التلفزيون السوري: قافلة ثانية تغادر حلب ضمن عمليات الإجلاء
حلب - أ ف ب
غادر مئات المدنيين والمقاتلين شرق حللب اليوم الخميس (15 ديسمبر/ كانون الأول 2016) في اطار عملية اجلاء متواصلة الى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف المدينة الغربي، ما يمهد لبسط الجيش السوري سيطرته على المدينة بعد اكثر من اربع سنوات من المعارك الدامية.
وبارك الرئيس السوري بشار الاسد للسوريين بـ"تحرير" مدينة حلب، معتبرا ان ما يحصل "بحد ذاته تاريخ يرسم الآن اكبر من كلمة مبروك".
وتواجه الفصائل المعارضة التي طمحت الى الاطاحة بنظام الاسد، احتمال الهزيمة الكاملة في سوريا بعد خسارتها حلب، المدينة التي شهدت شوارعها تظاهرات ضخمة في العام 2011 ضد النظام قبل ان تتحول الى جبهة قسمت العاصمة الاقتصادية السابقة لسوريا الى جزأين، واحد تحت سيطرة النظام في الغرب وآخر تحت سيطرة المعارضة في الشرق.
وبدأت عملية الاجلاء صباح الخميس بتجمع آلاف المدنيين والمقاتلين في منطقة العامرية في شرق حلب، لتخرج الدفعة الاولى قرابة الساعة الثانية والنصف ظهرا (12,30 ت غ) في حوالى 30 سيارة إسعاف وحافلة وصلت بعد أكثر من ساعة الى ريف حلب الغربي الواقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
واشتملت الدفعة الاولى على نحو ألف شخص بينهم أكثر من 200 مسلح و108 جرحى بينهم ايضا مسلحون، وفق مصدر عسكري.
ووصلت مساء الخميس الدفعة الثانية من مقاتلين ومدنيين الى بلدة خان العسل في الريف الغربي.
واشار أحمد الدبيس، المسئول عن وحدة من الاطباء والمتطوعين تنسق عمليات الاجلاء والموجود في بلدة خان العسل في الريف الغربي لفرانس برس الى تلقي الوحدة اتصالا قبل وصول القافلة الثانية "لتجهيز عشر سيارات للإسعاف الطارئ، كون هناك عشر حالات حرجة تم وضعها على اجهزة تنفس".
وافاد مراسل التلفزيون السوري الرسمي انه "سيتم اخراج المسلحين وعائلاتهم على دفعات وتستمر (العملية) خلال ساعات الليل حتى انهاء الوجود المسلح في حلب".
وخلال استقبال للدفعة الاولى، نقل مراسل فرانس برس في خان العسل مشاهدته لكثيرين يرددون "عائدون" من دون ان يتوقفوا عن البكاء. وبدا كثيرون ايضا متلهفين للحصول على المياه والبسكويت من المنظمات الانسانية في المكان، بعد حصار قاس عانوا منه في الاحياء الشرقية في حلب.
وأكثر اللحظات المؤثرة كانت تمثلت في مشاهدة اشخاص من حلب كانوا عالقين خارج المدينة بسبب الحصار وهم يلتقون اقرباءهم بعد طول انتظار.
وقال الاسد في شريط مصور قصير نشرته صفحة رئاسة الجمهورية السورية على موقع "فيسبوك"، "أريد ان اؤكد ان ما يحصل اليوم هو كتابة التاريخ، يكتبه كل مواطن سوري".
واضاف "الشعب الحلبي بصموده، الشعب السوري بشجاعته وتضحيته وكل مواطن سوري وقف مع حلب ووقف مع بلده ووقف مع وطنه ووقف مع الحق. هذا بحد ذاته تاريخ يرسم الآن أكبر من كلمة مبروك".
"سنعود يوما" - وفي وقت سابق صباح الخميس، احتشد آلاف الاشخاص في منطقة تجمع المغادرين في العامرية في شرق حلب ينتظرون دورهم لمغادرة مدينتهم.
وكتب احدهم بالغبار على احدى الحافلات "سنعود يوما"، وفق ما نقل مراسل فرانس برس في المكان.
وافاد المراسل ان بعض المدنيين كانوا يبكون، فيما ودع مقاتلون افراد عائلاتهم المغادرين في الدفعة الاولى.
وبدا آخرون فرحين بالمغادرة بعد حصار طويل ارهقهم.
واظهرت صور لفرانس برس شابا يبكي وهو متربع على الارض بين الركام والى جانبه مقاتل غطى وجهه بوشاح ويحمل سلاحه الخفيف بيده.
وتأتي هذه العملية في اطار اتفاق تم التوصل اليه برعاية تركية روسية لاجلاء مقاتلي المعارضة ومدنيين من آخر المناطق التي تسيطر عليها الفصائل في شرق حلب، اثر هجوم واسع لقوات النظام السوري ضد الاحياء الشرقية استمر شهرا.
وافاد التلفزيون السوري الرسمي ان "اربعة آلاف مسلح مع عائلاتهم سيتم إخراجهم من الاحياء الشرقية".
وستتيح مغادرة الفصائل المعارضة لمدينة حلب للجيش السوري بسط سيطرته بالكامل على المدينة في انتصار يعد الاكبر له منذ بدء النزاع في سوريا قبل حوالى ست سنوات.
وقال مصدر قريب من السلطات في دمشق ان الاتفاق ينص ايضا على ان يتم إجلاء جرحى ومرضى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من فصائل المعارضة في محافظة إدلب.
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن محافظ حماة محمد الحزوري قوله انه تم "ارسال 29 حافلة وسيارات اسعاف وفرق طبية الى بلدتي كفريا والفوعة (...) لاخراج الحالات الانسانية وعدد من العائلات".
"لا مستقبل للاسد" وعانى السكان في آخر جيب انحصر فيه وجود مقاتلي المعارضة في حلب خلال الفترة الاخيرة ظروفا مأسوية، وازداد الوضع سوءا بعدما وجدوا انفسهم محاصرين بالنيران، اثر تجدد المعارك ظهر الاربعاء بعد تعليق العمل باتفاق الاجلاء الاول.
وتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد واجزاء من الاحياء الاخرى المحيطة به، بعضهم لا مأوى له.
واثار هذا الوضع مخاوف المجتمع الدولي، خصوصا بعد ابداء الامم المتحدة خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام بقتل عشرات المدنيين بشكل اعتباطي، بينهم نساء واطفال، في شرق حلب.
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الخميس ان بلاده لا ترى "مستقبلا للرئيس الاسد" في سوريا.
واضاف "حتى وان انتصر على المعارضة في حلب، ليس هناك انتصار في قصف مستشفيات او تقييد وصول المساعدة الانسانية".
واعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون انه "استدعى" سفيري روسيا وايران للتعبير عن "قلقه العميق" حيال الوضع في مدينة حلب السورية.
في نيويورك، يعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا عاجلا الجمعة بطلب من فرنسا لبحث الوضع الانساني في حلب، بحسب دبلوماسيين.
ويناقش الاجتماع التشاوري المغلق بعد ظهر الجمعة اعتبارا من الساعة 12,00 (17,00 ت غ) اجلاء الاف المدنيين والمساعدات الانسانية لسكان حلب.