حلم الأطراف الصناعية والعلاج بالخارج لمصابي «حادث العرين» يتبخر... وجميعهم عادوا مقعدين لمنازلهم
الرفاع - عبدالله حسن
![](http://www.alwasatnews.com/data/2016/5212/images/main_loc-8-1.jpg)
أكمل مصابو الحادث الذي وقع على شارع العرين، شهرهم الرابع، وقد خرجوا جميعهم من المستشفى العسكري ليجلسوا حبيسي منازلهم بأطراف مبتورة وعظام مكسَّرة وأحلام محطمة. فلم تنفع صرخاتهم ولا دموع آبائهم ولا مناشداتهم عبر جميع الوسائل المتاحة، في حصولهم على التفاتة رسمية أو من قبل أهل الخير، لمساعدتهم على علاج يعيدهم إلى حياتهم الطبيعية. وكل ما حصلوا عليه، هو إعفاء من رسوم العلاج في المستشفى العسكري لمدة عام واحد.
فالحادث الذي وقع فجر السبت (13 أغسطس/ آب 2016) خلّف وراءه جثة، وثلاثة شبان بأطراف مقطعة، واثنين بأجساد مكسرة، جميعهم في مقتبل العمر، إذ تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عاماً.
وفي بادئ الأمر وعلى رغم صعوبة معاناتهم فإنّ الحديث عن العلاج في الخارج وتركيب الأطراف الصناعية، كان بمثابة المسكِّن لآلامهم، والأمل الذي تشبثوا به إلى أن بدأ بالتلاشي شيئاً فشيئاً حتى فقدوه في هذه الأيام.
بعد انقضاء أربعة أشهر على الحادث...
حلم الأطراف الصناعية والعلاج بالخارج لمصابي «حادث العرين» يتبخر... وجميعهم عادوا مقعدين وحبيسي منازلهم
الرفاع - عبدالله حسن
أكمل مصابو الحادث الذي وقع على شارع العرين، شهرهم الرابع، وقد خرجوا جميعهم من المستشفى العسكري ليجلسوا حبيسي منازلهم بأطراف مبتورة وعظام مكسَّرة وأحلام محطمة. فلم تنفع صرخاتهم ولا دموع آبائهم ولا مناشداتهم عبر جميع الوسائل المتاحة، في حصولهم على التفاتة رسمية أو من قبل أهل الخير، لمساعدتهم على علاج يعيدهم إلى حياتهم الطبيعية. وكل ما حصلوا عليه، هو إعفاء من رسوم العلاج في المستشفى العسكري لمدة عام واحد.
فالحادث الذي وقع فجر السبت (13 أغسطس/ آب 2016) خلف وراءه جثة، وثلاثة شبان بأطراف مقطعة، واثنين بأجساد مكسرة. جميعهم في مقتبل العمر، إذ تتراوح أعمارهم بين 17 و 24 عاماً. وفي بادئ الأمر وعلى رغم صعوبة معاناتهم فإن الحديث عن العلاج في الخارج وتركيب الأطراف الصناعية، كان بمثابة المسكِّن لآلامهم، والأمل الذي تشبثوا به إلى أن بدأ بالتلاشي شيئا فشيئا حتى فقدوه في هذه الأيام، وفقدوا معه ابتسامتهم وحلمهم في العودة إلى ممارسة حياتهم بالشكل الطبيعي، ودون الحاجة إلى من يعينهم على أبسط الأمور الروتينية، كالوقوف والمشي ودخول الحمام، وغير ذلك مما باتوا لا يستطيعون فعله لوحدهم.
«الوسط» تواصلت مع المصابين وعوائلهم، ولمست تجدد معاناتهم وإحباطهم.
فمحمد عبدالعزيز خرج من المستشفى ليعود إلى منزله بدون ساقيه اللتين خرج بهما. فالشقة التي يسكن فيها مع أبويه وتقع في الطابق الخامس، تفتقد أبسط ما يحتاج إليه شخص في مثل وضعه الصحي. فهو بحاجة إلى سرير خاص وتجهيزات خاصة للحمام، وكذلك لكرسي متحرك خاص. وكل تلك الأمور وغيرها يقول والده «سجلها لي الدكتور في ورقة، لكن من أين لي المال الذي أستطيع أن اشتري به هذه المتطلبات المكلفة».
عبدالعزيز والد المصاب محمد، في العقد السادس من عمره، وهو بهذا العمر يصعب عليه حمل ابنه، وهنا تكمن معاناة أخرى لا يستطيع هذا الأب المفجوع إخفاءها. فبحسب قوله فإنه لم يترك باباً يستطيع طرقه لطلب المساعدة إلا وطرقه. لكن هذه الأبواب لم يخرج منها ما يحقق حلم ابنه في الحصول على أطراف صناعية، وكذلك لم تخرج منها أية مساعدة بالحجم الذي تستطيع إسكات صرخات ابنه من الآلام النفسية والجسدية التي يشعر بها بشكل يومي.
محمد عبدالرحمن العمري هو الآخر حبيس منزله بساق مبتورة وأخرى مصابة بتمزق في الأربطة. وقد أجريت له قبل أيام عملية نتج عنها نزيف داخلي وتجلط في الدم وانتفاخ. فالمعاناة كما يقول العمري: «لازالت مستمرة. ومنذ عودتي إلى المنزل لم أكف عن الصراخ بسبب الآلام التي أشعر بها سواء في ساقي المبتورة، أو الأخرى الممزقة، أو آلام كتفي المخلوع والذي لم يُشفَ حتى هذا اليوم والأطباء يتذرعون بأنهم سيعالجونه بعد انتهائهم من معالجة ساقي غير المبتورة».
وفي حديث سابق للعمري مع «الوسط» كان شديد التفاؤل، لكن هذه المرة غاب هذا التفاؤل عنه وحل محله الاحباط، كما أنه توقف عن البحث في اليوتيوب عن حالات مشابهة له تمت معالجتها. ذلك لأن حلمه وأصدقائه بالحصول على علاج بالخارج وحصولهم على أطراف صناعية قد تلاشى. فشاب في عمره (21 عاماً) من الصعب عليه تحمل فكرة أنه لن يستطيع المشي من جديد، والاكتفاء كما يقول: «بما يفعله لي أفراد عائلتي الذين يحملوني ليجلسوني على باب منزلنا لأشاهد من هذا الموقع حياة الشارع التي حرمت منها».
واذا كان العمري حبيساً بمنزله فإن زميله في الحادث، عبدالله سند المطوع أصبح حبيساً في سريره. حاله كما يقول والده «كالطفل الرضيع. لا يغادر سريره، ولا يدخل دورات المياه، إلا محمولاً». فهو يعاني من بتر في الساق اليسرى، جروح غزيرة في الرجل اليمنى، فصل في الكاحل، كسر في الحوض، قطع في المسالك البولية، قطع جزء من اليد اليمنى، التهاب في الرئة اليمنى. لذلك فإن أبويه يشعران بالتعب النفسي أكثر من الجسدي، وهما يعينانه على مواصلة الحياة كطفل رضيع على رغم انه شاب يبلغ من العمر 18 عاماً.
الشاب المطوع، لايزال بحاجة للعلاج ولعمليات مكلفة لا يستطيع أبواه توفير تكاليفها، وهما اللذان لم يكونا يملكان مكاناً له في المنزل بعد خروجه من المستشفى، ما اضطرهما إلى أن يهيئا له غرفتهما ليسكنها، بينما يسكنان وينامان في صالة المنزل. ولا يمثل هذا التنازل بالنسبة لهما شيئا، فهما مستعدان لفعل أي شيء لابنهما؛ كي يعود إلى ممارسة حياته دون الحاجة إلى مساعدة أحد، كما يقول والده.
ويضيف «كل ما أملكه هو تحت تصرف ابني لكن تكاليف علاجه في الخارج وتركيب أطراف صناعية باهظة، لا أملكها. لذلك بُحَّ صوتنا ونحن نناشد ونتوسل، لكن على ما يبدو لا يوجد من يسمعنا. وها أنا من جديد أتوسل قادة البلد، وأُناشد وزارة الصحة وأهل الخير والإحسان، أن يتداركوا ما يمكن تداركه بخصوص علاج أبنائنا المصابين في هذا الحادث. فيعز علينا وعلى كل صاحب ضمير حي أن يراهم يعيشون حياة المقعدين وهم في هذا العمر اليافع».
الشاب المصاب في هذا الحادث، فهد جمال عبدالله، هو الآخر طريح فراش المنزل. ومعاناته ومعاناة والديه معه لا تقل عما يعانيه البقية. ففهد أصيب بكسر مضاعف في الكتف الأيسر. وكسر في الكاحل الأيمن. وكسر في الفخذ الأيسر. وتشوه في العضلة الخلفية للفخذ الأيسر. وأجريت له أكثر من 25 عملية، خمس منها عمليات معقدة ومطولة. ومن كثر عدد العمليات يقول والده «توقفنا عن عدها، لذلك لا أعرف العدد الدقيق لها، لكنها أكثر من 25 عملية، ولايزال بحاجة للعلاج؛ كي يتشافى من هذه الاصابة».
والد المصاب فهد، صاحب دخل محدود هو الآخر. وإذا كان دخله لم يستطع توفير متطلبات ابنه لممارسة حياته في المنزل، فما بالك بمصاريف العلاج المتوافر في الخارج. وعليه يقول: «من الصعب علينا تحمل رؤية ابنائنا وهم يستسلمون لإصاباتهم على رغم ان العلاج متوافر في الخارج. ما نحتاج إليه هو التفاتة الكرماء والمحسنين، أو التفاتة من الدولة».
ووجه مناشدته إلى «سمو رئيس الوزراء، أن يمدَّ يده الكريمة لهولاء الشباب، كي ينتشلهم من آلامهم، ويحقق أحلامهم بالعودة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وتدارك ما يمكن تداركه في وضعهم الصحي. ومثل هذه الالتفاتات ليست بغريبة على شخص مثله، فلقد عوَّدنا على مواقفه الأبوية».
آخر المترجلين من المستشفى هو الشاب حسن راشد طحنون. الذي يعاني من كسر في الحوض. كسور في الساقين. كسر في الركبة. تفتت في المثانة. ماء في الرئة. التهاب في الحنجرة. وحتى ساعة خروجه من المستشفى لم تتوقف عنه العمليات الجراحية ولم يتوقف هو عن الصراخ من شدة الآلام التي يشعر بها في كامل جسده المهشم. وكل ما يملكه والده وهو يشاهده طريح الفراش لا يقوى على الحركة، سوى الدعاء لله كما يقول.
ويضيف «مِنْ بعدِ الله نحن أصحاب الدخل المحدود وفي مثل هذه المواقف لا نملك إلا مناشدة قادة البلاد أن ينقذوا ابناءنا، ويوجهوا الجهة المعنية إلى علاجهم في الخارج، فلقد طال بهم المقام وهم يصارعون بأجسادهم النحيل، إصاباتهم البليغة. فتحسنهم بطيء جدا، ومعاناتهم أكبر من قوة تحملهم، وتحملنا. فنحن آباؤهم نتقطع ألماً كل يوم أثناء مشاهدتهم وهم يتعذبون من إصاباتهم».
![](http://www.alwasatnews.com/data/2016/5212/images/main_loc-8-2.jpg)
![](http://www.alwasatnews.com/data/2016/5212/images/main_loc-8-3.jpg)
![](http://www.alwasatnews.com/data/2016/5212/images/main_loc-8-4.jpg)
![](http://www.alwasatnews.com/data/2016/5212/images/main_loc-8.jpg)