الجيش السوري يتقدم مجدداً في شرق حلب والمعركة تدخل "مرحلتها الاخيرة"
حلب - أ ف ب
أحرزت قوات النظام السوري والمجموعات الموالية لها اليوم الإثنين (12 ديسمبر/ كانون الأول 2016) تقدماً جديداً في مدينة حلب، حيث باتت سيطرة الفصائل المعارضة تقتصر على أقل من عشرة في المئة من الأحياء الشرقية، تزامناً مع نزوح أكثر من عشرة آلاف مدني خلال الـ24 ساعة الماضية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن لوكالة "فرانس برس" إن "المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حالياً لا تشكل إلا جزءاً قليلاً، ومن الممكن أن تسقط في أي لحظة". وأضاف "يمكن القول ان معركة حلب بدأت الدخول في المرحلة الاخيرة، بعد سيطرة قوات النظام على أكثر من تسعين في المئة من مساحة الاحياء الشرقية".
ومن شأن خسارة حلب أن تشكل نكسة كبيرة وربما قاضية للفصائل المقاتلة، في حين قال الرئيس السوري بشار الاسد إن حسم المعركة لصالحه سيشكل "تحولاً في مجرى الحرب" و "محطة كبيرة" باتجاه انهاء النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.
وتمكنت قوات النظام اليوم وفق المرصد وتحت غطاء جوي كثيف، من السيطرة على حي الشيخ سعيد الاستراتيجي في جنوب الاحياء الشرقية بعد معارك مستمرة منذ أشهر.
كما تمكنت من استكمال السيطرة على حي الصالحين الذي كانت تسيطر على اجزاء منه وعلى اجزاء كبيرة من حي كرم الدعدع، وباتت تسيطر ناريا على حي الفردوس، وفق المرصد.
وأكدت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان وحدات من الجيش والقوات الرديفة اعادت "الامن والاستقرار الى عدد من الاحياء والمناطق في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة حلب" بينها الشيخ سعيد والصالحين وكرم الدعدع.
ونقلت عن مصدر عسكري أن وحدات الجيش "تتابع تقدمها باتجاه احياء الكلاسة وبستان القصر وسوق الهال".
وذكرت مراسلة "فرانس برس" الموجودة في غرب حلب أن دوي الغارات والقصف على القسم الشرقي لم يتوقف طيلة الليل بشكل عنيف ومكثف.
وبحسب عبدالرحمن، تحتفظ الفصائل المقاتلة حاليا "بسيطرتها بشكل كامل على حيين اثنين هما المشهد والسكري في حين تتقاسم السيطرة مع قوات النظام على الاحياء الاخرى المتبقية"، علما أن ثلاثة منها على الأقل مقسومة بين الطرفين منذ العام 2012، وهي أحياء صلاح الدين والعامرية وسيف الدولة.
ويرى كبير الباحثين في مركز كارنيغي للشرق الاوسط يزيد الصايغ ان السيطرة على مدينة حلب "ستشكل انجازا كبيرا للنظام"، فضلاً عن أنها "ستكسر ظهر المعارضة المسلحة... ويصبح من الممكن اخيرا تجاوز التفكير بإمكانية الاطاحة بالنظام عسكريا".
واحرزت قوات النظام والمجموعات الموالية لها منذ بدئها هجوما في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، تقدماً سريعاً في شرق حلب. ودفعت المعارك المستمرة عشرات الآلاف من المدنيين إلى النزوح من الأحياء الشرقية، معظمهم إلى أحياء تحت سيطرة قوات النظام.
واحصى المرصد الاثنين نزوح أكثر من عشرة آلاف مدني من الاحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل إلى القسم الغربي أو الاحياء التي استعادها الجيش مؤخراً.
وبات عدد المدنيين الذي فروا منذ منتصف الشهر الماضي نحو 130 ألفا وفق عبدالرحمن، الذي أشار إلى أن "بعض الاحياء تحت سيطرة الفصائل باتت خالية تماما من السكان، فيما تضم أحياء أخرى عشرات آلالاف من المدنيين الذين يعانون من اوضاع إنسانية مأساوية".
واكد عبدالرحمن وجود "مخاوف حقيقية على من تبقى من المدنيين في أحياء المعارضة والذين يقدر عددهم بعشرات الالاف"، معتبراً أن "كل قذيفة تسقط تهدد بارتكاب مجزرة في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير".
وحذرت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) الاحد من ان "جميع الاطفال" في مدينة حلب "مصدومون".
وقال مدير مكتب المنظمة في حلب رادوسلاف رزيهاك الذي يعمل منذ 15 عاماً مع المنظمة لوكالة "فرانس برس": "لم ار في حياتي هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه الاطفال في حلب".
ومنذ بدء هجوم قوات النظام، قتل 415 مدنيا بينهم 47 طفلاً في شرق حلب فيما قتل 139 مدنيا بينهم اربعين طفلا جراء قذائف اطلقها مقاتلو المعارضة على غرب المدينة.
ويتزامن تقدم قوات النظام في شرق حلب مع تراجعها في وسط البلاد، حيث تمكن تنظيم "داعش" من السيطرة على مدينة تدمر الاثرية بعد ثمانية أشهر على طرده منها بغطاء جوي روسي.
وافاد المرصد اليوم "بإعدام التنظيم ثمانية مسلحين موالين للنظام في تدمر، فيما قتل اربعة مدنيين بينهم طفلان جراء إصابتهم بطلقات نارية خلال تمشيط التنظيم للمدينة".
وتمكن المتشددون على اثر سلسلة هجمات شنوها الخميس الماضي في ريف حمص الشرقي من التقدم في المنطقة والدخول الى تدمر السبت لساعات قصيرة قبل انسحابهم منها تحت وابل الغارات الروسية الكثيفة فجر الاحد.
الا ان التنظيم تمكن مجددا الاحد من السيطرة على المدينة على رغم القصف الجوي الروسي، وذلك على إثر انسحاب الجيش السوري منها باتجاه الريف الجنوبي، وفق المرصد.