العدد 5218 بتاريخ 19-12-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... رسائلي لا تعرف الطريق

شذى كامل خليل - قاصة سورية

مازلت أتساءل ما الذي سأكتبه لك الآن وقد انتابني شوق عظيم؟
قد أكتب: أيها العابث بأجزائي، أي شكل تضمره لي؟
أو ربما قد أكتب: منذ كأس نبيذ وثمل وأنا أقود شوقي إليك بخطوات مسرعة ظنت لبرهةِ طريقٍ أنها تلاحقُ هباء.
أشياء كثيرة أريد أن أخبرك إياها وأدري أنها قد تبدو غير مهمة بالنسبة لك وقد تضحكُ، حتى أنك قد تصفني بالمجنونة ولكني أحتاج أن أقَرّبك مني أكثر وأن تبعدني عنك أكثر فأقاصصني بالماسوشية وأنتشي أخيراً مثل كائنة غريبة تريد من الحبِّ شيئاً مختلفاً.
مزقتُ الكثير من الصفحات، وأنا أحاول أن أجد بدايةً معقولةً أشدّك فيها حتى نهاية الرسالة وما وجدت!
المكانُ حولي يبدو مدهشاً للقاءٍ عاطفيٍّ.
ثمة طاولة خشبية منتصفَ الغرفةِ الصغيرة، على يسارها امتدت أريكةٌ تتسع لأربعة أشخاص، وعلى يمينها تقبع مدفأةٌ تلتهم الحطب بسرعة فتنشر الدفء وتطرد البرد.
رغم أن البرد حالةٌ متعبةٌ للأجساد النحيلةِ مثلُك ومثلي إلا أنه سيدفع بنا في النهاية نحو العناق أملاً بالحصول على لحظة احتراق عابرة.
صدقني
منذُ غيابك وأنا لا أقيم حواراً مع حضوري، ألومه!
كيف في بُعدك أقوى على الوجودِ؟
اسمعني جيداً: مازلت أحاول أن أبدأ بالكتابة إليك. أمورٌ كثيرة حصلت، امتهنت العزلة، وقطعتُ كلَّ صلاتي مع العالم الخارجي بعد أن تراءى لي أنهم عقلاء وبأني شبه مجنونة أو ربما مجنونة بالكامل.
اسمعني: أنا أشعر بالوحدة، وأخافها.
ربما لأني أغذيها بشراهةٍ. كلَّ يوم أرمي لها نفسي الخاليةَ من البشر، كل يوم أرمي لها شخصاً تودد إليَّ وأبعدته بحجة عدم الثقة.
تدري؟ كنتَ الرجلَ الوحيد الذي وثقت فيه، وخانني!
حدث ذلك حين همستَ في أذني تلك الليلة الباردة: أنتِ امرأة قوية ومخيفة.
صدقني أنا لست كذلك وما قوتي إلا ردةُ فعلٍ لا إرادية تصدر عن مخيلتي البلهاء، رغم ذلك أشعر بالفخر في كثير من الأحيان حين أظن ولو كذباً أني كذلك.
هل تزوجتَ؟
أشعر أنكَ فعلت ذلك ففي آخر اتصالٍ بيننا حدثتَني عن فتاةٍ تعجبك ولشدة كبريائي شجعتك على الارتباط بها فوراً!
هل صرتَ أباً؟
لو حدث ذلك فسأكون سعيدةً أنك تحاول أن تصبح والداً أفضلَ من والدكَ الذي هرب منك إلى نسائهِ الكثيرات فتركنَه ليعود إليك شاعراً.
هل أحببتني يوماً؟
لا أعرف، في هذا السؤال أحتاج إلى إجابتك وحدك ولذا أنا أكتب ولذا أنا أتساءل.
يقالُ إن كثرة الأسئلة تجعل الأجوبةَ تنضجُ فتقعُ من حيث لا ندري.
هل يمكننا أن ندّعي الصداقةَ فنتحدث لساعات كما كنا نفعل في أيام عشقنا نصف الكاذب وكامل الاحتراق؟
ذات حديث أخبرتك عن أميّ.
وأنه لم يحدث أن شعرتُ معها بالحب كما شعرته معك.
حينها أجبتني غاضباً: ألهذا نتحدث؟ ألأنكِ ملأت شيئاً ناقصاً داخلك، بي؟
سنواتٌ قضيتها مقتنعةً بأني ما أحببتك وإنما وجدت فيك دواءً لجرحي، ونسيتكَ مُصدقةً هذا الادّعاء.
حينها كنت أتصفّح صحيفة محلية لأقف منبهرة أمام قصيدة لك كان عنوانها/مجنونتي/
كان حبكَ يقلب الموازين داخلي، يعيد تأسيس جسدي وروحي كما يرغب.
يَدخُلني من أوسع الأبواب كي يؤكد أني لم أُحب سواك.
فهل كنت تحبني حين كتبتَ تلك القصيدة؟
هل كتبت لي شيئاً؟
وحين أرمي هذه الرسالةَ على جناحِ الريح، هل ستصلك أم أن الريحَ لا تصلح كي تكون ساعي بريد وأنه يحدث جداً أن تتلصصَ على كلماتي فتقع في حبك، وترمي رسائلي في قاع النسيان؟
لا أعرف.
ثمة جنون كافٍ يتملكُني الآن في أن أستبدل الريح بالمدفأة، سأرسلها إليك على جناح النار وقبيل أن يغدرني الاحتراق، تَحترقُ.



أضف تعليق



التعليقات 5
زائر 1 | 12:34 ص هذه نثر ادبي وخاطرة وليست قصة. رد على تعليق
زائر 2 | 3:23 ص جميلة جدا رد على تعليق
زائر 3 | 4:04 ص هذه رسالة أو خاطرة ، لكن لا تدخل في اطار القصة أبدا.موفقة في اعمالك القادمة رد على تعليق
زائر 4 | 5:03 ص قصة معبرة بالتوفيق رد على تعليق
زائر 5 | 5:20 ص كلمات جميله وراقيه رد على تعليق