعد فوز ترام في الانتخابات الرئاسية مع توقع الأسواق المالية حدوث تباين كبير في السياسات النقدية بين الولايات المتحدة وبقية الاقتصادات المتقدمة. ونتوقع أن تتعزز قيمة الدولار الأمريكي في 2017، وهو ما سيقلص من تنافسية الصادرات الأمريكية. وبالتالي، نتوقع أن يؤدي صافي الصادرات إلى خفض النمو بحوالي 0.2 نقطة مئوية في 2017.
ثالثاً، من المتوقع أن يشكل ارتفاع أسعار النفط عاملاً سلبياً للنمو. ونتوقع أن ترتفع أسعار النفط من متوسط 45 دولار للبرميل في 2016 إلى 55 دولار. ومن شأن ذلك أن يساعد الاستثمارات في النفط والغاز التي تراجعت بنسبة 5% خلال الفصول الثلاثة الأولى من 2016 مقارنة بالسنة التي سبقتها. لكن من شأن ذلك أيضاً الإضرار بالاستهلاك حيث أن ارتفاع أسعار النفط يقلص من الدخل المتاح للمستهلكين لإنفاقه على بنود أخرى. وبما أن الاستهلاك يشكل حصة أكبر بكثير من النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي (70% مقابل 1%)، فإن التأثير المباشر لارتفاع أسعار النفط يُتوقع أن يكون سلبياً على النمو بحوالي 0.2 نقطة مئوية.
توفر هذه العوامل الثلاثة مجتمعة (السياسة المالية وقيمة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار النفط) دفعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 0.3%. وبإضافة ذلك إلى النمو المحتمل (معدل النمو الذي يحدده مدى النمو في القوى العاملة زائد مكاسب الإنتاجية والمقدر بحوالي 1.75%)، فمن المتوقع أن يبلغ النمو 2.0% خلال 2017.
كيف يُتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يرد على تحسن توقعات النمو في العام المقبل؟ في أحدث تقديراته، توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي ثلاث جولات من رفع أسعار الفائدة في عام 2017. ومع ذلك، فإننا نعتقد أن أوضاع الاقتصاد الكلي تستدعي القيام بجولتين فقط. فمن المتوقع أن يؤدي النمو بنسبة 2% إلى تراجع معدل البطالة بنسبة 0.2% إلى 4.5% بحلول نهاية عام 2017. وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي بنسبة 0.1% إلى 1.8% خلال نفس الفترة. وباستخدام القاعدة القياسية التي يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي والتي تربط قرارات رفع أسعار الفائدة بالتضخم والبطالة (ما يُعرف بقاعدة تايلور)، فإن حجم التحسن في الأوضاع الاقتصادية يشير إلى جولتين من رفع أسعار الفائدة بدلاً من ثلاث جولات. وهذا يتماشى مع موقف الأسواق المالية التي تتوقع حالياً جولتين من رفع أسعار الفائدة في العام المقبل.
في الختام، من المتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.0%، وهو مستوى قريب من متوسط النمو خلال السنوات الأخيرة. ويرجع ذلك أساساً إلى التحفيز المالي المتوقع من إدارة ترامب الجديدة، على الرغم من التأثير السلبي لتعزز قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار النفط. ومن المرجح أن يكون التحفيز كافياً لخفض البطالة وزيادة الضغوط التضخمية، وهو ما سيدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.