تجدد المعارك والقصف في حلب بعد تعليق اتفاق لإجلاء مدنيين ومقاتلين
حلب - أ ف ب
تجددت المعارك اليوم الاربعاء (14 ديسمبر / كانون الأول 2016) في مدينة حلب السورية حيث يتعرض اخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة لوابل من القصف الجوي والمدفعي، ما يبدد آمال الالاف السكان الذين كانوا يأملون ان يتم اجلاؤهم الاربعاء بموجب اتفاق تركي روسي.
ومع تزايد مخاوف المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على مصير المدنيين، يعيش السكان في اخر جيب يتحصن فيه مقاتلو المعارضة في حلب، ظروفاً مأساوية بعدما وجدوا أنفسهم محاصرين تحت النيران إثر تجدد المعارك ظهراً بعدما كانت توقفت منذ الثلثاء.
ويتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد واجزاء من الاحياء الاخرى المحيطة به، بعضهم لا مأوى له، ينامون في الشوارع. ويعاني الجميع من الخوف والجوع والبرد.
وقال مراسل لفرانس برس الاربعاء انه شاهد عدداً كبيراً من السكان يهربون مذعورين في الشوارع إثر تجدد القصف الاربعاء من دون ايجاد مأوى يلجأون اليه. وسارع اخرون الى الاحتماء في مداخل الابنية المهدمة خشية من استهدافهم.
وتحدث عن قصف "هائل" بالمدفعية والصواريخ والطيران الحربي يطال المنطقة. ونقل مشاهدته لدبابة تابعة لقوات النظام اثناء اطلاقها القذائف.
وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن بـ"حالة خوف شديدة" لدى المدنيين. وعلق على تدهور الوضع الميداني "القصف عنيف والاشتباكات على اشدها. الامور عادت الى نقطة الصفر".
وتساقطت عشرات القذائف الاربعاء على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تزامنا مع غارات سورية كثيفة وتجدد الاشتباكات العنيفة، ما تسبب بمقتل شخصين على الاقل، وفق المرصد السوري.
وردت الفصائل باطلاق القذائف على الاحياء الغربية تحت سيطرة وقات النظام، ما تسبب بمقتل سبعة مدنيين على الاقل واصابة آخرين بجروح، وفق التلفزيون السوري الرسمي.
آخر أمل
ويأتي التصعيد بعد ساعات على انتظار الآلاف من المدنيين ومقاتلي المعارضة فجرا بدء إجلائهم من شرق حلب بموجب اتفاق تم التوصل اليه برعاية روسية تركية، الا ان عملية الاجلاء لم تبدأ في موعدها المفترض عند الخامسة فجرا (3,00 ت غ) وتم تعليق الاتفاق بعد ساعات عدة.
وتمكنت قوات النظام من السيطرة أخيرا على أكثر من تسعين في المئة من الاحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ العام 2012، ما يعد ضربة قاضية للمعارضة منذ بدء النزاع قبل اكصر من خمسة اعوام.
وحمل الجيش الروسي مقاتلي المعارضة مسؤولية خرق الهدنة، مؤكدا استئناف قوات النظام عملياتها العسكرية، فيما اتهمت انقرة النظام بتأخير تنفيذ الاتفاق.
وفي وقت لاحق، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء انه سيتصل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين مساء، لمحاولة انقاذ الهدنة. وقال ان وقف إطلاق النار هو "آخر امل" لشعب حلب "البريء".
وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن امله في "تسوية الوضع" في شرق حلب خلال يومين أو ثلاثة أيام، مضيفا ان "المقاتلين سيتوقفون عن المقاومة بعد يومين أو ثلاثة ايام".
وتبادل طرفا النزاع بدورهما الاتهامات بشأن تعطيل الاتفاق الذي كان ينص على خروج المدنيين والجرحى في دفعة اولى على ان يتبعهم المقاتلون مع اسلحتهم الخفيفة الى ريف حلب الغربي او محافظة ادلب (شمال غرب).
وقال مصدر قريب من السلطات في دمشق "علقت الحكومة السورية اتفاق الاجلاء لارتفاع عدد الراغبين بالمغادرة من الفي مقاتل الى عشرة الاف شخص".
وتطالب الحكومة وفق المصدر "بالحصول على قائمة بأسماء جميع الاشخاص المغادرين للتأكد من عدم وجود رهائن او سجناء" تابعين لها في صفوفهم.
في المقابل، أكد ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين الزنكي، أبرز الفصائل المعارضة في حلب، لفرانس برس ان "الاتفاق الاساسي لم يتضمن تزويد النظام بأسماء المغادرين" من شرق المدينة.
واتهم "قوات النظام والايرانيين تحديدا بعرقلة تطبيق الاتفاق وربطه بملفات اخرى بينها مطالب تتعلق ببلدتي الفوعة وكفريا" المواليتين للنظام والمحاصرتين من الفصائل في محافظة ادلب.
الجحيم على الأرض
وغداة مطالبة واشنطن بـ "مراقبين دوليين حياديين" في حلب للإشراف على اجلاء المدنيين، طالب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وفق ما اعلنت الرئاسة الفرنسية الاربعاء، بـ "القيام بكل شيء لإفساح المجال امام اجلائهم بكرامة وامن تحت اشراف مراقبين دوليين ومع وجود منظمات دولية".
ويثير الوضع المأساوي للسكان المحاصرين في حلب مخاوف المجتمع الدولي، خصوصا بعد ابداء الامم المتحدة خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام بقتل عشرات المدنيين بشكل اعتباطي، بينهم نساء واطفال، في شرق حلب.
وتكثفت الاربعاء الدعوات في البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ لمساعدة سكان حلب عشية قمة بين قادة الاتحاد الاوروبي.
وقال منفريد ويبر زعيم حزب الشعب الاوروبي (يمين)، الكتلة الرئيسية في البرلمان الاوروبي، إن "مئات الاف الاشخاص يعيشون الجحيم على الارض".
ودعا رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر "أطراف النزاع للنظر عبر ضباب الحرب ولو لوقت وجيز، ما يكفي اقله لتذكر إنسانيتها وان تسمح للمدنيين والنساء والاطفال بمغادرة (...) المدينة بامان".
وقالت رئيسة منظمة "اطباء العالم" غير الحكومية فرنسواز سيفينيون لوكالة فرانس برس الثلثاء "تشهد حلب اوضاعاً خطيرة للغاية، لا يزال مئة ألف شخص محتجزين على اراض لا تتعدى مساحتها خمسة كيلومترات مربعة".
ودفعت المعارك المستمرة منذ بدء الهجوم على شرق حلب في 15 تشرين الثاني/نوفمبر أكثر من 130 ألف شخص إلى الفرار من الاحياء الشرقية، نزحوا بمعظمهم الى مناطق تحت سيطرة قوات النظام في غرب حلب او تلك التي استعادتها في شرق المدينة.