تسكين موظفي معهد البحرين للتدريب في جداول الخدمة المدنية
لم تطرح أية مشكلة في البحرين طوال الأعوام الخمسة الأخيرة، في الصحافة المحلية والمنتديات والمحافل المهنية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجلس النواب كمشكلة تسكين موظفي معهد البحرين للتدريب حتى هذه اللحظة، حتى أصبحت وكأنها مشكلة عويصة جدا يصعب حلها، وإنهاء معاناة المئات من موظفي المعهد بصورة نهائية.
لم يستطع أحد من موظفي المعهد الـ 351 الذين لم يتم تسكينهم حتى هذه اللحظة، أن ينسب إلى وزارة التربية والتعليم وديوان الخدمة المدنية الفشل في إيجاد حل ناجع لهذه المشكلة البسيطة، ما لم تعلن أحدهما أو كلاهما ذلك.
ليس من المعقول بقاء مشكلة بسيطة، كمشكلة تسكين الـ 351 موظفا في الهيكل الوظيفي (على جداول ديوان الخدمة المدنية) المعتمد لدى الخدمة المدنية أكثر من خمسة أعوام دون حل، كيف تقبل التربية والخدمة المدنية من الناحية المهنية تعطيل المصالح المهنية والمادية لهذه الفئة من الموظفين، ألم يعلما (التربية والخدمة المدنية) أن عدم حل هذه المشكلة يجعل هذه الفئة من الموظفين تعاني كثيرا من حجم الخسائر المادية والضغوط النفسية والمعنوية التي تثقل كواهلهم في كل يوم من التسويف واللامبالاة ؟ إذا كانا يعلمان بكل ذلك، فتلك مصيبة، وإن كانا لا يعلمان فالمصيبة أعظم؛ لأننا نعتقد أن جل أبناء البحرين وغيرهم من الوافدين والأجانب والمقيمين يعلمون عن هذه المشكلة بكل تفاصيلها وحيثياتها، بعد تكرار طرحها في الأماكن والمواقع ومحافل مختلفة في البلاد طوال الأعوام الخمسة الأخيرة، وتكاد هذه المشكلة تحفظ عن ظهر قلب لدى الكثيرين من المتابعين لهذا الشأن المهني.
فالكل يتذكر ما قاله سعادة وزير التربية والتعليم في مجلس النواب والذي نشر بصحيفة «الوسط» في العدد (3857) في يوم السبت (30 مارس/آذار2013)، خلال رده على سؤال النائبة السابقة ابتسام عبدالرحمن هجرس، بشأن منح موظفي معهد البحرين للتدريب الزيادة ذاتها التي تم منحها لجميع موظفي الحكومة دون استثناء، إن «الوزارة، والكلام لوزير التربية والتعليم، تقوم بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية لتعديل أوضاع موظفي المعهد، وإدماجهم ضمن أنظمة الخدمة المدنية من خلال إقرار الهيكل التنظيمي الجديد لمعهد البحرين للتدريب، وتسكين الموظفين عليه، ليتسنى لهم الاستفادة من زيادة الرواتب التي تمت، وتعديل وضع المعهد بما يتفق مع أحكام قانون الخدمة المدنية رقم (48) لسنة 2010 ولائحته التنفيذية».
وأضاف الوزير أن «المادة رقم (1) من المرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 بإصدار قانون الخدمة المدنية تنص على أنه، مع مراعاة ما تنص عليه المادة (4) في هذا القانون، يعمل في المسائل المتعلقة بشئون الخدمة المدنية بالدولة بالأحكام الواردة في هذا القانون، تسري أحكامه على جميع الموظفين المدنيين في الجهات الحكومية ممن يتقاضون رواتبهم أو جزءاً منها من الموازنة العامة للدولة».
وأكد الوزير أيضا أن «معهد البحرين للتدريب تم نقله إلى الهيكل التنظيمي لوزارة التربية والتعليم في يوم (6 إبريل / نيسان 2011) بموجب مرسوم رقم (24) لسنة 2011 بتعديل المرسوم رقم (29) لسنة 2006 بإعادة تنظيم وزارة التربية والتعليم».
أكثر من خمسة أعوام وملف التسكين ساكن لا يتزحزح من مكانه قيد أنملة، لماذا؟ هل التنسيق بين وزارة التربية والتعليم وديوان الخدمة المدنية مفقود إلى هذه الدرجة؟ فلو كان بينهما تنسيق فاعل لما حدث كل هذا التأخير المفرط في تسكينهم على جداول الخدمة المدنية الذي فاق كل التوقعات.
في الواقع أن معهد البحرين للتدريب قد تحوّلت أحواله رأساً على عقب في الأعوام الخمسة الأخيرة، ما جعله يعاني كثيرا من الإخفاقات والتراجعات في الكثير من الأقسام، ومن ضمنها: التسجيل والقبول، خبرة وكفاءة الإدارة والمدربين، نسبة النجاح، معايير التوظيف، برامج التدريب، التدقيق الداخلي، الأقسام الإدارية، انتداب الموظفين، الشئون المالية والإدارية، المواد التدريبية، الأصول الثابتـــة، الزيادات والعلاوات والبعثات، تطبيق القوانين، انجازات المعهد، العلاقة مع سوق العمل، وجميعها جعلت المعهد يخفق كثيرا في تلبية احتياجات سوق العمل في الجانب التدريبي، ولم تعُد له أهمية تدريبية لدى الشركات الكبرى التي كانت تتعامل معه سابقا، فهذا ما أدى إلى تراجع كبير في إيرادته المالية، وكما قلنا سابقا فإن معهد البحرين للتدريب يمر بأوضاع صعبة جدا في مختلف الاتجاهات التدريبية، ولم يكن ذلك المعهد الذي كان رافدا مهما في البلد بالجانب التدريبي.
يحتاج المعهد من الجهة المعنية بتنمية وتطوير التدريب في البلاد إلى إعادة النظر في الوضع الحالي للمعهد وفي أحوال 351 موظفا الذين لم يتم تسكينهم في جداول الخدمة المدنية حتى الآن، وتعويضهم عن كل الخسائر التي نجمت عن تأخير حل هذه المشكلة البسيطة، لكي يعود المعهد إلى مكانته التدريبية البارزة التي تحقق طموحات الوطن.